جاء خطاب الرئيس السابق حسني مبارك مستفزا جدا لكل من استمع إليه.. فقد صمت طوال الشهور الماضية واتهامات الفساد المالي والسياسي تحاصره في كل مكان وفي كل وسائل الاعلام المصرية والاجنبية.. وتصريحات المسئولين سواء في سويسرا عن تجميد أمواله أو هيلاري كلينتون وزيرة خارجية امريكا أو مسئولي الاتحاد الاوروبي.. تصم الآذان وهو لا يرد.. فلماذا اختار ان يوجه رسالته الصوتية بالأمس فقط والتي ينكر فيها كل الاتهامات الموجهة اليه؟ ولماذا جاء هذا التسجيل الصوتي بعد يوم من جمعة التطهير التي طالب فيها المتظاهرون بمحاكمته وأسرته علنا واستعادة أموال مصر؟ الحقيقة ان التوقيت غريب جدا!.. وانكار الرئيس السابق لكل ما قيل خلال الشهرين الماضيين أيضا أغرب.. فقد أكد انه لا يمتلك هو وزوجته وأولاده إلا القليل ومن مصادر مشروعة احتوي عليها تقرير الذمة المالية الذي قدمه للحكومة. اذن فما حقيقة الذي قرأناه في الصحف العالمية مثل »الواشطن بوست« وغيرها من تقديرات لثروة مبارك التي وصلت الي مئات المليارات.. وقد يقول قائل انها مبالغ فيها كما قالت الصحيفة نفسها ولكنها اكدت ان مصدرها وثيقة رسمية. كان من الطبيعي ان يثور الناس ويتهموا الحكومة بالتواطؤ.. وان التباطؤ في الكشف عن سرية الحسابات هو نوع من التواطؤ وكان ينبغي الحصول علي تفويض من مبارك بالاطلاع علي حساباته الشخصية وكان يجب ان يتم ذلك يوم التنحي وليس بعد مرور أكثر من شهرين تكون فيها الأموال قد نقلت الي اماكن يصعب تتبعها. الناس علي حق في الغضب من تباطؤ الحكومة أو تواطئها فأسرة الرئيس السابق وحتي الان وحتي بعد جمعة التطهير مازالت بعيدة عن الاتهامات أو الاجابة عن هذه الاتهامات فمثلا بعد الثورة بأيام قال وزير الطيران ان طائرة الرئاسة موجودة في مطار شرم الشيخ ولكنه غير مسئول عن طائرة السيدة سوزان مبارك؟!! وهذا في منتهي الغرابة ولم يتم نشر تصحيح لهذه التصريحات.. فهل تمتلك سوزان مبارك حرم رئيس الجمهورية السابق أو المخلوع طائرة خاصة؟!! وكم يبلغ ثمن الطائرة وكيف وفرت ثمنها من مصروفها الشهري فهي لا تعمل كما نعرف وثمن الطائرات يبلغ عشرات الملايين من الدولارات. عدم الشفافية والتباطؤ في اتخاذ الاجراءات التي تكشف الحقيقة وراء جمعة التطهير ووراء ثورة الجماهير التي تشعر أنه يتم الالتفاف علي مطالبهم سواء بالتواطؤ أو التباطؤ أو عدم الشفافية. ولهذا السبب قامت مجموعة من القانونيين والمحامين بتشكيل ما يسمي بالمجموعة المصرية لاسترداد ثروة الشعب ويرأسها عميد حقوق المنوفية بالانابة د. محمد محسوب الذي صرح ان المجموعة تسعي لاستعادة 57 مليار دولار من اجمالي 3 تريليونات جنيه تم تهريبها خارج مصر وهو رقم مفزع لو كان صحيحا. في رأيي ان العبرة ليست في حبس كل رموز الحكم السابق وارسالهم الي مزرعة طرة ولكن العبرة في الشفافية والتحرك السريع العادل فالعدالة البطيئة ظلم بين بل وشكل من أشكال التواطؤ.