أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر تخوض يومياً حرباً ضروساً ضد التنظيمات الإرهابية في شمال سيناء، مؤكداً ان مصر تحقق في تلك الحرب انتصارات مستمرة وتقدماً مطرداً، وتحرص علي ضبط وتيرة ونطاق الحرب بحيث يتم استئصال الإرهاب بأقل خسائر ممكنة مع الحفاظ علي أرواح المدنيين من أبناء شعبنا العظيم. وقال الرئيس السيسي إن معركة مصر هي جزءٌ من الحرب العالمية ضد الإرهاب، ونحن ملتزمون بهزيمة التنظيمات الإرهابية وحريصون علي مد يد العون والشراكة لكل حلفائنا في المعركة ضد تلك التنظيمات في كل مكان. جاء ذلك في كلمة الرئيس السيسي خلال اعمال القمة العربية الإسلامية الأمريكية أمس في الرياض. ونقل السيسي في كلمته تحية من مصر بمسلميها وأقباطها، وحضارتها الممتدة عبر آلاف السنين، وأرضها التي كانت ملتقي للإسلام والمسيحية واليهودية. وتابع الرئيس »لعلكم تتفقون معي في وجود مصلحة أكيدة لنا جميعاً في ترسيخ هذه القيم الإنسانية» مشيراً الي انه لنا أيضاً دور اساسي في التصدي لمسببات الشقاق والصراع والتطرف وأقصد تحديداً خطر الإرهاب الذي بات يمثل تهديداً جسيماً لشعوب العالم أجمع. وشدد الرئيس علي أن مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره تتطلب إلي جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية. وتساءل الرئيس السيسي قائلا: كيف يمكن تفعيل هذه المقاربة الشاملة علي أرض الواقع ووفق أي أساس؟ مضيفاً ولتسمحوا لي هنا أن أطرح أربعة عناصر ضرورية في ذلك السياق. وقال ان اول تلك العناصر هي: إن الحديث عن التصدي للإرهاب علي نحو شامل يعني مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز مشيرا الي انه لا مجال لاختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين.. فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية.. تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم.. تشمل الأيديولوجية.. والتمويل.. والتنسيق العسكري والمعلوماتي والأمني. وشدد الرئيس علي انه لا مجال لاختصار المواجهة في مسرح عمليات واحد دون آخر.. وإنما يقتضي النجاح في استئصال خطر الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن علي جميع الجبهات. وفيما يخص العنصر الثاني قال الرئيس هو أن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة.. مواجهة كافة أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح.. والدعم السياسي والأيديولوجي. وقال إن الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح.. وإنما أيضا من يدربه.. ويموله.. ويسلحه.. ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي. وأضاف: دعوني أتحدث بصراحة وأسأل: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين.. ومعالجة المصابين منهم.. وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها.. كالبترول مثلاً؟ مَن الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون علي التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟ واشار الرئيس الي إن كل مَن يقوم بذلك هو شريكٌ أصيلٌ في الإرهاب فهناك.. بكل أسف دول تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم. وأكد الرئيس أن هناك دولاً تأبي أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب.. حتي مع الإنتربول. وحول ثالث عناصر الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب قال السيسي انها القضاء علي قدرة تنظيماته علي تجنيد مقاتلين جدد من خلال مواجهته بشكل شامل علي المستويين الأيديولوجي والفكري. وشدد الرئيس علي ان المعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بامتياز والمواجهة الناجحة للتنظيمات الإرهابية يجب أن تتضمن شل قدرتها علي التجنيد واجتذاب المتعاطفين بتفسيراتٍ مشوهة لتعاليم الأديان.. تُخرجُها عن مقاصدها السمحة.. وتنحرف بها لتحقيق أغراض سياسية. وأضاف الرئيس قائلا ولعلكم جميعا تذكرون.. أنني طرحت منذ عامين مبادرة لتصويب الخطاب الديني.. بحيث يُفضي ذلك لثورة فكرية شاملة.. تُظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامي السمح.. وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيراتٍ خاطئة.. وذرائع لتبرير جرائم لا مكان لها في عقيدتنا وتعاليم ديننا. وأعرب عن ثقته أن هذا الجانب لا يقل أهمية عن المواجهات الميدانية لاستئصال التنظيمات الإرهابية. وقال الرئيس إنه لا مفر من الاعتراف بأن الشرط الضروري الذي يوفر البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية هو تفكك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية في منطقتنا العربية. واكد الرئيس أننا واجهنا في الأعوام الأخيرة محاولات ممنهجة.. وممولة تمويلاً واسعاً.. لتفكيك مؤسسات دولنا.. وإغراق المنطقة في فراغٍ مدمر.. وفر البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف شعوبنا في صراعات طائفية وعرقية، مؤكداً أن ملء الفراغ الذي ينمو وينتشر فيه الإرهاب يستلزم بذل كل الجهد من أجل استعادة وتعزيز وحدة واستقلال وكفاءة مؤسسات الدولة الوطنية في العالم العربي بما في ذلك تلبية تطلعات وإرادة الشعوب نحو النهوض بالدولة. وقال الرئيس ان جهود مصر في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه لا يمكن أن يكتب لها النجاح وتصبح واقعاً ملموساً إلا من خلال تسوية القضية الفلسطينية عن طريق حل عادل وشامل ونهائي.. علي أساس مبدأ حل الدولتين ومرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة.. واختتم السيسي كلمته »إن مصر كانت رائدة دائماً في السلام والانفتاح علي مختلف الشعوب والثقافات.. وسيبقي الشعب المصري دائماً.. سباقاً في مد يد التعاون والتواصل لجميع الأصدقاء والشركاء.. في المنطقة والعالم بأسره».