أظن انها حالة عبقرية من حالات الفساد تفرد بها حكامنا العرب من بين كل النظم الرئاسية القديمة والحديثة..وهي استلهام تقاليد بقائهم في الحكم من "قانون الايجارات المصري". وليس من "القانون الدستوري" .فمن تولي منهم مقاليد الحكم بالنظام الرئاسي تولي بقانون "الايجار القديم" أي يبقي في سدة الحكم طيلة حياته ثم يورث الحكم لأبنائه وإن كره الوطنيون..ومن تولي الحكم بالنظام الملكي تولي علي طريقة "التمليك" أي يستحوذ علي البلاد "بالجدك" ويورثها لعقبه وان كان من المخبولين..! وفي كلا النظامين يتمدد الحاكم بلا رادع فوق كرسيه غير هياب غدر الزمان..ولا تمر سنوات إلا وتظهر المدام والاولاد علي ساحة العمل العام لإنقاذ الرعايا بمشاريع عملاقة لخدمة البلاد..وهي لإعداد الانجال والأحفاد لحكم البلاد..وتدار لهم آلة الاعلام معددة إنجازاتهم غير المسبوقة وان كانت غير مفهومة..وتغدق المناصب علي من بزغ من الرعايا في الاطراء علي مشاريع الاسرة الحاكمة وتحدث بكلام غير مسبوق عن انجازات الرئيس والمدام والاولاد والاحفاد..! ويحظي برئاسة مؤسسات البلاد وكرسي الوزارة من زيف لهم تاريخا وبطولات..وتصبح المناصب منحا ومكافآت لمن ابدع في سياسة النفاق وأدار شئون البلاد تحت شعار »بتوجيهات الرئيس«..وتحرم الاوطان من اصحاب الكفاءات لعدم قدرتهم مجاراة قبيلة الرياء..ويصبح التعليم في عهده مشروعا قوميا لكن للإفساد..وينهار الاقتصاد ولانسمع غير تقريظ للحاكم علي انقاذ البلاد من حافة الانهيار..وتهمش الثقافة بجعلها احتفالات ومهرجانات..وتختصر حدود البلاد ويفتي المنافقون بأننا مازلنا مع الحاكم في أمان.. وتفقد الدولة كل دعائمها كدولة حديثة وبتعبير الاسكان المصري تصبح دولة "ع المحارة" في أفضل الاحوال..! وبمرور السنين يهرم الحاكم ويهذي وترتخي يداه عن القيادة ولا يترك البلاد..وتفسر بلاهته وعجزه بالحكمة، وهذيانه بفصل الخطاب..وبسرعة البرق يجد من يلفق له تاريخا مجيدا وبطولات ويجعلها تاريخا وبطولات للبلاد..وعيد جلوسه في سدة الحكم عيداً قوميا وحظا سعيدا للبلاد. ويتمادي الحاكم في امتلاكه للبلدان وما فيها ومن فيها..ويستهجن هتافات الشباب الثائر المطالب بتغيير النظام وفسخ العقد الايجاري للبلاد..ويتمسك الحاكم بالبلاد أي "بالعين" محل النزاع ويستميت علي السلطة استماتة المدمن الغلبان..! وبعدما طبق أغلب حكامنا العرب "سياسة الارض المحروقة" ردا علي مطالب الثوار..ومن قبل جرفوا البلاد من كل مظاهر العمران ويعملون الآن علي اختصار أعداد الشباب..فمن الطبيعي حين تكتمل ثوراتنا العربية ونتخلص من حكامنا سنتسلم البلدان من بين انيابهم بلا أركان!. ولنا الله من قبل ومن بعد..ونطلب من الله حاكما لبلداننا بنظام القانون الايجاري الجديد الملزم بالتجديد كل ثلاث أو اربع سنوات ولكن لمدتين..ويجازف باعتلاء حكم البلاد التي صارت " ع المحارة" وأظن بدون حلوق كمان..!