ملاحظة من أول السطر:نرجو بداية أن نفرق بين الجيش المصري وبين المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يدير البلاد الآن..فالجيش هو المؤسسة الوطنية التي تحظي بإجماع واحترام وتقدير وطني تام لم تناله مؤسسة أخري بالبلاد أما المجلس الأعلي والذي يتولي السلطة بمصر فهو يقوم الآن مقام الرئيس وكذلك محل السلطة التشريعية..وبناء عليه يصبح المجلس الأعلي ذا سلطة سياسية ومعروف بداهة أن أية سلطة سياسية لايمكن أن تحظي قراراتها بالاجماع أو الغالبية..ولابد من نقاش وحوار حولها وحول قرارتها..ومن ثم فعندما يجري تقييم أحد قرارات المجلس الأعلي في وسائل الإعلام المختلفة فإن ذلك لايجري لكونه مجلسا عسكريا (وهو كذلك فعلا) لكن باعتباره سلطة تدير البلاد..(إذا وصلك المعني..أكمل معي). وقد تابعنا أن المجلس الأعلي وبعض المتحدثين باسمه في وسائل الإعلام وأثناء لقاءاتهم بالنخب السياسية والإعلامية قد نقلوا (ملاحظاتهم) (لم أقل تحفظاتهم) تجاه النقد الذي يجري توجيهه الي بعض قرارات أو سياسات المجلس الأعلي.. وتلك (الملاحظات والتحفظات) نرجو أن يتوقف المجلس الأعلي عن ابدائها..بأن تكون قناعته أنه سلطة سياسية تدير البلاد وليست سلطة عسكرية تأمر أفرادها.. (إذا اتفقت معي..فأكمل المتبقي). إذا تفهم منا المجلس الأعلي ماسبق فإنه يحق علينا أن نؤكد عددا من القناعات التي يجب أن تكون راسخة في الشارع المصري ونبدأ بالحقيقة الأولي: 1- الجيش والشعب فعلا وقولا يد واحدة ولايجوز السماح لعابث أو أيد خبيثة باللعب في تلك المنطقة لأنها خط أحمر وبعدها الطوفان إذا نجحوا لا قدر الله. 2- نحن أمام جيش وطني ومجلس أعلي وطني نجح بأن يحافظ علي ثورة المصريين وأن يحقن دماءهم عندما رفض الاستجابة لمطالب بعض قادة النظام السابق بضرب المتظاهرين بالنار..سيرد البعض بأن هذا كان سيحيل البلاد الي كتلة جمر (وهذا ماكان يريده النظام السابق) وسيقولون أن الخارج كان سيندد ويرفض قمع الجيش للثوار..وردي هو:وماذا فعل الغرب مع سوريا الأسد وسوريا بشار ومع الصين والعراق ومع القذافي الآن عندما قتلوا مواطنيهم..لم يفعل شيئا لأن مايهمه هو مصلحته..فالحقيقة المؤكدة أن الجيش تلقي أمرا بضرب المتظاهرين لكنه رفض مؤيدا ثورة الشعب. 3- مصر الآن ساحة مفتوحة لكل القوي التي فوق الأرض وتحت الأرض.. بعضها داخلي والآخر خارجي.. يهدفون الي اشاعة الفوضي ووأد الثورة بالوقيعة بين الجيش والشعب وعلينا الانتباه لذلك..فالثورة المضادة أصبحت حقيقة واقعة وليست مجرد أقوال مرسلة كما أن فلول نظام مبارك لاتزال تمرح بيننا وعلي استعداد لأن تدمر هذا البلد بعد أن خسروا بسقوط النظام الفاسد. إذا انتهينا من القناعات الثلاث السابقة فإن تقديري أن المجلس الأعلي كسلطة تدير البلاد تعرف أنه إذا كان تفويض السلطة وإدارة البلاد قد جاءه من الرئيس المخلوع فإن الحقيقة الساطعة أنه لولا الثورة ماكانت السلطة قد انتقلت للمجلس الأعلي ومن ثم فإن المجلس يستمد شرعيته وسلطته مباشرة من ثورة المصريين.. وتلك حقيقة ساطعة لاتحتاج الي برهان. المعني مما سبق هو ضرورة أن يستكمل المجلس الأعلي بصفته سلطة تدير البلاد وتستمد شرعيتها من الشعب وثورته أن يسعي لتنفيذ بقية مطالب الثوار.. فلا يجوز كلما أراد الشعب تنفيذ أحد مطالبه النزول الي ميدان التحرير.. فالشعب أعلن مطالبه كاملة وعلي المجلس الأعلي تنفيذ ماتبقي مثل حل المجالس الشعبية وحل الحزب الوطني ومصادرة مقاره وممتلكاته وإقالة المحافظين المحسوبين علي النظام السابق..ويأتي علي رأس تلك المطالب محاكمة الرئيس السابق وبقية أفراد أسرته وكبار قادة نظامه السابق محاكمة عادلة. يجب أن يتفهم المجلس الأعلي حالة الغليان التي تفور في الشارع الآن وداخل صدور المصريين..وأن يستمع للأسئلة الدائرة الآن بين المواطنين ومنها مايلي: 1- كيف يمثل رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق د.زكريا عزمي أمام جهات التحقيق بعد شهرين من سقوط النظام..وهل يعقل أن نتركه يدير شئون قصور الرئاسة حتي الأسبوع الماضي..من الذي سمح ومن الذي وافق..ولصالح من جري ذلك؟. 2- كيف جري ترك رؤوس النظام السابق أمثال فتحي سرور وصفوت الشريف كل هذا الوقت ولم يتم التحقيق معهم؟. 3- كيف يجري تشكيل لجنة قضائية للبحث في ثروات الرئيس السابق بعد مايقرب من شهرين من خلعه..ولماذا لم يتم تشكيلها فور سقوط النظام؟. 4- لماذا الابطاء في محاكمة الرئيس وعائلته وهل ثمة ضغوط عربية علي المجلس الأعلي مثلما نشرت صحف عربية ومصرية لالغاء تلك المحاكمة؟. إن أي سلطة تمارس مهامها بعد ثورة كبيرة كالتي جرت بمصر يجب أن تتعامل مع كل القضايا بوضوح وحسم وبلغة قريبة يفهمها الناس فليس كل المصريين يتعاملون مع الفيس بوك.. وعندي ملاحظة قد تبدو عابرة لكنها مهمة في هذا السياق.. ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده اللواءان عادل عمارة واسماعيل عتمان فقد استخدم اللواء عمارة مفردات عسكرية وهو يحكي أمس الأول ماجري في ميدان التحرير فجر الجمعة الماضية..فقال عند الساعة 500 وعند الساعة 1200 حدث كذا وهكذا. نحن هنا لسنا أمام بيان عسكري أو بصدد واقعة عسكرية بل أمام متحدث باسم السلطة (الرئيس) التي تدير البلاد وكان ينبغي استخدام توصيفات معتادة ومعروفة عند المواطنين. نعرف ونتوقع - حجم الضغوط التي يتعرض لها المجلس الأعلي كما أنه خلال هذين الشهرين تعرض لتحديات كبيرة لكن الشعب لايعرفها وربما اذا عرفها فقد يلتمس العذر لصانع القرار لكن بداية التغلب علي تلك التحديات يكون باستكمال تنفيذ مطالب الثورة حتي يهدأ الناس وتهدأ الشوارع ويبدأ الدفع في خطوات المستقبل..أما البطء والإبطاء فسوف يدفع الأمور الي الأسوأ وسيعطي مساحة تسمح للثورة المضادة أن تشغلها وهنا مكمن الخطورة. بقيت عندي ملاحظتان.. الأولي: سؤال للمجلس الأعلي..إذا كان لكل سلطة مستشاروها فمن هم مستشارو المجلس الأعلي..ألا يحق لنا كمواطنين معرفة هؤلاء المستشارين.. فعندما عرفنا أسماء رئيس وأعضاء لجنة التعديلات الدستورية.. اطمأنت قلوبنا.. رغم أن هذا الإفصاح لم يجر مع الاعلان الدستوري فلم نعرف أعضاءه.. إضافة الي أن حملة المباخر ومنافقي السلطة - أي سلطة - موجودون في كل زمان ومكان وما أكثرهم في بلادنا.. ونخشي أن يندسوا وسط الحضور في لقاءات المجلس بالمثقفين والمفكرين. الملاحظة الثانية: مساحة اليوم كانت مخصصة لاستكمال مابدأناه الأسبوع الماضي عن مشكلات الصحف القومية والبحث عن الحلول فنعتذر عن استكمال مابدأناه علي أن نتواصل الأسبوع المقبل حول تلك القضية. [email protected]