كنت في طريقي إلي عيادة صديقي أحمد طبيب الأسنان آثرت ان اذهب إليه بالتاكسي فالعثور علي مكان لركن سيارتي الخاصة اشبه بالمستحيل، المسافة لا تزيد علي 3 كيلومترات يتم قطعها في 01 دقائق لا تزيد ولكنها كانت بالنسبة لي لحظات رعب وقلق مخيفة. دون سابق معرفة وجدت السائق الشاب الذي ترك لحيته وذقنه وكانت الساعة تقترب من التاسعة مساء يتحدث بصوت عال عن حال البلد وما وصلت إليه لاعنا وقف الحال والمظاهرات والمطالب التي لا تنتهي من الشباب ولما وجدني متجاوبا في رفضي وقف الحال علا صوته أكثر ليقول يا باشا انا وغيري المئات سنصبح مجرمين ومعنا الحق!! شاب مثلي اجبروه علي تغيير التاكسي ووجدت نفسي محاطا بالأقساط كنت أدفعها في مواعيدها وحدثت الثورة وتوقف حالي وتوقف السداد لعدم وجود عائد مجز ووصل الأمر إلي خناقات بالبيت »فانكسر« الايجار عليّ شهرين لم استطع سدادهما وصاحب البيت يحاول طردي والمصاريف زادت ولا استطيع تدبير نفقات المعيشة لاسرتي المكونة من زوجة و4 أبناء. ليس أمامي الا ان أسرق أو اقتل. حاولت تهدئة السائق الثائر وأنا لا أعرف هل اتعاطف معه علي حاله أم ألومه علي عدم صبره؟ أم احذره من تهوره الذي قد يقدم عليه؟ ولم يكن علي لساني الا اصبر إن شاء الله تفرج وتحل المشاكل وتهدأ الأمور وتعود الحياة لاستقرارها وطبيعتها. يعلو صوت السائق مرة اخري ليقول يا باشا صبر ايه وفرج ايه أقول لسيادتك حا انطرد واترمي في الشارع والتاكسي يضيع وتقولي اصبر أنا ليس أمامي الا ان أسرق وفجأة وجدته يقول يعني لو »ثبت« حضرتك دلوقتي بمطواة في جنبك واخذت كل اللي معاك وتليفونك وفلوسك لن يلومني أحد!! اصابني الذهول مما قاله السائق وللحق لم استطع من لهجته وصوته ان اتبين هل هو صادق من عدمه أم هكذا حاولت ان اطمئن نفسي ولكن كيف وانا اعزل وانظر حولي ولا اجد أي شرطي أو رجل أمن استطيع معه ان أبلغ عما حدث! وهل أبلغ أم لا؟ وجدتني فجأة أطلب منه النزول حتي قبل ان اصل إلي العيادة وضعت قدمي علي أرض الشارع وأنا لا أصدق انني تركت التاكسي بعد ان اعطيته فوق ما يريد. كم من أمثال هذا السائق الغلبان في رأيي- المثقل بالهموم والديون التي تفقد الإنسان عقله- وصار مشروع مجرم أو قاتل لأسباب خارجة عن ارادته وإذا كان يفعل هذا معي وأنا رجل مثله فماذا يفعل مع فتاة أو سيدة بمفردها إذا ترسخ في عقله ان كل شيء مباح حتي يسدد ديونه؟ وهل هو ظالم أم مظلوم؟ الدقائق العشر رغم احساسي بالرعب فيها الا انها انذار خطر فهناك العشرات منه ضحكت عليهم الدولة ونظامها السابق واستولت علي مصادر رزقهم بالتاكسي القديم وكبلتهم بالديون بأخري جديدة وكم سجلوا بحرقة شكاواهم حتي قبل زوال النظام ولم يستمع اليهم احد. الدقائق العشر أظهرت كم نحن في حاجة لعودة الحياة لتدور مرة اخري والانتظام في العمل فهناك الآلاف لم يدخل جيوبهم مليم واحد منذ قيام الثورة من 3 شهور كاملة وهؤلاء علي وشك التحول لقتلة ومجرمين. وقبل هذا وذاك كم نحن في حاجة لعودة الشرطة قوية فعالة ذات يد طويلة لتحمينا، فما أقسي ان يشعر الإنسان بأنه لا أمن ولا امان حتي في سيارة تاكسي تحمل أرقاما مع سائق قد يفقد عقله. [email protected]