ظهر عمود فكرة مع صدورجريدة »الأخبار»، فقد تم الاتفاق بين رؤساء تحرير الصحيفة علي إخراج الصفحة الأخيرة من صحيفة »الأخبار» في صورة مشوقة للقارئ، حيث كانت هذه الصفحة لا تلقي الاهتمام الكافي من الصحفيين المصريين، ويقول مصطفي أمين في حديث أدلي به لمجلة آخر ساعة بتاريخ 7 إبريل عام 1982م أنه كان هناك اقتراح بإنشاء عمود يومي في الصفحة الاخيرة ل»الأخبار» علي أن يتناوب الكتابة في هذا العمود أحمد الصاوي محمد، ومحمد زكي عبدالقادر، وكامل الشناوي، وجلال الدين الحمامصي، وعلي أمين ومصطفي أمين وذلك علي اعتبار أن صحيفة »الاخبار» تصدر ستة أيام في الاسبوع ورفض الجميع هذا الاقتراح إلا علي أمين الذي تحمس لكتابة هذا العمود في الصفحة الاخيرة، وأخذ يبحث عن عنوان له حتي حصل علي إكليشيه باب »علي فكرة» وكان ينشر هذا الباب في آخر ساعة، وقام علي أمين بتغيير اسمه إلي »فكرة» بدلا من »علي فكرة» وتطوع بكتابة أول فكرة بتاريخ 25 يونيو عام 1952، أي بعد 15 يوما من صدور الصحيفة، وفي اليوم الثاني رفض رؤساء التحرير المساهمة في كتابة هذا العمود، واضطر علي أمين ان يكتب فكرة للمرة الثانية، واستمر علي أمين يكتب هذا العمود في الصفحة الأخيرة من »الأخبار». وعن فلسفة وضع عمود »فكرة» في الصفحة الأخيرة من الجريدة كتب علي أمين: اذا اعجب القارئ بعمود»فكرة» سيقلب الصحيفة ليقرأه من الصفحة الاخيرة، وإذا لم يعجبه الباب فلن يقرأه ولو وضع في الصفحة الأولي، وقد تمتع عمود»فكرة» بسعة انتشار لم يحظ بها أي عمود صحفي في تاريخ الصحافة العربية.ويقول أنيس منصور عن عمود »فكرة»: لقد رأيت علي امين وهو يكتب فكرة التي تظهر في مكانها من هذه الصفحة منذ صدرت »الأخبار». إنها قصيرة ومبسطة والمفردات اللغوية التي يستخدمها علي أمين محدودة، ومن النادر أن تجد كلمة أو تركيبا لغويا لا تفهمه وحتي عندما تتحول فكرة إلي روشتة طبيب فإن المعاني تكون في غاية الوضوح». ولم يكتف علي أمين بكتابة عمود فكرة في »الأخبار» فقط، انما كتبه ايضا في مجلة »الجيل» وصحيفة »أخبار اليوم»، ومجلة »هي» وانتقل بعمود »فكرة» إلي مجلة »المصور» عندما اجبر علي ترك مؤسسة »أخبار اليوم» إلي »دار الهلال»، وحينما انتقل علي أمين من »أخبار اليوم» إلي جريدة »الأهرام» عام 1965، قرر أن يواصل كتابة عموده »فكرة» في الأهرام، إلا ان محمد حسنين هيكل الذي كان يشغل منصب رئيس التحريرفي ذلك الوقت كان له رأي آخر، إذ كان يري أن أبواب كل صحيفة يجب أن تبقي لها ولا تنتقل إلي غيرها بانتقال محررها أو كاتبها، وكان هيكل غير متحمس للأبواب اليومية الثابتة بل كان يفضل المقال الاسبوعي، ولهذا فلم يستمر علي أمين في كتابة عمود»فكرة» بالأهرام. في عام 1966بدأ مصطفي أمين يناشد شقيقه علي أمين ألا يتوقف عن كتابة »فكرة»، وكتب له في أحد الخطابات قائلا: يجب أن تعود لكتابة فكرة من جديد ولا تكتفي أن تعبر عن حبك لبلادك في خطابات تكتبها لي أو في عملك الصامت لخدمة بلادنا إنك تقتل موهبتك، تتحول من كاتب عظيم إلي صفر، ربما إذا عدت كاتبا من جديد يشعر بك الناس أن لك قيمة».. وكتب علي أمين من منفاه في لندن إلي مصطفي أمين المعتقل بسجن ليمان طره معبرا عن أمنيته في كتابة عمود»فكرة» مرة ثانية في أحد الخطابات:» إنني افتقد الفكرة التي كنت اكتبها بانتظام في »الأخبار» و»أخبار اليوم»، وكثيرا ما اتوقف عن قراءة الجريدة التي أقرأها لأفكر في موضوع يصلح كفكرة، وأحلق فترة من الخيال ثم أستأنف قراءة الجريدة.. وقد رأي عمود »فكرة» النورمرة أخري بعد الافراج عن مصطفي أمين، وعودة علي أمين من لندن فكتب »فكرة» في جريدة» الأهرام التي عينه الرئيس السادات رئيسا لمجلس إدارتها، وانتقلت معه »فكرة» عند عودته لمؤسسة» أخبار اليوم» منتصف 1974، واستمر في كتابتها حتي وفاته في 3 إبريل عام 1976، ومن 5 إبريل1976تولي مصطفي أمين كتابة »فكرة» بأسلوب يختلف قليلا عن الاسلوب الذي كان يكتب به علي أمين، فقد حول مصطفي أمين عمود»فكرة» في كثير من الأحيان إلي مقال سياسي يتميز بالحدة والجرأة ويتضمن بعض الحكم السياسية التي تعبر عن واحد من أبرز المفكرين السياسيين في العالم العربي، واستمر يكتب» فكرة» حتي وفاته في 20 مارس عام 1997.