بينما كان الحزن يعتصر قلوب كل المصريين علي شهداء تفجير كنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالأسكندرية جاء نبأ الكشف عن الخلية الإرهابية المتورطة وتحديد هوية الانتحاري بمثابة بلسم يداوي الجراح ويخفف الألم ويشعر أهالي الشهداء بل ويشعر كل المصريين بالارتياح في انتظار سقوط كل الخونة الإرهابيين. ورغم أن الجرائم الإرهابية لم ولن تستطيع أي دولة في العالم منعها مهما كانت درجة تقدمها العلمي والتكنولوجي وخير دليل علي ذلك الحوادث الإرهابية المروعة التي حدثت في قلب أمريكا ولندن وباريس وكافة العواصم الكبري.. أكثر ما لفت نظري أنه عقب وقوع تفجيري كنيستي الأسكندرية وطنطا تفرغ البعض للنيل من جهاز الشرطة ومن وزارة الداخلية وهذا الهجوم الذي شارك فيه البعض بحسن نية أو سوء نية وإن كان ظاهره الانفعال للحدث الجلل لكن ربما يكون باطنه حاجة في نفس يعقوب وربما لضرب الجهاز الأمني في مقتل. تحمل رجال الشرطة انتقادات كبيرة وتحملوا ما لم يتحمله بشر لكن هذه الانتقادات زادتهم إصرارا علي كشف غموض التفجيرين وتعقب الجناة لتخليص البلاد من شرورهم.. واصل رجال الشرطة الليل بالنهار لتجميع الخيوط من مسرح الجريمة الذي يعد في عالم البحث الجنائي »الشاهد الصامت».. قام رجال الأمن العام بقيادة اللواء جمال عبد الباري مساعد الوزير للأمن العام باستنطاق مسرح الجريمة عن طريق فحص كاميرات المراقبة وتحديد نوعية المواد المتفجرة داخل الحزام الناسف وجمع التحريات وضبط عدد من المشتبه فيهم والاستماع لأقوال المصابين الذين شاهدوا الانتحاريين عن قرب.. وتحول قطاع الأمن الوطني بقيادة اللواء محمود شعراوي مساعد وزير الداخلية إلي خلية نحل.. ضباط يقومون بجمع التحريات وآخرون يكشفون عن شخصية الانتحاريين عبر كاميرات المراقبة وفريق ثالث يقومون بإجراء تحليل الحامض النووي لأشلاء الانتحاريين ومضاهاتها بعينات من أسر المشتبه فيهم.. وفريق رابع يراجع اعترافات أعضاء خلية تفجير الكنيسة بالكاتدرائية لتشابه طريق التنفيذ حيث رجحت التحريات أن يكون المنفذون خلية منبثقة عن تلك الخلية.. 72 ساعة من العمل الشاق بمتابعة شخصية من اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية علي مدار الساعة.. لذلك كلل الله جهودهم بالنجاح ونجحوا خلال ساعات في التوصل إلي الخلية الإرهابية منفذة التفجيرين ولم نسمع حسا لمن كانوا يكيلون الاتهامات بالأمس بكلمة حق ولو من باب رفع الروح المعنوية لحماة الأمن الذين يؤدون واجبهم دون انتظار جزاء ولا شكورا. تحية واجبة إلي اللواء مصطفي النمر مدير أمن اسكندرية الذي لم أشرف بمعرفته لكن لقطات الفيديو لحادث تفجير الكنيسة أكدت أنه قيادة أمنية من طراز فريد قام بمعاينة الكنيسة قبيل التفجير ووجه الضباط والأفراد بنقل البوابة الإلكترونية من داخل الكنيسة إلي الشارع وهذا القرار أنقذ العشرات من موت محقق لو تمكن الانتحاري من الدخول وتفجير نفسه داخل قاعة الصلاة. نقولها بصدق إن رجال الشرطة يضحون بكل غال ونفيس من أن يحيا الوطن وأن ننعم نحن بالأمن والأمان رغم ضخامة التحديات وحجم المؤامرات التي تشارك فيها دول ومنظمات وأجهزة استخبارات كل همها إسقاط مصر في مستنقع اللاعودة الذي جعل دولا مجاورة في علم النسيان.. حمي الله مصر من كل سوء.