يتقدم خطوة ويتراجع خطوات. يتخذ موقفا ويعجز عن الاستمرار فيه. يتباطأ كثيرا في اتخاذ القرار.. وحين يقرر يكون الأوان قد فات. يُقدِم ويُحجِم.. يهدد ثم يسحب تهديده. يعادي ويهادن دون تفسير لتذبذبه وتخاذله وتخبطه. فهل يعكس ضعف الرئيس الأمريكي أوباما حالة بلاده التي توشك أن تسقط عن عرشها كقوة عظمي وحيدة في العالم. وهل تعكس حالة التردد والبطء التي صبغت تحركات وتصريحات أوباما الوضع الذي آلت إليه أمريكا.. والفشل الذريع في أن تكون لها سياسة خارجية متماسكة؟ تخاذل أوباما في مساندة الثورات العربية بدءا بتونس ومصر إلي اليمن والبحرين وسوريا وأخيرا ليبيا.. وفشله في بلورة رؤية حاسمة تليق بمكانة بلاده أديا إلي اطالة أمد المقاومة ضد الحكام المستبدين وانهاك الثوار وتزايد سقوط الشهداء. مما زاد ليس فقط من الفوضي.. بل ولكن أجهض أيضا بعض هذه الثورات. لقد بدأت الانتفاضة الليبية في 71 فبراير.. وبعد أكثر من أسبوعين أعلن أوباما أن القذافي يجب أن يرحل. عجز أوباما عن اتخاذ قرار حاسم لوقف عمليات الابادة التي شنها نظام القذافي ضد شعبه حَوّلَ رياح الحرب لصالحه .. وأودي بحياة آلاف الشهداء وروع الشعب الليبي. يأخذ عليه الحلفاء أنه في فترة ما قبل التوصل إلي قرار من الأممالمتحدة لفرض حظر جوي علي ليبيا.. تحول أوباما إلي رجل خفي والتزم الصمت.. وكأنه لا يريد توريط أمريكا.. بل اختفي من الصورة تماما. أصر أوباما أن تكون قيادة الحلفاء لفرنسا وبريطانيا مع مشاركة عربية في الحشد العسكري ضد ليبيا، وعندما تحقق ذلك أعطي الضوء الأخضر للضربات الجوية الأمريكية ضد مواقع كتائب القذافي. وبعد أيام قليلة تولي حلف شمال الأطلنطي مسئولية القيادة بالكامل للعمليات العسكرية بضغط من أوباما.. مما سمح لأمريكا أن تخفض مشاركتها. واجه أوباما هجوما شرسا من أعضاء الحزبين الجمهوري والديموقراطي علي السواء.. وهدد بعض أعضاء الكونجرس بتقديمه للمحاكمة لأنه أصدر أوامره بالتدخل العسكري الأمريكي دون مشاورة الكونجرس كما يلزم الدستور معتمدا علي قرار الأممالمتحدة. هكذا تنازلت أمريكا عن دورها القيادي ومكانتها كرافعة لشعلة الحرية والديموقراطية.. مكتفية بإرسال اشارات مشوشة ومضللة للقذافي.. واكتفي أوباما بالبقاء في المقعد الخلفي. أسلوب أوباما المتردد وضع بلاده في موقف ضعف لم يسبقه إليه أحد منذ حكم الرئيس كارتر. فقد فشلت أمريكا في تقديم رؤية واضحة وزعامة في مواجهة الثورات العربية التي ف اجأتها. علي أوباما أن يدرك أن التباطؤ في اتخاذ القرار أضعف التحالف الذي يفرض الحظر الجوي علي سماء ليبيا.. وان سوء التقدير والتقصير في أداء دوره كزعيم لأكبر دولة في العالم.. بالاضافة إلي أن هذا الاهتزاز في مواقفه سيبقي في ذاكرة الثوار الذين أطلقوا أعظم الثورات دون مساندة من أحد.. ثورات انطلقت من رحم الظلم والاستبداد والفساد والقهر. تحية إلي ثوار التحرير الذين فجروا أروع ثورة أثارت إعجاب العالم.. ورفعت عني حالة الجمود والموت التي غرقت فيهما منذ معاهدة كامپ ديڤيد. وتحية عطرة لأرواح الشهداء الذين روت دماؤهم الذكية الثورة. دبت الحياة في بدني من جديد بعد 52 يناير ونفضت الغبار بعد طلاق طويل مع كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية لوطني.. فلم أكن أهتم حتي بمعرفة أسماء الوزراء.. كم فاجأني حجم الفساد في بلدي.. ولكن الله يمهل ولا يهمل.