الناس تختلف فيما بينها إختلافات جذرية.. فهذا كريم وذاك شحيح، هذا ملتزم وذاك مستهتر، هذا عاقل وذاك مجنون في تصرفاته، هذا عالم وذاك جاهل، هذا صادق وذاك كاذب، هذا وجهه بسام وذاك دائما مقطب الجبين..وهكذا لا يكاد يتطابق إثنان علي وجه الارض في كل شيء.. كل إنسان عالم بذاته.. بصمات أصابعه.. بصمات عينيه.. بصمة صوته التي تختلف بين شخص وآخر .. حتي التوائم.. وسبحان الخلاق العظيم. وكل مسئول عن نفسه امام الله »وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا« »الإسراء 31-41«.. تصوروا ان كل فرد من البشر من جدنا آدم وحتي من تقوم عليه الساعة.. مليارات البشر..كل واحد منهم له كتاب خاص به سيقرأه بنفسه يوم القيامة، ويجد فيه كل أعماله مسطورة أمامه.. سبحان الله.. ولهذا فالعاقل من يعي هذه الحقيقة ويتصرف علي ضوئها، واعمالنا إما تحسب لنا أو تحسب علينا، وليست فقط الاعمال بل الأقوال..فكل كلمة نتلفظ بها مسجلة علينا »ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد« »ق 81« فلا ينبغي ان نستهين بما نقوله، فقد نقول كلمة خبيثة تخف بها موازيننا يوم القيامة وندخل بها النار، او نقول كلمة طيبة تثقل موازيننا يوم القيامة وندخل بها الجنة.. أما وقد عرفنا ان الناس تختلف فيما بينها في الصفات، وهذه الصفات إما تقربنا إلي بارئنا أو تبعدنا عنه، فلنختر من بينها ما يرضي الرب عنا.. فلنختر الصدق بدلا من الكذب، ولنختر الوفاء بالوعد بدلا من خلف الوعود والعهود، ولنختر البسمة علي وجوهنا بدلا من التكشيرة »تبسمك في وجه اخيك صدقة« والصدقة تقابلها حسنة، فلم لانحصد الحسنات التي قد تكون هي الحاسمة في تقرير مصيرنا يوم القيامة؟.. وهناك اعمال لها اجر عظيم، ومنها الخير الذي نقدمه لواحد من الناس يمر بمحنة نساعده علي الخروج منها..مثل هذا العمل قد ندخل به الجنة.. ولنبحث عن الصفات التي تزكينا عند الله.. فبدلا من الشح نتخذ الكرم صفة لنا »ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون« »الحشر 9« ولنتخذ العفو بدلا من الانتقام ورد الصاع صاعين كما يحلو للبعض »وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم« »النور 22« ولنتخذ الرحمة بدلا من القسوة »إرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء« »حديث شريف« ولنتخذ الصدق بدلا من الكذب، حتي لانكتب عندالله كذابين »يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله وكونوا مع الصادقين« »التوبة 911«. ولننظر لما قدمناه لغدنا، وغدنا هو آخرتنا »يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون« »الحشر 81«.. فلنفرز صفاتنا ونستبقي منها ما يليق بنا، ونستبعد منها مالا يزكينا عند خالقنا، حتي نحظي برضاه ونفوز بجناته خالدين فيها أبدا.