علمت »الأخبار« أن خمسة أسباب قانونية وموضوعية كانت وراء قرار النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود يرفض العروض المقدمة من رجال الأعمال والوزراء المتهمين في قضايا فساد لسداد 4 مليارات من الجنيهات وإعادة 5 ملايين متر الي المداولة في مقابل حفظ التحقيقات معهم. وأكدت مصادر قضائية ان القانون لا يتيح للنيابة قبول مثل هذه التسويات، كما ان الموافقة عليها يمكن ان تتسبب في ضياع حق المجتمع في معاقبة المتهمين جنائياً، خاصة ان الاحكام في قضايا المال العام تلزم المتهمين برد المبالغ التي استولوا عليها بالاضافة لتغريمهم بمبالغ مساوية للأموال الملزمين بردها. وتتولي التحقيقات في قضايا العدوان علي المال العام نيابة الاموال العامة العليا باشراف المستشار علي الهواري المحامي العام الأول للنيابة ويتابعها المستشار عماد عبدالله واشرف رزق المحاميان العامان للنيابة. أكدت المصادر القضائية ل»الأخبار« أن قرارات النيابة العامة برفض التسويات المقدمة من المتهمين استندت لأسباب قانونية وموضوعية بما يحفظ كامل حقوق المجتمع الذي تمثله النيابة العامة، فالأسباب تعود في الاساس الي عدم جدية العروض المقدمة من المتهمين فبعضهم طالب بالسداد عن طريق تقسيط المديونية وهو ما يمكن ان يثير التساؤلات حول كيفية ضمان سدادهم لباقي الاقساط اذا خرجوا من السجون، وبعضهم طلبوا منهم مهلة لبيع الأراضي وسداد حقوق الدولة وهو ما لا يمكن قبوله، وبعضهم تمسك بأنهم ليس لديهم سيولة نقدية وعرضوا الرد العيني وهو امر يحتاج الي وقت ولجان لتقييم العقارات وثمنها ولا يمثل حلاً جذرياً بل مجرد اضاعة للوقت أما السبب الرابع للرفض فكان مفاجأة صارخة حيث تمسك رجال الاعمال والوزراء المتهمون أمام النيابة بحقيقة أنهم لا يعلمون شيئاً عن هذه التسويات وان المحامين هم الذين قدموها للنيابة العامة بدون حصولهم علي موافقتهم أولاً. أما السبب الخامس والاهم للرفض فكان قانونياً حيث لا يوجد نص قانوني يتيح للنيابة العامة ان توافق علي قبول عروض المتهمين بتسوية وسداد مديونياتهم في مقابل اطلاق سراحهم وحفظ الدعاوي الجنائية بسبب عدم وجود وجه قانوني لاقامتها. رد وغرامة وأكدت المصادر ان قرارات النيابة بإحالة المتهمين للمحاكمة في قضايا العدوان علي المال العام سواء الرشوة والتربح او الاضرار العمدي بالمال العام او الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء تتضمن تطبيق مواد القانون والتي تلزم المتهمين برد ما استولوا عليه من اموال ولذلك فإذا صدر حكم محكمة الجنايات بادانة المتهمين فإن الحكم يتضمن العقوبة الجنائية والتي تصل للسجن المشدد 51 سنة وهي حق للمجتمع لا يمكن لأحد ان يتنازل عنه والحكم في هذه الحالة يتضمن الزام المتهمين برد كل المبالغ والاراضي التي استولوا عليها الي الدولة، مع الزامهم بدفع غرامات تساوي نفس قيمة المبالغ التي سيلزمون بردها، وهو ما يعني ان التصالح الآن يرد قيمة المبالغ التي استولوا عليها يمكن ان يضيع علي الدولة الحصول مع قيمة الغرامات. واكدت المصادر ان كل اموال وممتلكات وعقارات واسهم المتهمين في قضايا المال العام حالياً تحت التحفظ من النيابة واجهزة الدولة وهو ما يضمن تنفيذ احكام الزامهم بالرد والغرامة من هذه الاموال والممتلكات، اما اموال المتهمين وممتلكاتهم خارج مصر فلم يعرض احد منهم السداد من خلالها او إعادتها لمصر، والنيابة بادرت بمطالبة الدول بتجميد ارصدة المتهمين بها واذا صدر حكم الادانة ولم تكن أرصدة المتهمين بمصر كافية للسداد وسيتم مخاطبة الدول الاجنبية لاعادة اموال المتهمين لمصر تنفيذاً للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي تلزم الدول برد الأموال الموجودة بها والتي تم تحصيلها وجمعها نتيجة جرائم جنائية. قروض وشيكات وأكدت المصادر ان حال المتهمين في قضايا العدوان علي المال العام المتهمين فيها يختلف قانونياً تماماً عن حال اي منهم في قضايا قروض البنوك او الشيكات، ففي قضايا البنوك والشيكات ينص القانون علي حفظ الدعاوي الجنائية وانقضائها عند قيام المتهمين بالتصالح مع البنوك او الاشخاص وسداد كامل ما حصلوا عليه من قروض او قيمة الشيكات ويتم حفظ القضايا عند التصالح في اية مرحلة سواء أثناء تحقيقات النيابة أو عند المحاكمة الجنائية وحتي بعد صدور حكم بات من محكمة النقض.اما في قضايا الفساد المثارة حالياً فلا يوجد اي نص قانوني يتيح قبول اي عرض للتسويات او التصالح في مقابل حفظ التحقيقات واخلاء سبيل المتهمين.وكانت النيابة العامة قد نجحت في استرداد 81 مليارا خلال السنوات الأربع السابقة في قضايا البنوك والقروض مع عدد من رجال الاعمال والمسئولين بالشركات، وذلك بعد تصالحهم مع البنوك وسداد المبالغ مقابل حفظ التحقيقات والافراج عنهم.