في محاولة جديدة لإنقاذ محصول القطن المصري، وإعادته إلي عرشه من جديد، أطلقت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي حملة قومية للنهوض بمحصول القطن لموسم 2017، بالوجهين البحري والقبلي، بهدف تحقيق العائد الاقتصادي الأمثل للمنتجين من خلال زيادة الإنتاجية. وقال وزير الزراعة د.عبدالمنعم البنا إن الحملة تشمل حزمة من التوصيات العلمية للمحصول، يتم توصيلها للمنتجين والأجهزة الفنية والإرشادية بالمحافظات المختلفة من خلال عدد من الندوات والحقول الإرشادية وأيام الحصد والجني، لافتا إلي أن ذلك سيكون له مردود اقتصادي علي المنتج والناتج القومي بزيادة الإنتاجية وتحسين خواص الجودة للقطن. وأشار البنا إلي أن تلك الحملة تتم بالتعاون بين معهد بحوث القطن ومجلس القطن والألياف والمحاصيل الزيتية فضلا عن أكاديمية البحث العلمي. ويعمل بالقطن أكثر من 5 ملايين مواطن مصري سواء في الزراعة والصناعة والتجارة والحليج وغيرها من الأنشطة والصناعات المرتبطة والمكملة لصناعات القطن. وتعرض القطن المصري للعديد من المتغيرات خلال السنوات القليلة الماضية ومن بينها ارتفاع تكاليف الإنتاج وخاصة تكلفة الجني اليدوي، فضلاً عن تذبذب الأسعار العالمية من موسم إلي آخر وانتشار ظاهرة خلط الأصناف مما أدي إلي انخفاض المساحة المزروعة وصفات الجودة التي اشتهر بها عالمياً ومن ثم المنتجات الثانوية من الزيوت النباتية والأعلاف وبالتالي انخفاض الناتج الكلي وخاصة بعد صدور القانون 210 لسنة 1994 والخاص بتحرير تجارة القطن. وبلغ إجمالي ما تمت زراعته من محصول القطن خلال الموسم الزراعي الماضي 127 ألفا و149 فدانا بمختلف المحافظات التي تزرع المحصول وذلك بتراجع بلغ 121 ألف فدان عن العام قبل الماضي والذي وصلت فيه المساحة المزروعة بالقطن إلي 248 ألف فدان. استراتيجية الحكومة أكدت وزارة الزراعة أن استراتيجية الحكومة للنهوض بالمحصول بدأت تؤتي ثمارها من خلال زيادة الطلب العالمي علي القطن المصري، حيث تم التعاقد علي تصديره إلي أكثر من 20 دولة هذا العام، كما أن أسعار القطن المصري وصلت إلي مستويات قياسية غير مسبوقة مما سيوفر هامش ربح مناسبا للمنتج والإقبال علي زراعته مما سينعكس علي الاقتصاد القومي وخاصة إذا تم تصنيع القطن المصري لزيادة القيمة المضافة بدلاً من تصديره قطن خام. وأوضحت الوزارة أن الاستراتيجية التي تبنتها الوزارة اعتمدت علي 6 محاور رئيسية، تتمثل في استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية مبكرة النضج، حيث تم استنباط 3 أصناف هي جيزة 94، جيزة 95، جيزة 96، مشيرا إلي أنه تم أيضاً استصدار القانون رقم 4 لسنة 2015 والخاص باستثناء اقطان الإكثار من قانون تحرير تجارة القطن 210 لسنة 1994، وذلك بهدف المحافظة علي النقاوة الوراثية للأصناف الحالية حيث تم زراعة 33 ألف فدان كأقطان إكثار 2016 سوف تنتج تقاوي منتقاة لزراعة 300 ألف فدان علي النطاق التجاري موسم 2017 . كما أن الاستراتيجية تقوم أيضاً علي توفير الاحتياجات الفعلية من القطن الشعر للمغازل المحلية بناء علي طلب الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، فضلاً عن توفير الاحتياجات الفعلية من القطن الشعر للتصدير بناء علي طلب اتحاد مصدري الأقطان، بالإضافة إلي العمل علي تطوير محالج الوزارة لحليج أقطان الإكثار. مساحات رمزية وقال د.محمد عبدالسلام، رئيس بحوث متفرغ بمعهد بحوث القطن، إن القطن المصري في طريقه للخروج من الزراعة المصرية والبداية كانت بالوجه القبلي حيث يتم زراعته في مساحات رمزية للغاية. وأضاف أن منظومة القطن المصرية بحاجة إلي تغيير شامل، وبعقليات مختلفة عن الموجودة حاليا، حيث إن ما يحدث الآن هو شئ هزلي، لأن الأمر ليس مجرد زيادة المساحات المزروعة بالقطن فقط بل في كيفية الاستفادة من المساحات التي تزرع حتي لو كانت قليلة في تعظيم القيمة المضافة، حيث إن ذلك من شأنه توفير »الكسب» الناتج عن بذرة القطن كعلف للمواشي بدلا من الاعتماد بشكل أساسي علي الذرة الصفراء، كما أنه يمكن التوسع في إنتاج الزيوت المستخلصة من بذرة القطن وتقليل الاعتماد علي الاستيراد قدر الإمكان، وأشار إلي أنه يجب الاعتماد بشكل أكبر علي الصناعة وليس تصدير القطن الخام إذا كانت هناك نية حقيقية لإعادة القطن المصري إلي سمعته التي لطالما اشتهر بها منذ عهد محمد علي. مسئولية مشتركة فيما قال د. محمد عبد المجيد، رئيس مجلس القطن المصري، إن إعادة إحياء زراعة القطن المصري ليس مسئولية وزارة الزراعة وحدها، بل إنها تقع علي عاتق كل الأطراف التي تدخل في هذه المنظومة، وأوضح أن القطن مسئولية أكثر من 7 وزارات وكل المنظمات والهيئات، مشيرا إلي أنه منذ أكثر من 20 عاما ونحن لا نعرف لماذا نزرع القطن؟ هل للتصدير أم لمصلحة الفلاح والدولة أم للصناعة؟، مؤكدا أن القطن هو المحصول المصري الوحيد الذي يلحق باسم مصر في المحافل الدولية ويسمي »egyption cotton» . وأكد أنه يجب التوقف عن تصدير القطن في شكله الخام، حيث إننا بذلك لا نستفيد إلا بما يوازي 10 % من قيمته ونترك الدولة المستوردة تستفيد ب 90 % من قيمته وهو أمر يجب أن يعاد النظر فيه سريعا. وقال مجدي الشراكي رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، إن أحد الأسباب الرئيسية وراء تراجع زراعة القطن هو عدم تطوير المحالج والمغازل الموجودة في مصر لتناسب تركيبة القطن المصري، حيث إن تلك المحالج تعمل علي حلج القطن قصير التيلة في حين إن القطن المصري طويل التيلة ذو قيمة عالية، مشيرًا إلي أن مصر كانت تزرع 2 مليون فدان من القطن ونتيجة لمشاكل تسويق القطن وغزله انخفضت المساحة إلي 292 ألف فدان فقط، ومنها إلي 127 ألف فدان. زيادة المساحات فيما قال المهندس سمير السمان، الخبير الزراعي، إنه قبل الحديث عن أي تطوير للقطن يجب التوسع في زراعته لأنه وصل خلال العام الماضي إلي أقل مساحة زراعة، مشيرا إلي أن هناك ثلاثة أشياء ستتحقق إذا تم زيادة المساحة المزروعة بالقطن وهي الاستغناء عن استيراد الزيوت حيث سيتم الاستفادة من بذور القطن في انتاج الزيوت محليا. وأضاف أن الأمر الثاني سيكون استخدام »كسب» زيت القطن كعلف للماشية مما يتيح تقليل الاعتماد علي استيراد فول الصويا من الخارج، أما الأمر الثالث فسيكون تقليل الفجوة في ميزان المدفوعات بين الصادرات والواردات مما يساعد علي توفير العملة الصعبة وإعادة الهيبة للجنيه المصري أمام مختلف العملات الخارجية. • مصطفي علي