أساتذة القانون: مصلحة المجتمع في استرداد الأموال المنهوبة وإعادتها لمصر رجال الاعمال من رموز الفساد عرضوا رد مليارات الجنيهات في مقابل حفظ التحقيقات معهم.. وهو ما آثار ردود افعال لدي المواطنين حول العروض المقدمة من المتهمين في قضايا العدوان علي المال العام والاستيلاء علي اموال واراضي الدولة. قامت »الاخبار« بطرح السؤال المهم حول هل تقبل العروض المقدمة من المتهمين للتصالح مقابل السداد أو رد الاراضي التي حصلوا عليها دون وجه حق في مقابل حفظ التحقيقات معهم؟ وهل قانون العقوبات وحده بما يتضمنه من نصوص عقابية هو القادر علي مواجهة الجريمة؟ وهل الاسراف في التجريم هو الوسيلة لحماية المجتمع من الجرائم؟ واجاب رجال القضاء واساتذة القانون علي الاسئلة بصراحة: يقول المستشار محمد عرفة رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة ان جرائم الفساد والعدوان علي اموال وممتلكات واراضي الدولة ومؤسساتها هي جرائم اساءت الاستغلال المرتبط بالوظيفة العامة واستهدف منها المشرع حماية المال العام في ظل الثقة التي اولتها الدولة للموظف العام حينما عهدت اليه بمنصبه العام ومكنته من السيطرة علي اموالها ومصالحها وافترضت فيه النزاهة.. فاذا ما اخل الموظف بهذه الثقة فانه يضع نفسه تحت طائلة العقوبات المشددة لتلك الجرائم.. فضلا عن العقوبات التبعية والتكميلية المقررة لها والتي تهدف في مجملها إلي إجباره علي التمسك بنزاهة الوظيفة العامة والولاء الكامل للمصلحة العامة. عقوبات أصلية ولذلك فان قانون العقوبات المصري قد نص في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات علي عقوبات اصيلة للجرائم التي يرتكبها المتهم مثل جرائم الاستيلاء بغير حق علي اموال الدولة وجرائم التربح وجرائم الاستيلاء علي اراضي الدولة ومؤسساتها بعقوبات تتراوح ما بين السجن المؤبد والسجن المشدد وليس هذا فقط ومن منطلق حرص المشرع علي توفير الحماية الكاملة للمال العام ولممتلكات الدولة فلم يكتف بالعقوبات الاصيلة التي اوردها في القانون ونص علي عقوبات تكميلية وجوبية يتعين القضاء بها من المحكمة ووضع في نص مستقل في ذات الباب الرابع من قانون العقوبات نص المادة 811 عقوبات واورد في هذا النص عقوبات اخري يجب الحكم بها وورد بهذا النص انه »فضلا عن العقوبات المقررة لهذه الجرائم بعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته.. كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولي عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة.. ولذلك فقد ورد بنص المادة 802 مكرر من قانون الاجراءات الجنائية انه في حالة ارتكاب جرائم العدوان علي المال العام وعلي ممتلكات الدولة في الاحوال التي تقوم فيها من التحقيق ادلة كافية علي جدية الاتهام وكذا في الجرائم التي يوجب القانون فيها علي المتهم برد المبالغ أو قيمة الاشياء محل الجريمة اذا قدرت النيابة العامة ان الامر يقتضي اتخاذ تدابير تحفظية علي اموال المتهم بما في ذلك منعه من التصرف فيها أو ادارتها وجب عليها ان تعرض الامر علي المحكمة الجنائية المختصة طالبة الحكم بذلك ضمانا لتنفيذ ما عسي ان يقضي به من غرامة أو رد. توفير الحماية واضاف المستشار محمد عرفة رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة بأنه حرصا من المشرع للمال العام ولرغبته الاكيدة في توفير الحماية الكاملة لاموال الدولة في حالة الاستيلاء عليها فقد اورد نصا خاصا في المادة 802 مكرر »د« بأنه قرر بان انقضاء الدعوي الجنائية بالوفاة قبل أو بعد احالتها إلي المحكمة في جرائم الاعتداء علي المال العام والتربح والاضرار العمدي به لا يحول دون امكانية قضاء المتهم بالرد في مواجهة الورثة والموصي له وكل من افاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم نافذا في اموال كل منهم بقدر ما استفاد. اما فيما يتعلق بموضوع التخالص وسداد المبالغ محل الجريمة »جرائم المال العام« تترك للمحكمة الجنائية المختصة التي تحال اليها القضية بعد التحقيقات. يقول المستشار عبدالراضي ابوليلة رئيس محكمة جنايات القاهرة والمرشح لرئاسة الجمهورية نصت المادة 311 من قانون العقوبات علي ان كل موظف عام استولي بغير حق علي مال أو اوراق أو غيرها لاحدي الجهات المبينة في المادة 911 وهي جهات حكومية أو سهل ذلك لغيره بأي طريقة كانت يعاقب بالسجن المؤقت أو السجن وعقوبتها من ثلاث سنوات حتي 51 عاما وتكون العقوبة السجن المؤبد اذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير وهذه المادة خاصة بعقاب المتهم الذي يستولي علي المال العام أو يسهل الاستيلاء عليه للغير فهي 511 عقوبات وتنص علي ان كل موظف عام حصل أو حاول ان يحصل لنفسه أو لغيره بدون حق علي ربح أو منفعة يعاقب بالسجن المؤقت من 3 سنوات حتي 51 عاما. اما تهمة الاضرار العمدي بالاموال العامة فقد نصت عليها المادة 611 مكررا بقولها »كل موظف عام اضر عمدا باموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو باموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلي تلك الجهات يعاقب بالسجن المؤقت«. كما نصت المادة 811 عقوبات »علي انه فضلا عن العقوبات السابقة يعزل الجاني من وظيفته. كما يحكم عليه برد الاموال التي اختلسها وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه«. وهذه الموادوعقوباتها والتهم الواردة فيها تشمل الوزراء الفاسدين ومن معهم فيما ارتكبوه من جرائم بالاستيلاء علي المال العام والاضرار العمدي به والجدير بالذكر انه اذا اراد المتهم سداد تلك المبالغ أو رد ما استولي عيه من اراض بغير حق أو سهل للغير الاستيلاء علي هذا المال أو تلك الاراضي فانه لا يحكم عليه بالرد امام المحكمة إلا ان ذلك لا ينال ولا يوقف شيئا من السير في محاكمته جنائيا في التهم الجنائية لتوقيع العقوبة المقيدة للحرية عليه بيد ان من الجائز ان تراعي محكمة الجنائيات سبق سداده لهذه الاموال اثناء تحقيقات النيابة معه وقد تراعي ذلك في تخفيض عقوبة السجن الموقعة عليه أو ايقاف تنفيذها اذا كانت الواقعة بسيطة وتحمل ذلك اذا رأت المحكمة كل هذا. والخلاصة.. ان قيام المتهم بسداد هذه الأموال الان واثناء التحقيق أو رد الاراضي التي استولي عليها لا يمنع مطلقا من محاكمته جنائيا وتوقيع عوقبة السجن عليه. يؤكد الفقيه الدستوري د.ثروت بدوي استاذ القانون بجامعة القاهرة اننا من الناحية السياسية نفضل استرداد الاموال المنهوبة واعادتها لمصر ولكن الفيصل في النهاية لنوعية التهمة الموجهة لرجل الاعمال.وبصفة عامة قد تكون اعادة الاموال من رجال الاعمال الذين اخذوا حقوقا بغير حق اهم من عقابهم.. وما يمكن ان يترتب علي ذلك من عدم التوصل لهذه الاموال. ولدينا مثل في ذلك في تهرب الفرد من سداد الضرائب.. فهذه تعد جريمة ومع ذلك يجوز فيها التصالح.. فالمهم في النهاية هو استعادة الاموال المسلوبة. ولكن من ناحية اخري يؤكد د.ثروت بدوي ان هذا الرأي لا ينبغي تطبيقه في كل الاحوال فيجب ان نفرق بين نوعين من الجرائم فلو كانت التهمة الموجهة لرجل الاعمال هي مجرد الحصول علي اراض باقل من قيمتها ففي هذه الحالة يجوز استرداد فرق السعر الذي تقدره المحكمة مقابل التصالح.. واعتقد ان الشعب سيرضي بذلك.اما اذا كانت التهمة رشوة مثلا ففي هذه الحالة لا يجوز التصالح.. النائب العام و الدعوي الجنائية ويقول د.حسام لطفي استاذ القانون المدني في حقوق بني سويف الاصل ان الجرائم المنسوبة لهؤلاء يملك دعواها الجنائية النائب العام.. فهو وحده صاحب الدعوي الجنائية ويستطيع طبقا لاحكام القانون ان يصدر قراره بالحفظ أو امره بانه لا وجه لاقامة الدعوي الجنائية لعدم الاهمية أو اذا وجد ان مصلحة المجتمع تقتضي ذلك لعدة اسباب مثل تفادي طول اجراءات التقاضي أو عدم امكانية الحصول علي هذه الاموال قبل سنوات. ويضيف د.حسام لطفي استاذ القانون المدني لحقوق بني سويف قائلا: في معظم قضايا الرأي العام فان الاتجاه الغالب ان تكتفي النيابة العامة بالتحقيق السليم ثم تترك للمحكمة اصدار حكمها.. وقد يترتب علي ذلك ان يتعرض لبعض الاجراءات القضائية ثم تثبت براءته.. والافضل من وجهة نظري ان تنتهي النيابة العامة من تحقيقاتها دون ضغوط وعجلة ويكون الرأي النهائي للنائب العام وهو رجل محل تقدير واحترام..فيصدر قراره اما بانه لا وجه لاقامة الدعوي أو يصدر قراره بالإدانة. فلابد ان نفترض امكانية وجود ابرياء وهؤلاء قد يضطرون للتصالح رغم براءتهم درءا للاجراءات أو للفضائح. وعلي هذا فلابد ان تنتهي جميع اجراءات النائب العام ويصدر قراره بالادانة قبل ان نبدأ في التصالح.