عدم تنظيم الباعة الجائلين يهدر 62 مليار جنيه سنويا الخبراء: أداة لتعذيب المواطنين..وغياب الرقابة يغتال حقوق المارة هنا تتجلي العشوائية واللامبالاة في أسوأ صورها.. هنا يمكن أن تقع الجريمة في لحظات.. كباري وأنفاق المشاه المجني عليهما دائما.. باعة جائلون يحتلونها وقمامة وأتربة تغطي سلالمها مخفية وراءها العديد من كباري وانفاق المشاه التاريخية.. مشادات يومية نراها اعلي كوبري او داخل نفق بسبب انتشار الباعة الذين احتلوا نصف المساحة بهما وأعاقوا حركة المشاه عليهما.. وجه آخر مخيف يتعرض له المشاه علي الكباري أو داخل الانفاق التي يمكن أن تتحول ليلا إلي أوكار لبيع المخدرات أو ساحة لممارسة كافة اشكال الاعمال الخارجة علي القانون،ولا يملك المارة سوي الصمت، فأقصي أمانيهم أن يمروا بسلام وتنتهي رحلتهم عبر تلك الانفاق والكباري علي خير.. بعدما تحولت تلك المنشآت من وسيلة لتيسير حياة الناس إلي مصدر دائم للإزعاج والخطر. »الاخبار» تجولت داخل بعض الانفاق والكباري لرصد الحالة الصعبة التي وصلت اليها العديد من كباري وانفاق المشاه وسط ضعف بل وغياب تطبيق القوانين. البداية كانت مع كوبري مشاه غمرة الذي تحول الي سوق عشوائية صغيرة يديره الباعة الجائلون..فبمجرد ان تطأ قدماك سلم الكوبري تجد عند المدخل علي يمنه ويساره باعة يفترشون الجانبين يعرضون بضائعهم ويستعرضونها بصرخاتهم المعتادة لجذب الزبائن. في المقابل تجد علامات الضجر والضيق ترتسم علي وجوه المارة ومستخدمي الكوبري الذين يشعرون أن هؤلاء الباعة اغتصبوا حقهم في السير بحرية، والتحرك في أمان، فبدلا من ان يستخدم هذا الكوبري لغرضه الحقيقي في توفير مساحة تتيح لمستخدمي الكباري المرور بسلاسة اصبح المشي علي هذا الكوبري أشبه بالمعركة، بعدما ضاقت المساحات المتاحة للمارة، وصار العبور بطابور طويل ممتد، ولا يخلو الأمر أحيانا من مشاجرات بين المواطنين وبين الباعة. موقف توك توك ولا يختلف الوضع كثيرا عند كوبري المشاة بمسطرد، والذي تحتل أكوام القمامة جانبيه وتجد عند مدخله ومخرجه موقفا لسائقي »التوك توك» الذين ينتظرون الزبائن القادمين، ليتحول الكوبري إلي موقف عشوائي يلتهم تحت أعين الأجهزة المحلية حرم الطريق، ومعها حقوق المشاة. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تحول هذا الكوبري التاريخي إلي سوق بوضع اليد تنتشر فيه أكشاك بيع المأكولات والمشروبات تمارس كل أنواع المخالفات بجوار ترعة الإسماعيلية، التي تمثل شريانا رئيسيا لتغذية العديد من المحافظات دون وجود رقيب او رادع اليهم. وإذا كان النهار هو ساحة المخالفات علي كوبري المشاة بمسطرد، فإن الليل هو ساحة الجرائم، حيث يتحول الكوبري ليلا إلي وكر وملاذ للبلطجية والمجرمين حسبما يقول المواطنون بالمنطقة، ويشيرون إلي كثير من البلطجية وباعة المخدرات يستغلون ضعف التواجد الأمني ليلا ليرتكبوا جرائمهم. ولا يختلف الأمر كثيرا في كوبري المؤسسة، فقد تم إنشاء هذا الكوبري منذ فترة قريبة ورغم ذلك هناك العديد من الشكاوي التي جعلته يتحول من منقذ للمواطنين إلي أداة لتعذيبهم، فالباعة الجائلون يحتلون المدخل الرئيسي وتحديدا بائعو الفاكهة الذين تحدوا القانون وافترشوا الطريق، ولم يتركوا سوي سنتيمترات معدودة لعبور المواطنين. ولا تقتصر الشكوي علي الباعة فقط، فقد تحول صعود السلم إلي تعذيب حقيقي بسبب ارتفاع درجاته، والتي باتت تمثل معاناة حقيقية وبخاصة لكبار السن والمرضي. مدينة تحت الارض وعلي بعد خطوات توجد معاناة أخري لا تقل قسوة، اسمها نفق شبرا الخيمة.. علي أبواب النفق الذي يشبه مدينة تحت الارض يخرج ويدخل منه وإليه آلاف المواطنين يوميا علي وجوههم ترتسم علامات الذعر يصاحبها تساؤلات عدة أولها.. من يحكم تلك المدينة القابعة تحت الارض؟.. معظم السلالم مهشمة.. حتي ان أما كانت تصطحب أطفالها الثلاثة تعثرت قدماها وكادت تسقط عشرات الدرجات من السلم المظلم، لولا أن أيادي المجاورين لها تدخلت في اللحظة المناسبة لإنقاذها من مصير مؤلم. الطرقات المظلمة للنفق، تجعل مئات المواطنين العابرين له كألاشباح.. رائحة مياه الصرف الصحي »النتنة» بسبب وجودها لأيام طويلة في النفق، جعلت المارة يسدون أنوفهم وهم يهرولون بعيدا عنها لتتلقفهم مضايقات الباعة الجائلين الذين انتشروا في ما يقرب من 18 فتحة من عيون النفق المختلفة التي تصب في مختلف مناطق شبرا الخيمة الباعة هنا يبيعون بضائعهم من كل شكل ولون، من الأحذية والملابس، وحتي الشاي والساندويتشات، تلاحم غريب ما بين ذرات التراب، ورائحة مياه الصرف الصحي، والحرارة المنبعثة من - نصبات - الشاي، وروائح الأطعمة التي يتم تجهيزها علي فتحات النفق، تصيب من يشاء قدره عبور هذا النفق علي وشك الاختناق. لكن تلك المضايقات لا تقارن بما يواجهه المارة علي يد المتسولين، الذين يحتلون درجات سلم النفق، إضافة إلي بعض الاسر التي أتخذت من النفق مأوي لهم ولأطفالهم لممارسة كافة أشكال السرقة والبلطجة والاعمال المنافية للآداب وذلك مع بداية خيوط الليل، وتنتشر عند فتحات النفق المتعددة الكثير من عيون »الناضورجية» الذين يطلقون كلمة السر والتحذير من أي خطر قادم. مخالفات جسيمة هذا الوضع الصعب، يتكرر بصور مختلفة في معظم كباري وأنفاق المشاة بالقاهرة الكبري، حتي تحولت رحلة المواطنين اليومية عبرها إلي خطر حقيقي لا تحمد عواقبه، وهو ما دعا العديد من الخبراء إلي المطالبة بإعادة النظر في العديد من الإجراءات المتبعة في تأمين وتنظيم الحركة بتلك الكباري والأنفاق- إن كانت موجودة من الأساس- ويقول الدكتور حسام البرمبلي أستاذ العمارة والتخطيط بجامعة عين شمس أن كباري المشاه والأنفاق هي وسيلة حركة آلية يتم انشاؤها من اجل التيسير علي المواطنين وليس العكس، فهي اماكن غير مخصصة للباعة ومن المفترض ان كل محافظة بها أماكن مخصصة لهم، ففي محافظة القاهرة علي سبيل المثال وتحديدا بمنطقة السيدة عائشة تم تخصيص اماكن خلفية للباعة الجائلين ومتوافر بها كافة الخدمات التي يحتاجونها بالاضافة لانشاء ادارة تختص بشئونهم، بدلا من اغتصاب مساحة المواطن داخل النفق او علي الكوبري بالاضافة لأرتكابهم مخالفات جسيمة مثل سرقة الكهرباء وتعريض حياة المواطنين للخطر في بعض الأحيان لاستخدام موقد صغير او أنبوبة داخل الانفاق. و يشير إلي انه حتي لا تتحول هذه الكباري إلي قنابل موقوتة يجب أن تكون تحت الرقابة وأن تتكاتف كافة الجهات المعنية لانقاذها من الحال الذي وصلت اليه، خاصة مع تحول أغلب هذه المناطق إلي أسواق عشوائية صباحا والي اوكار للبلطجية مساء. خطر اقتصادي وأمني ويقول اللواء مجدي البسيوني الخبير الأمني انه يجب أن نضع تحت كلمة بائع متجول آلاف الخطوط، فالبعض أصبح يستبيح هذه الكلمة ويتخذ من كل مكان حقا له تحت شعار كلمة بائع متجول دون اصدار اي ترخيص له ودون معرفة أي سجل اجرامي سابق أيضا. ويشير إلي أن هؤلاء الباعة يمثلون خطرا اقتصاديا وامنيا أيضا لأن البعض منهم يستغل هذه الأنفاق في بيع وتجارة المخدرات أو للسرقة وبالتالي هو يخرج عن الاطار الصحيح ويستحل حقا ليس حقه تماما. ويعبر الدكتور حمدي عرفة خبير الادارة المحلية عن استيائه من إهمال ملف الباعة الجائلين والأسواق العشوائية، ويشير إلي ان ذلك يأتي نتيجة سوء تعامل الحكومة مع ملف الاسواق العشوائية والباعة الجائلين لانه يجب ان يتم الاتفاق بين صندوق تطوير المناطق العشوائية ووزارة التجارة والصناعة لإنشاء أسواق حديثة متطورة بديلة للأسواق العشوائية الموجودة وان يقوم الصندوق بإعداد خريطة قومية للأسواق العشوائية وإعداد دراسة عن الإطار المؤسسي بجميع الجهات ذات الصلة بالأسواق وإعداد الخطة القومية لتطوير الأسواق العشوائية. ويشدد عرفة علي ضرورة قيام الصندوق بتطوير عدد من الأسواق العشوائية، كما يجب ان يتم وضع خطة تطوير الاسواق العشوائية وفي تقديري ان عدم توفير اسواق للباعة الجائلين يجعل الدولة تهدر 62 مليارا سنويا سرقة تيار وايجار اسواق عشوائية. و يطالب د.عرفة مجلس المحافظين أن يقوم بتفعيل قانون الباعة الجائلين رقم 105 لعام 2012 الذي يقضي بعدم بيع أي سلعة الا بعد الحصول علي رخصة من الحي المختص وان من يخالف ذلك يطبق عليه غرامة 500 جنيه وحبس شهر في اول مرة و5000 جنيه وحبس 6 شهور في المرة الثانية وان عدم تطبيق قانون الباعة الجائلين سبب ازمة في ربوع البلاد من حيث تشويه المنظر الحضاري وسرقة التيارات الكهربائية فضلا علي التكدس المروري واعاقة المارة.