أعترف أنني شعرت بالخجل ثم بالغيرة عندما قرأت في جريدة الحياة اللندنية مقالاً مهماً لكاتب سعودي لا أعرفه ولم أقرأ له من قبل. الكاتب هو زياد الدريس. ثم عرفت من جريدة الشروق أنه دبلوماسي سعودي. شعوري بالخجل ناتج من أننا هنا في مصر نتعامل مع جيشنا انطلاقاً من الاحتقان اليومي. ومن المشاكل المثارة وامتثالاً لمن يريدون الوقيعة بيننا نحن الشعب المصري وبين الجيش الذي هو في البداية والنهاية جيش مصر قبل أن يكون جيش أي حاكم من الحكام. والغيرة لأن كاتباً سعودياً سبقنا جميعاً إلي هذه المطالبة المشروعة والتي ربما لم تخطر علي بال أحد منا نحن حملة الأقلام الذين نشكل نخبة هذه الأمة المصرية. ولنا العذر. ذلك أن الغرق في تفاصيل الحياة اليومية قد لا يمكننا من رؤية الأمور عن بعد كما تمكن الكاتب السعودي الشقيق من التعامل معها والتعبير عنها. والآن لنص المقال: حين تمدّد تسونامي الثورة إلي أرض مصر، وضع الجميع أيديهم علي قلوبهم خشية غرق مصر في محيط الدماء، فدولة مصر تتوافر علي ثنائية قد لا تتوافر في دول أخري: شعب كثير وفاعل. وجيش كبير وفعال. وإذا أصر الشعب علي إسقاط النظام. وأصر الجيش علي إسقاط الشعب، ستغدو البلاد أمام مذبحة لا يمكن التنبؤ متي وكيف ستنتهي؟. لم تحدث المذبحة المخشية ليس لأن الشعب المصري خضع لإرادة الجيش. بل لأن الجيش المصري حمي إرادة الشعب من عنف المرتزقة. قدمت القوات المسلحة المصرية نموذجاً فريداً في تحقيق الشعار المثالي: "الجيش في خدمة الشعب"، وحين سقط النظام في مصر تحمل الجيش عبء ضبط النظام. لا بروح بوليسية سفاكة، بل بروح ولبوس مؤسسة مجتمع مدني تدير الحياة اليومية وتشرف علي تعديلات الدستور وتحقق مطالب الشعب في الحرية الإعلامية ومحاسبة المختلسين عبر القضاء المدني الشفاف، وتعد وتهيئ لانتخابات رئاسية مدنية نزيهة. حتي نتصور حجم الكارثة التي كان يمكن أن تقع في مصر لو أن القوات المسلحة لعبت دوراً مغايراً لما رأيناه وحتي نتخيل عدد القتلي والضحايا الذين كان يمكن أن يسقطوا في مصر لو تصادم الجيش والشعب في معركة طاحنة سيتحول أثرها نصب الجندي المجهول إلي نصب الشعب المجنون. حتي نتصور هذا السيناريو البغيض لننظر إلي الكارثة الإنسانية والفوضي العارمة التي وقعت فيها ليبيا، ثم لنضاعف هذا المشهد والكارثة 20 مرة "عدد أفراد الشعب والجيش المصري". ومرشح أن تقع في غير ليبيا أيضاً. ولنتخيل الكابوس! لأجل هذا الموقف الجليل والانضباطية العسكراتية المذهلة التي لم نقدرها حق قدرها إلا عندما رأينا النموذج الوحشي المغاير لسطوة الجيش في بلدان أخري لأجل هذا كله تستحق القوات المسلحة المصرية أن نرشحها لنيل جائزة نوبل للسلام. لا علي سبيل المجاملة بل الاستحقاق تقديراً للدور السلمي والمدني والإنساني الذي أظهره جيش أمام ثورة شعبية علي غير المألوف وربما للمرة الأولي علي مستوي العالم. ولتبادر الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالسلم والأمن ومؤسسات المجتمع المدني والأكاديميات العسكرية العربية وغير العربية، لدعم هذا الترشيح تعزيزاً لصورة العلاقة الإيجابية بين العسكري والمواطن ودرءاً ودحراً للصورة المغايرة لتلك خصوصاً في الدول العربية العسكرية. وللإحاطة. فقد سبق أن فازت لجنة أمريكا لخدمات الأصدقاء بجائزة نوبل للسلام وفي ظني أن الجيش المصري أكبر من لجنة أمريكا. والشعب المصري أكثر من أصدقاء أمريكا! تحية للجيش المصري الذي حقق بطولات عسكرية كبيرة في معركة 6 أكتوبر، ثم حقق بطولات أخلاقية أكثر في ثورة 25 يناير. تحية للجيش المصري العظيم. سواء فاز بجائزة نوبل أو لم يفز). هذا نص كلمة الدبلوماسي والكاتب السعودي الشقيق. نشرته كاملاً رغم أني لا أحب هذا ولم أفعله من قبل بسبب نوعية الكتابة وأهمية المطلوب لنا جميعاً وليس لجيشنا فقط. أعرف أنه سبق أن سعي البعض لترشيح شباب الثورة لنوبل. وآخرون تنادوا أن الشعب المصري كله يستحقها. وفريق ثالث قال لماذا لا يحصل عليها شهداء وجرحي الثورة الذين ضحوا بأغلي ما في الحياة. وهي الحياة نفسها من أجل مستقبل كريم للمصريين. لن أدخل في جدل عقيم من الذي يستحق؟ أهل مصر جميعاً وجيش مصر وشباب مصر وشهداء ثورة مصر جزء من هذا الشعب يستحقون الجائزة. لكن إن جاءت فيجب أن نهديها جميعاً لجيشنا وشهداء ثورتنا. فهذا أكبر فخر يمكن أن تحصل عليه مصر الآن. وإن لم تأت الجائزة وهو احتمال وارد. علينا أن نفكر من الآن في جائزة يقدمها المصريون لجيشهم. وجائزة يقدمها المصريون لشهداء ثورتهم. أتذكر وأنا أكتب هذا الكلام ما فعله مثال مصر العظيم محمود مختار عندما فكر في إقامة تمثال يرمز لمجد مصر وتاريخها وعظمة حاضرها وعبقرية مستقبلها ونهضتها الدائمة. فقرر أن يكتتب المصريون بمبلغ بسيط من كل مصري من أجل أن يجمع تكلفة إنشاء تمثاله الخالد. فلماذا لا نفكر الآن في أن نكتتب؟ لا أقول كل حسب قدرته. ولكن بمبلغ موحد من أجل جائزة باسم الشعب المصري. إما أن تترجم لعمل فني أو لمعني رمزي أو لدلالة معنوية تؤكد أن أهل مصر جميعاً توقفوا في لحظة من الزمن وقالوا لجيشهم العظيم: شكراً. وفي نفس اللحظة توجهوا لقبور الشهداء المتناثرة في بر مصر ولجراح الجرحي الذين يعالجون الآن لكي يضعوا وردة علي كل قبر ومساعدة علاج حقيقية لكل جريح حتي يصل إلي بر الأمان بأقل الخسائر الممكنة. هذا اقتراح أتمني لو أن جريدة الأخبار، أخبار ياسر رزق وزملاءه من كتيبة الجنود المجهولين والجنود المعروفين. أحلم لو قرروا تبنيه وإخراجه لحيز التنفيذ. لنطالب بنوبل لجيشنا وشهدائنا. هذا حقنا المشروع ولنفكر أيضاً فيما يمكن أن نفعله هنا في مصر لكل من ساعد مصر علي اجتياز المحنة.