منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
نشر في الأخبار يوم 20 - 02 - 2017

• اطمئن يا ابني لن أترك البنت، أنا اشتري لها الكتب وهي تؤدي امتحاناتها في كلية الطب من داخل السجن.. ومن رأيي ألا تزورها مرة أخري حتي لا تضعف أمامها وتعرف منك تخلي اختها عنها.. واحفظ سرها تنل عنها أجرا، ودع الأيام تفعل ما تريد •
داخل سجن النساء لمحتني حنان أقترب منها.. اصفر وجهها وارتبكت واستدارت للخلف!
لم أهتم بما فعلت وتظاهرت أنا الآخر بأني لا أعرفها.. فالحقيقة أنني لم أحضر إلي سجن النساء من أجلها وإنما لعمل ريبورتاج حول نساء اقترب موعد إعدامهن!.. وبالطبع لم تكن حنان إحداهن!.. كان ذلك عام 2005 ولم أكن أدري أن المشهد الأخير سيكون الأسبوع الماضي فقط !
المهم انتهي الريبورتاج وقتها وكنت في غاية الإرهاق والحزن من هول ما رأيت وصورت وسمعت من نساء صارت أيامهن معدودة فوق ظهر الأرض.. ورغم هذا استأذنت المأمور في مقابلة حنان التي لم تغب صورتها عن بالي منذ رأيتها، بل وحاصرتني حولها الأسئلة التي فشل أهل الحي الذي قضيت فيه نصف عمري في العثور علي إجابة لها منذ اختفاء حنان : ألم تكن تسكن معي في شارع واحد؟! ألم تكن أجمل فتيات المنطقة وأكثرهن سحراً ودلالاً وأنوثة؟!.. ألم تكن صاحبة لقب »الدكتورة»‬ منذ اليوم الأول لالتحاقها بكلية الطب؟!.. ألم تكن الابنة الصغري للرجل الذي عاش ومات دون أن تصدر منه إساءة واحدة لمخلوق واحد.. كان رجلا في وظيفة مهمة وأحبه الناس فهو لا يفاخر ولا يباهي بينهم بمكانته الوظيفية؟!.. ألم ينقلب حال هذه الأسرة وقال الناس إن عين الحسود أصابتهم.. مات الأب المهذب.. ولحقت به الأم بعد ستة شهور.. وبقيت حنان وأختها الكبري وحيدتين، لا يختلطان بأحد ولا تنفتح لهما نافذة أو تظهران في بلكونة.. الأخت الكبري في بكالوريوس الهندسة وحنان في ثانية طب وباب شقتهما مغلق لا ينفتح إلا في الصباح مرة والمساء مرة أخري حينما تذهب الأختان إلي الجامعة ثم تعودان معا!
وفجأة.. اختفت الدكتورة ونسجوا الأساطير حول اختفائها كما هي عادة الأحياء الشعبية!.. ولم يجرؤ أهل المنطقة علي سؤال »‬إلهام» الأخت الكبري عن سر غياب حنان، فلم تكن إلهام قد عودت أحدا علي أن يدس أنفه في أمور العائلة والمسائل الشخصية، ربما ورثت هذه الصفة عن والديها!
بعد عام ونصف العام اختفت إلهام هي الأخري.. وصارت الشقة مغلقة دون أن يتم بيعها أو يتسلمها مستأجر آخر.. حاول أهل الحي أن يعرفوا من صاحب البيت ممن يصله الإيجار فلم يصلوا إلي ما يشفي غليلهم.. كان الرجل يقول إن الإيجار يتسلمه أول كل شهر من خادم المسجد العجوز الحاج مصطفي، وكان هذا يكفي لإغلاق الملف لأن الحاج مصطفي كان كاتم أسرار أهل الحي والأحياء المجاورة حتي لقبوه بأبي الهول!
ها هي حنان تظهر بعد عدة سنوات أمام عيني وفوق جسدها جلباب السجن الأبيض وهي التي كانت تلهب خيال الرجال والشباب بفساتينها المتحررة، حتي عندما مات أبوها واتشحت بالسواد كانت تزداد جمالا وأناقة!.. هي هي »‬الدكتورة» وقد تخلت عن كبريائها وسكن الذل ملامحها بين جدران هذا السجن العتيق فكيف تفوت مني هذه الفرصة، كيف أغادر هذا المكان دون أن أحدثها وأعرف منها ماذا حدث لها.. وأين أختها؟!
وافق المأمور علي لقائي بها بعد أن عرف لماذا أنا حريص علي هذا اللقاء.. وجاءت حنان تقدم ساقا وتؤخر الثانية.. وجهها مخطوف ونظرات عينيها تؤكد لي أنها لم تكن ترغب في مقابلتي أو الحديث معي، خاصة بعد أن عرفت حنان من السجانة التي اصطحبتها من العنبر أنني أعمل صحفيا!
سألتها هل تتذكريني؟!
نعم.. وأرجو ألا تنفتح شهيتك الصحفية أمام قصتي.. أو ينفلت لسانك أمام جيران إلهام..
إلهام لم تعد تقيم في المنطقة!
مستحيل.. أنا احترمت أنها لم تزرني.. لكن لماذا تركت الشقة.. وأين اختفت.. الحاج مصطفي لم يخبرني!
هل يزورك الحاج مصطفي ويعرف مكانك؟
نعم.. كان الوحيد الذي أعطيت عنواني عليه بعد أن جاءتني النيابة.. تعرف أنني مقطوعة من شجرة بعد وفاة أبي وأمي.. وثقتي في هذا الرجل بلا حدود.. لكن يبدو أنه يخفي عني سر اختفاء أختي.. هل يمكنني أن أطلب منك خدمة!
هذا يسعدني يا دكتورة؟!
ابتسمت في سخرية ثم همست في حزن واضح:
..أرجو أن تعرف مكان أختي بأي طريقة وأرجوك لا تحدثني بهذا اللقب مرة أخري.. أنا دكتورة فاشلة وإنسانة أكثر فشلا؟!
قلت لها :
لم أسألك لماذا أنت هنا الآن.. وإلي متي؟!
سوف تعرف من الضباط ولهذا من الأفضل أن تسمع مني بشرط ألا تنشر حكايتي حتي لا يشمت فيّ أحد.. أرجوك ولو بحق الجيرة؟!
اطمأني هذا وعد!
اطرقت حنان إلي الأرض لحظات.. ترددت وتنهدت.. ثم حبست دمعة ظهرت في عينيها.. وهمست قائلة:
كرهت حياتي بعد وفاة أبي ثم أمي.. كنت مدللة لا يرفضون لي طلبا.. وكانت اختي إلهام جادة في حياتها بشكل مبالغ فيه، بينما أنا أعشق الحياة والحرية.. وفجأة ضاع ينبوع الحنان وجف نهر الحب وأصابني اكتئاب فظيع كلما تجولت بعيني بين أرجاء الشقة، هنا كانت تعد أمي لنا الطعام، وهنا كان أبي يترك لي مصروفا إضافيا في مكان حدده لي حتي لا تغار مني إلهام.. وفي هذه الحجرة كانت أمي توقظني في الصباح وهي تقدم لي طعام الإفطار قبل أن أغادر سريري؟.. كانت الذكريات تعذبني ليلا، ونهاراً ولم تستطع إلهام أن تعوضني عن أبي وأمي، بل وضعت بيني وبينها حاجزاً حينما قالت لي في فترة الحداد جملة لا أنساها أبداً.. »‬انتهي زمن الدلع».. خدي بالك من دراستك.. ومن فساتينك.. ومن تصرفاتك. أي سلوك خطأ سيكون له حساب!.. لم يعد لاكتئابي حدود.. فكرت في الانتحار ثلاث مرات لكني خشيت أن أموت علي كفر.. وذات يوم زارتني صديقة وزميلة لي بالكلية لا سامحها الله.. اقترحت أن أخرج معها لتغيير هذا الجو المشحون بالذكريات الحزينة والأخت المتسلطة.. خرجت معها وتعرفت علي شاب أغرقني في نهر بلا قاع من الحب وكأنه يعلم نقطة ضعفي الوحيدة.. ومع الوقت أحسست أن لا غني عنه لحياتي، تقدم للزواج مني فرفضته إلهام وحذرتني من إهمال دراستي.. زادت الفجوة بيني وبينها.. طالبت بميراثي وحصلت عليه مع نصف مجوهرات أمي التي كانت أغلي كنوز الدنيا في نظري.. اقترح هذا الشاب أن نتزوج عرفيا استأجرنا شقة.. واشترينا بعض الأثاث بالتقسيط.. وعشت معه عاما ونصف العام وكأنني في جنة فوق الأرض، حتي اكتشفت في النهاية أنه مدمن.. وبدلا من أن يقلع عن الإدمان حاول أن يعلمني شم الهيروين معه.. تحولت جنة الأرض إلي جحيم بعد أن أصبحنا عاجزين عن سداد إيجار الشقة.. كنا نأكل وجبة واحدة في اليوم وكنت أتذكر أيام العز وأبكي.. لم أحاول الاتصال بإلهام حتي لا تشمت في حالي وتذكرني بنصائحها التي كانت تصب كلها لصالحي.. تحملت هذا العذاب حتي فوجئت بزوجي العرفي قد باع مصاغ أمي.. جن جنوني.. تشاجرنا.. ترك الشقة.. بحثت عنه كالمجنونة وفي حقيبتي سكين أعددته خصيصا للحوار معه، لكني كنت أرجو أن تكون المعلومات التي وصلتني خاطئة، إلا أنني فوجئت بالحقيقة المرة داخل شقة زميلتي التي كانت تقيم في شقة بمفردها بعد أن تركت المدينة الجامعية بقرار من المديرة بعد أن اكتشفت الجامعة أنها في دائرة الشك حول إدمانها.. ولأن أهلها في الريف أثرياء استأجروا لها هذه الشقة.. طرقت الباب.. وفتحت لي شيرين وشاهدت آثار الخيانة بعيني.. المدمنان معا فالطيور علي أشكالها تقع.. اقتربت من زوجي المدمن بعد أن خلعته هذه المفاجأة من قلبي وطرحته أرضا.. طعنته بالسكين.. وطلبت صديقتي الشرطة ولم أحاول الهروب.. لكني فوجئت أنه لم يمت.. وصدر ضدي حكم بالسجن خمسة عشر عاما بتهمتي الشروع في القتل وإحداث عاهة مستديمة لم يتبق منها سوي سنوات قليلة ومن حسن حظي أن الصحف لم تنشر الحادثة لاهتمامها بحادث آخر كبير فأرجو ألا تنشر الآن حتي لا تنكأ الجراح!
هذه حكايتي.. والآن أنا إنسانة أخري تعلمت الصلاة وتبت إلي الله وعلمني السجن ما لم أكن أعلم حتي حصلت علي بكالوريوس الطب خلف الأسوار العالية.. أرجوك دعني أعد إلي العنبر.. أشعر بصداع رهيب.. ولا تنس وعدك بعدم نشر حكايتي.. وحاول أن تبحث عن إلهام وقل لها إن اختك أصبحت إنسانة تعرف المسئولية ربما تعود المياه إلي مجاريها بيني وبينها ويرق قلبها لي بعد خروجي من السجن؟!

التقيت بعم مصطفي في نفس الليلة.. وبعد أن سمع ما دار بيني وبين حنان صارحني بالسر الذي يخفيه:
إلهام علمت بسجن اختها من أول يوم.. تزوجت من خطيبها وسافرت معه إلي الخليج هربا من الفضيحة.. وليلة سفرها قالت لي إنها تركت الشقة لحنان لتعيش فيها بعد الإفراج عنها.. ثم قالت لي بالحرف الواحد.. لا تسألوني عنها بعد ذلك لأنها ماتت في نظري!..
ويضيف عم مصطفي قائلا :
والذي لا تعلمه حنان أو سكان الحي أنني أدفع إيجار الشقة من جيبي حتي تستر حنان يوم تعود إلينا؟!.. اطمئن يا ابني لن أترك البنت، أنا اشتري لها الكتب وهي تؤدي امتحاناتها في كلية الطب من داخل السجن.. ومن رأيي ألا تزورها مرة أخري حتي لا تضعف أمامها وتعرف منك تخلي اختها عنها.. واحفظ سرها تنل عنها أجرا، ودع الأيام تفعل ما تريد!
عملت بنصيحة الحاج مصطفي.. انشغلت بعملي وشغلني حتي نسيت حنان وندرت زيارتي لمسقط رأسي.. لكن ذات يوم طلبوني لحضور جنازة الحاج مصطفي ودق قلبي بعنف.. وتذكرت حنان.. وضربت كفا بكف مندهشا من مصير حنان حينما تخرج من السجن فلا تجد المكان الوحيد الذي يسترها.. لكن الحاج فتحي أحد كبار الحي استدعاني علي انفراد بجوار سرادق العزاء ليلا ليخبرني بمفاجأة جديدة!
الحاج مصطفي وهو علي فراش الموت ترك لي تحويشة عمره لأشتري شقة أم إلهام وأسجلها باسم ابنتها حنان.. وقال إنك الوحيد الذي تعرف أين تعيش الآن.. وطلب مني أن أشاركك كتمان السر!
قصصت علي الرجل حكاية حنان.. وعرف أدق التفاصيل.. وبالفعل بدأ رحلة متابعتها داخل السجن بعد أن سجل الشقة باسمها وأودع العقد في أمانات السجن، لكن حنان غادرت السجن قبل الموعد الرسمي للإفراج عنها.. وقبل الإفراج بنصف أو ثلاثة أرباع المدة غادرت السجن داخل صندوق خشبي.. ماتت ذات ليلة وفوجئوا بها ذات صباح وقد فارقت الحياة في عنبر النزيلات!
أبلغني الحاج فتحي تليفونيا.. ولم أتردد في إذاعة الخبر علي جميع سكان الحي الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم.. وكانت جنازة كبيرة بدأت من أمام سجن النساء وانتهت في مقابر الخفير حيث أصر الحاج فتحي علي أن تدفن إلي جوار نساء العائلة!
الغريب أنني فكرت أكثر من مرة في نشر قصة حنان، وكنت أتراجع في اللحظة الأخيرة.. لكن بعد مرور كل هذه السنوات استبحت لنفسي هذا النشر لأن من حق حنان أن يكون لها ذكري.. ولو فوق هذه السطور بعد أن ظهرت إلهام مرة واحدة في الأسبوع الماضي.. وسأل الناس وقتها : لماذا حضرت الآن ولم تحضر جنازة أختها..؟؟
قالوا: جاءت لعمل إعلام وراثة تبيع به الشقة وتحصل علي ثمنها ثم تسافر مرة أخري!
أحلام النهار..!
الحياة بدون أحلام في غاية الإزعاج.. بل تصبح أحيانا مثل إنسان ألغي قلبه وعواطفه واعتمد فقط علي العقل والمنطق!
الحلم جميل ولو لم يتحقق.. ولهذا فإنني دائما أحلم حينما تشتد وطأة الواقع وتشد الدنيا كلا منا من أذنيه.. أحلم بأن الزمن الجميل لم يهجرنا إلي الأبد وإنما هو مثل الأم التي تغضب من أولادها فتترك البيت بعض الوقت ثم تعود ملهوفة عليهم!.. أحلم بأن الحب سوف يكتشف ذات يوم أننا وحشناه فيعود هو الآخر ليجمع بين قلوبنا.. أحلم بأن القيم الجميلة والمروءة والشهامة و'الجدعنة' وكل ما افتقدناه سوف يعود يوما بعد أن يتأكد من أننا استوعبنا الدرس ولم يعد كل منا لا يفكر إلا في نفسه!.. أحلم بأن تختفي النخبة التي عزلت نفسها عن واقع الشعب ويختفي النشطاء بعد أن أصبحت صفتهم سيئة السمعة وأن تكون العدالة ناجزة لأن العدالة البطيئة ظالمة،، وأن تقل نسبة الطلاق والخلع لأن البيوت المنهارة لا تقدم أبناء صالحين !.. أحلم بأن يجد كل أنسان يحب مصر فرصة حقيقية يقدم فيها أفكاره ليساهم في بناء وتنمية الوطن دون أن يجد أمامه من يهمله أو يحبطه أو يهمشه أو يشكك في كفاءته لمجرد أنه يكره النجاح.. أحلم بأن يقتنع المصريون بأن لا حل لأزماتهم الاقتصادية سوي العمل الحقيقي فلا يمكن أن يقتصر حب الوطن علي الشعارات والخطب والتغني بماض قد ذهب..!
دعوني أتفاءل لأن بعض الأحلام.. يتحقق !
وصف امرأة..!
صعد إلي أعلي قمة في العالم..
وسأل الشمس عن حبيبته فقالت له الشمس: أشرق من إحدي عينيها! وسأل عنها القمر فابتسم وقال له القمر : أنا أسكن »‬العين الأخري».. وأحيانا أضيئ من فوق وجهها..!
وسأل النهر.. فقال »‬عذوبتي جزء من عذوبتها»!
.. وسأل الليل.. فهمس في رقة: »‬هي نجمتي المفضلة»!
سأل الشعراء، فقالوا: »‬هي قصيدة كتبتها دقات القلوب»!
.. وسأل خبراء السياسة، فقالوا: »‬عيناها سلام.. غرامها حرب.. قوامها هدنة.. شفتاها منطقة ألغام تختبيء فهي أسلحة الدمار الشامل»!
وسأل خبراء الاقتصاد.. فقالوا: »‬هي العملة النادرة» !
.. سأل الدنيا فقالت : »‬هي مثلي.. يوم حلو وآخر مر»
تأملات
قال صلي الله عليه وسلم: إن الله يغار.. وغيرة الله سبحانه وتعالي أن يأتي المرء ما حرم الله عليه
شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه.. وهؤلاء بوجه آخر.
تقوم الساعة حينما يسند الأمر إلي غير أهله.
سمع النبي صلي الله عليه وسلم رجلا يمدح رجلا ويثني عليه فقال: كفي.. أهلكتم الرجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.