لم أتخيل أن تنفذ تلك الرسالة الإنسانية التي يحملها ذلك الفيلم العبقري إلي مواطنين أمريكيين، وفي عمر الشباب بهذه القوة وذلك العمق! علي موقع »الفيس بوك« كتبت كاترين من الولاياتالمتحدةالأمريكية وعمرها 61 سنة تعليقا في جملة واحدة: »اسمي خان.. ولست إرهابيا«. إنها الجملة المكثفة التي لخصت فكرة الفيلم الهندي الرائع »اسمي: خان« والتي كان يرددها بطل الفيلم طوال الوقت في اصعب المواقف أملاً في أن يفهم أحد. عندما قرأت تعليق كاترين فرحت، فالرسالة قد وصلت، وهذا هو البعد الأجمل والأعمق للدراما بشكل عام، وللسينما بشكل خاص. أن تذوب الرسالة الأخلاقية أو الفكرية في نسيج العمل السينمائي، مدعمة بنص قوي، مدروس، ينطق بالإبداع وإخراج يجسد بفهم وعلم وبحث في جذور المشكلة اسباب هذا اللبس، والخلط وعدم الفهم الذي لا يفرق في الذهنية الغربية وخاصة الأمريكية بين الإسلام والإرهاب. وتمثيل علي أعلي مستوي من الإبداع.. فمن المؤكد ان تكون النتيجة مبهرة.. وهو ما حدث بالفعل. هناك ناس أخيار.. وناس أشرار في كل مكان وكل زمان في كل جنسية وكل ديانة. هناك مسلمون طيبون ومسلمون أشرار. وهناك مسيحيون طيبون ومسيحيون أشرار. وهذا ستقابله يا بني في حياتك كلها«. هذا الحوار دار بين أم خان »عندما كان طفلا صغيرا يعاني من مرض - التوحد -« وبين طفلها الصغير. هذه الكلمات ظلت محفورة في عقل الصغير الذي يجعله مرضه العقلي يحفظ جملا بذاتها، ويظل يكررها كما هي. أصبحت هذه العقيدة أو هذا الفهم العميق للخير والشر هي دستور »خان« في حياته، أن يكون خيراً لا شريرا. أن يكون مسلماً خيراً. وهذا يقتضي ألا يكذب، ألا يخدع، ألا يسرق، ألا يقتل، ألا يؤذي أحداً، بل يحاول أن يمد يده لمساعدة الضعفاء والذين يعيشون في محنة أو كارثة. يسافر الأخ الأصغر ل»خان« إلي أمريكا. وهنا بدأت المواجهة الحقيقية لهذا الإرتباك في الفهم عند الأمريكان تجاه المسلمين تظهر في أحداث الفيلم المتصاعدة بتقنية فنية عالية، وأداء أكثر من مبهر لبطل الفيلم الذي يؤدي دور »خان« - وللأسف لا أذكر اسمه - الصراع الذي يعكس عدم الفهم المتبادل، وعدم التسامح الموجود في الجبهتين. وهذا يظهر في المشاهد التي تحكي رفض شقيق خان لزواجه من هندوسية صاحبة محل كوافير لأنها ليست مسلمة، ولأن الهندوس لا يحبون المسلمين. لكن »خان« الذي تربي علي يد أم ناضجة، حكيمة لا يفرق بين الناس حسب ديانتهم، بل حسب أفعالهم وخصالهم.. فهناك دائماً ناس طيبون.. وناس أشرار، لكن شقيقه لا يؤمن بهذا ويقاطع حفل زفافه! الفيلم العبقري: »إسمي خان« يحتاج لمساحة أكبر من مساحة تلك المقالة بكثير لأنه فيلم يحمل معني، فكرة، رسالة، جمال، سينما. كل شيء.. كل شيء. وفوق كل هذا رؤية بالغة الروعة والفهم لمعني الحياة وجوهرها الحقيقي الذي يعطي للأشياء مذاقها، وللمشاعر نبضها. شكراً لكل صناع هذا الفيلم.