دعا وزير الخارجية سامح شكري الاتحاد الأوروبي إلي وقفة صادقة مع النفس حول موقفه السلبي تجاه سبل التعامل مع خطر الإرهاب والتطرف والذي يصل إلي حد غض الطرف عن ممارسات بعض الدول والكيانات الإقليمية التي تقدم دعماً صريحا للتنظيمات الإرهابية سواء بالتمويل أو بالسلاح أو بالإيواء، أو بالدعاية والترويج الإعلامي. أعربت مصر عن بالغ انزعاجها إزاء عدم اتخاذ الاتحاد الأوروبي لخطوات فعالة لمنع نشر أفكار التطرف التي تبثها قنوات تابعة لتنظيمات متطرفة أو إرهابية عبر الأقمار الصناعية الأوروبية. جاء ذلك خلال رئاسة شكري أمس الاجتماع السابع لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي في بروكسل، الذي ينعقد لأول مرة بعد توقف دام سبع سنوات منذ انعقاد الاجتماع السادس في عام 2010 برئاسة سامح شكري وزير الخارجية لوفد مصر، بينما ترأست الجانب الأوروبي »فدريكا موجيريني» نائبة رئيس المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية. وشدد وزير الخارجية علي أن علاقات الشراكة بين الطرفين يجب أن تقوم علي الاحترام والتقدير المتبادل، رافضاً ما يوجهه الاتحاد الأوروبي من انتقادات للأوضاع الداخلية في مصر استناداً إلي معايير مغلوطة ومنطق متناقض يفتقر إلي الموضوعية، ومنوها إلي أن أحدا لا يملك الحق في تنصيب نفسه حكما علي الآخرين. كما أعربت مصر عن رفضها لتزايد حالات الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية في أوروبا، مشددةً علي ضرورة البعد عن سياسة غلق الحدود والتصدي للنزعات الحمائية، والتأكيد علي المسئولية المشتركة في تناول قضايا الهجرة، وتحقيق التوازن المنشود في هذا الإطار بين البعدين التنموي والأمني. وقال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية ان الاجتماع جاء تتويجا لجهود متواصلة خلال العامين الماضيين بهدف إعادة إحياء البنية المؤسسية لاتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي، وهو ما تمخض عنه التوصل إلي اتفاق في ديسمبر الماضي حول »وثيقة أولويات المشاركة المصرية الأوروبية» والتي تحدد المبادئ والأطر التي ستحكم التعاون بين الجانبين خلال فترة الأعوام الثلاثة القادمة 2017-2020، وتشمل عدداً من المجالات الحيوية اتساقاً مع أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المصرية التي أفردتها »رؤية التنمية المستدامة: مصر 2030». وأكد الجانبان المصري والأوروبي عزمهما علي البدء الفوري في ترجمة وثيقة أولويات المشاركة إلي برامج تعاون محددة خلال الفترة القادمة، حيث يتوقع أن يتم إقرار حزمة من البرامج التنموية بتمويل أوروبي في مجالات دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والطاقة، ودعم المرأة والشباب، ومواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية و تعزيز قدرة مصر علي التعامل مع التبعات الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة الهجرة. وأكد الاتحاد الأوروبي علي دعمه الكامل لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي تنفذه مصر بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، معرباً عن التزامه بمساندة مصر لتحقيق الاستقرار والتنمية المنشودة، باعتبار ذلك يعد حجز الزاوية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط، وبما يصب بشكل مباشر في مصلحة تحقيق الاستقرار والأمن والرخاء في القارة الأوروبية. وأضاف المتحدث الرسمي، أن مصر انتقدت بشدة خلال الاجتماع موقف الاتحاد الأوروبي السلبي بالإصرار علي إقرار برنامج التعاون في إدارة الموارد المائية في حوض النيل بالتعاون مع مبادرة حوض النيل رغم تجميد مصر لمشاركتها في المبادرة، وهو الأمر الذي تري مصر أن من شأنه أن يزيد من حالة الانقسام بين دول الحوض، بدلاً من تشجيعها علي التوافق ورأب الصدع، في مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي والممارسات التي يلتزم بها الاتحاد الأوروبي نفسه في تناوله لموضوعات التعاون في أحواض الأنهار العابرة للحدود في أوروبا وغيرها من المناطق علي مستوي العالم. و تناول الاجتماع أيضا التنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبي إزاء عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلي رأسها الوضع في ليبيا والأزمة السورية وسبل إعادة إحياء عملية السلام، فضلاً عن الأزمة مع قطر، حيث ثمّن الاتحاد الأوروبي الدور المصري الداعم للاستقرار والسلام في المنطقة. وكان شكري قد استعرض مساء أول أمس مع موجيريني مختلف عناصر الموقف العربي الرباعي ضد قطر مؤكدا علي ان ما قدمته مصر من تضحيات من دماء ابنائها وموارد شعبها لا يجعلها في موضع يقبل المساومة علي المطالب التي تم تقديمها لقطر. وقد استمع الجانب المصري من » فريدريكا موجيريني» للرؤية الاوروبية للتعامل مع الأزمة، ومع قضية مكافحة الارهاب بشكل عام.