بوجه شاحب يشبه مسخأً حزيناً.. اقتحمت الفتاة الشابة قسم الشرطة.. طالبة الحماية، مصرة علي تقديم بلاغ رسمي. ببلاهة متناهية تحرك الأمين.. فالموضوع لا يعنيه فهو يستعد لتناول وجبة إفطاره.. أما أن تقتحم خلوته تلك الفتاة المدانة مسبقا من وجهة نظره، فهذا ما يشبه الفأل الأسود في صبح توقعه ناديا.. ومع هذا، فقد مضي الأمين في مضغ طعامه بشراهة مواكبا له صوت شفط الشاي المقزز المنبعث من شفتيه. الفتاة علي ما يبدو عليها بنت ناس.. ومقتدرة رغم حالتها الرثة وثوبها الممزق.. تعمد الاحتكاك بها وهو يدفعها أمامه لمقابلة الضابط النوبتجي.. والذي ابتدر الأمين بتكبر شديد قائلا: »افتح لنا محضر في اليوم اللي مش باين له أول ده، وقد فعل الأمين». الضابط : س: »إيه البلاغ بتاعك يا هانم.. وضد مين»؟ ج: ضد كل المجتمع المصري. الضابط: والله! الفتاة: وضد كل الرجال. الضابط : والله! الفتاة: وضد كل رجال الدين، ، وكل رجال القانون والداخلية، وضد البرلمان المصري، ، وضد كل الشباب المصري والمراهقين. الضابط: والله.. »وفاضل مين»؟ الفتاة: وكل الإعلام المصري السينما والدراما المصرية والممثلين والممثلات ومُدّعي الفن. الضابط: والتهمة حضرتك؟ الفتاة : التحرش بي. الضابط : »كل دول تحرشوا بيكي دفعة واحدة!» الفتاة - وهي في حالة انهيار تام- : »صدقني أيوه». الضابط: »وليه ماحصلتيش»! الفتاة : » لأ.. هم اللي ماحصلوش.. ومالهمش مثيل في كل أنحاء العالم المتدين أو الكافر.. المؤمن أو الملحد.. المتقدم أو المتخلف»! الضابط: »وعايزاني اتهم كل دول» ؟ الفتاة : »أيوه من فضلك، وبعدها أتوسل إليك تثبت في المحضر التاريخ.. لأن ده عام تكريم المرأة المصرية.. اللي هي أمهم وبنتهم وأختهم وزوجتهم، واللي خرجوا دفاعا عن ثورة مصر، وقدموا الشهداء لبلدهم.. واللي أغلبهم بيعولوا عائلتهم، واللي شقيانين عليهم واللي سهرانين علي راحتهم..والمهمومين بمستقبلهم». الضابط: » ما تعمليش فيها بقي الشريفة العفيفة.. أكيد انتي مش مضبوطة»! الفتاة: »أنا أشرف من الكل.. ولجأت لك كقانون، وبدل ما تحميني اتهمتني في شرفي علي فكرة اللي هو شرفك وشرف عيلتك وأولادك وبناتك»! الضابط: »حقك علي آسف.. أنا معاكي في وجهة نظرك إن أغلب رجال الدين الجدد بيحرضونا علي الستات في الجوامع.. والدراما أظهرت عوراتنا، وبقينا في نص هدومنا قدام العالم. لكن أغلبنا مش خايف غير علي بنته ومراته وأمه وأخته وبس»! الفتاة : »علي فكرة أنا هم.. وهنّ أنا»! الضابط:» بصراحة احنا مش فاضين لك ما بين إرهاب وعنف ومخدرات وفساد ولعبكة سياسية وبلاوي اقتصادية». الفتاة: »احترامي وحمايتي وتقديري أهم من كل ده.. وكفاكم يا رجالة شعارات فاضحة وتديُنّ زائف وأخلاقيات منهارة». الضابط : »فضيها سيرة.. اسحبها يا أمين من قدامي.. نعرضها علي النيابة، تعمل لها كشف عذرية». الفتاة: » طلب أخير. .قول لمصر كلها بدل ما تمضوا اتفاقية مع بنك الفلوس الدولي، أولي بكم كبلد تمضوا اتفاقية مع بنك الأخلاق العالمي.. يا خسارة يا شعب مفلس أخلاقيا.. وتسقط مغشيا عليها.. علي حين يتحسس الأمين جسدها وهو يسحبها لمحبسها الجسدي الجديد». مسك الكلام.. فضفضة خيالية حزينة.. بمناسبة فتاة الشرقية.. وطفلة البامبرز!