النائب العام يوقع مع نظيره الروسى مذكرات تعاون في مجال مكافحة جرائم الإرهاب والتطرف وغسل الأموال    مدرب رومانيا: الجيل الحالي من المنتخب لا حدود له    أخبار الأهلي : أول رد من الأهلي على المفاوضات مع نجم الرجاء المغربي    رجال الشرطة يوزعون الزهور والهدايا على المواطنين بالمحافظات إحتفالا بعيد الأضحى "فيديو"    التخطيط : 31.2 مليار جنيه قيمة الاستثمارات الموجهة لبورسعيد خلال 2023/24    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    الرئيس الروسي يعفي ثلاثة نواب لوزير الدفاع من مناصبهم    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    "تضامن الدقهلية" تواصل توزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    الفلبين: الصين تنفذ مناورات بحرية خطيرة أضرت بمراكبنا    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    مصر تحصد المركز الخامس عربيا في تصدير البطيخ    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    في ذكري وفاته.. الشيخ الشعراوي إمام الدعاة ومجدد الفكر الإسلامي    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    رئيس وزراء الهند يهنئ السيسي بعيد الأضحى    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    وزارة المالية: تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين بالدولة والقطاع الخاص    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    الكرملين: تصريحات الناتو بشأن نشر أسلحة نووية تصعيد خطير    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    إسرائيل تقرر زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية بعد اعتراف بلدان بدولة فلسطين    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعاً بمبادرة «حياة كريمة» في 3 محافظات بالصعيد    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    القبض على شخص بحوزته أقراص مخدرة بالخصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    سعر الريال السعودي في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأخبار» تكشف في تحقيق استقصائي مافيا الإتجار في حقن »کH« المغشوشة

كارثة حقيقية تهدد كثير من السيدات الحوامل وكل طفل يولد من رحمها.. أجيال قادمة ستولد مصابة بالتشوهات والأمراض .. أزمة تصاعدت اوتارها سريعا نظرًا لاختفاء حقن » انتي آر إتش»‬ وهي حقن مهمة لحماية الأجنة من الأنيميا القاتلة الناتجة عن تكسير كرات الدم الحمراء وتواجد الاجسام المضادة في جسد السيدات بعد أول ولادة،ولابد من اعطائها للسيدات بعد الولادة في مدة يجب ألا تزيد علي 72 ساعة فقط ، وتأتي أهمية حقن کH في كونها تقضي علي الأجسام المضادة التي تتكون لدي السيدة الحامل، وتكون نسبتها سالبة في الوقت الذي يكون فيه نسبة الزوج موجبة، ويكون الجنين موجباً علي عكس حالة الأم، وهنا يحدث تبادل بين دم الأم ودم الجنين، لذا تتكون أجسام مضادة ونقصها يعرض ملايين من الحوامل لمرات عديدة للإجهاض وتشوهات الاجنة .. رعب تعيشه السيدات الحوامل بصفة خاصة والمصريين بصفة عامة بسبب غياب العقار من الاسواق وتقاعس وزارة الصحة والحكومة قي احتواء الازمة رغم خطورة نقص هذا العقار الذي يعتبر من الادوية الاستراتيجية ولكنه اختفي من الصيدليات التابعة لوزارة الصحة ونظيرتها الخاصة منذ 6 اشهر ليشكل معاناة قاسية للمصريين الذين قدموا من كل محافظات الجمهوريةالي قاهرة المعز من أجل الحصول علي »‬حقنة» لكن الكارثة ان المكان الوحيد علي مستوي الجمهورية الذي اعلنت عنه وزارة الصحة تواجد العقار به وهو»شركة المصل واللقاح »‬ بالمهندسين علق لافتة كتب عليها »‬عفوا لا يوجد حقن ار اتش »‬.
وبالرغم من ارتفاع سعر الحقنة طبقا لقرار رفع أسعار الادوية الاخير من 420 جنيها الي 720 جنيها الا ان تلك الزيادة الكبيرة لم تكن كفيلة بتوفيرها فأصبحت »‬فص ملح وداب» وهوما فتح الباب أمام السوق السوداء لتستغل الأزمة وتضاعف أسعارها وظهور حقن مهربة ومجهولة المصدر في السوق تسبب مضاعفات خطيرة .. يبيعها معدومو الضمير بأسعار فلكية ولكنها »‬حقن فشنك»..
»‬الأخبار» رصدت بالصوت والصورة في هذا التحقيق العالم السري لسوق الأدوية الأسود وعاشت مع المصريين رحلة الصعاب في البحث عن »‬ال انتي ار اتش».. المواطنون ناشدوا الرئيس السيسي التدخل لحل الأزمة.. موضحين أن حالتهم لا تسمح بشراء الحقنة من السوق السوداء بألفي جنيه،خاصة مع تأكيد الاطباء ومنهم وزارة الصحة ان الحقن التي تباع في السوق السوداء مغشوشة وليس لها اي فاعلية بل علي العكس تؤدي الي مضاعفات خطيرة للسيدات عقب الحقن بها وأن إجراءات هيئة المصل واللقاح تضع أبناءهم في خانة »‬المشوهين».
كان الهدف من هذا التحقيق رصد معاناة المرضي نتيجة اختفاء العقار ورحلة البحث الطويلة التي يتكبدها المرضي وذويهم من أجل الحصول عليه لكن الامور سرعان ما تطورت لنجد انفسنا في النهاية نتعامل مع عصابات لا تقل في خطورتها عن تجار المخدرات يبيعون للناس الوهم في شكل حقن مغشوشة ليس لها اي فاعلية بل ربما تسبب لهم مزيدا من الامراض ويستغلون حاجتهم الملحة في الحصول علي الحقنة ليبيعوها بثلاثة اضعاف سعرها الذي حددته الدولة.
نقطة الانطلاق
بدأت الرحلة من مستشفي الجلاء للولادة بوسط العاصمة .. المشهد شبه يومي مرضي يجلسون علي الرصيف امام المستشفي وابواب يقف عليها 4 افراد امن استوقفنا احدهم فأخبرناهم اننا نبحث عن حقنة »‬ار اتش» للحوامل فكان ردة بانها ليست موجودة وان الجميع يبحث عنها وان المستشفي لا يوجد به اي حقن من هذا النوع ويتم مطالبة المرضي بتوفيرها بأنفسهم وطلب منا الانصراف الا اننا صممنا علي الدخول ومقابلة المدير واخبرناهم اننا صحفيون وقدمنا لهم زميلنا »‬خالد جمال» المصور الذي كان بصحبتنا باعتباره زوجا يبحث عن حقنة لزوجته التي وضعت منذ يومين وتحتاج للحقنة واننا جئنا معه لمساعدته في رحلت بحثه عنها وافقوا في النهاية واصطحبنا أحدهم الي مكتب المدير وكانت اولي المفاجآت عندما قابلتنا مديرة مكتبه بابتسامة -لا تتناسب مع ردها- عندما علمت اننا نبحث عن حقنة »‬ار اتش» فقالت احنا كمان بندور عليها وكل المرضي هنا بيدوروا عليها مشيرة الي ان اكبر مستشفي للولادة تتبع وزارة الصحة التي تعمل بها كانت تعتمد طوال السنوات الماضية علي التبرعات في توفيرها لكن مع تضاعف سعرها لم تعد متوافرة ويتم طلبها من المرضي الذين يحاولون الحصول عليها اما صيدلية المصل واللقاح فقط بحي المهندسين اومن الصيدليات الخاصة اوالسوق السوداء وانه في حالة عدم توفيرها يتم السماح للمريضة بالمغادرة مع اخذ اقرار علي زوجها بانه المسئول اذا لم تأخذ »‬ ال ار اتش» قبل 72 ساعة .. رحلة عذاب قررنا خلالها طرق جميع الابواب التي يطرقها المرضي من اجل تسجيل هذه المعاناة غادرنا مكتب المدير بعد ان فشلنا في مقابلته نجر اذيال الخيبة لكن احد العاملين في المستشفي عرض علينا المساعدة بتوفير ارقام بعض الصيدليات للاتصال بها والسؤال عن توافر الحقنة وبالفعل امدنا ببعض ارقام الصيدليات الخاصة التي اتصلنا بها جميعا لنسمع نفس الاجابة »‬مافيش» الا ان احدي العاملات في المستشفي كشفت لنا اول الخيوط للسوق السوداء للحصول علي الحقنة عندما قالت ان احدي المريضات حصلت عليها اليوم من مستشفي لا تعرف اسمها بجوار المصل واللقاح بالمهندسين لكن بسعر السوق السوداء 2000 جنيه .. بعدها قررنا الذهاب الي »‬صيدلية المصل واللقاح التابعة لوزارة الصحة» في محاولة للوصول الي اسم تلك الصيدلية والتعرف اكثر علي المعاناة من عشرات المتواجدين هناك للحصول علي الحقنة .
رحلة الصيدليات
توقفنا في الطريق عشرات المرات مررنا علي كل الصيدليات في طريقنا للبحث عن الحقنة لكن للاسف كنا نسمع داخل كل صيدلية نفس الاجابة وهي »‬ مش موجودة ومختفية منذ 6 شهور وكان سعرها 420 جنيها وارتفعت الي 720 جنيه ولكنها غير موجودة ، ويقول محمد ابراهيم »‬صيدلي :» بأنه في الفترة الأخيرة حدث نقص شديد في حقن الآر إتش، وهي حقنة تعطي للمرأة الحامل خلال 72 ساعة من الولادة لحماية المولود القادم من أي تشوهات خلقية، ولكن للأسف أزمة الدولار وارتفاع الأسعار، أدت إلي استغلال الموقف من قبل أصحاب النفوس الضعيفة وبالفعل ظهرت حقن آر إتش مضروبة ومغشوشة ومهربة تسببت في مشاكل صحية للحوامل واجنتهم محذرا من شراؤها من مناطق مجهولة المصدر وأضاف بأن الحقن المضروبة لا تشبه العبوة الأصلية وظهر منها نوعان أحدهما سائل ونوع علي هيئة بودر وهوالأخطر لأنه يسبب الوفاة، وفي حالة إحتياج حقن الآر إتش، يجب شرائها من الصيدليات التابعة لوزارة الصحة التي لا تتوافر فيها للاسف .
حسرة وحزن
الرحلة الثانية كانت لهيئة المصل واللقاح» فاكسيرا» ، فمن امام الأبواب التي دخلناها بحجة اننا نبحث عن العقار »‬ار اتش» رأينا عشرات الحالات من مختلف المحافظات الذين حضروا من كافة المحافظات املا في »‬حقنة» تغني اولادهم من التشوه اوالموت داخل حضانة .. قابلنا ابراهيم محمد من منطقة وادي الدباح بالقليوبية والذي قدم الي صيدلية المصل واللقاح وقطع مسافة ليست بالقليلة من اجل حقنة لزوجته التي ستلد طفلة خلال ايام قليلة وقف علي شباك صغير يجلس عليه موظف يتحدث في هاتفة ويجاوب المرضي اوذويهم القادمون من كل صوب .. لاحظنا وجود لافتة فوقه كتب عليها: لايوجد عقار »‬ار اتش »‬ الا علي نفقة الدولة» وهناك بعض الإجراءات التي تاخذ اسابيع في مقابل حالات انسانية يجب ان تاخذ العقار قبل نفاذ ال 72 ساعة واخرون وقفوا املا في عدم خروج اطفالهم الي النور قبل الحصول علي الحقنة ، الموظف المسئول طلب من الراغبين في الحصول علي العقار أما إحضار العديد من الأوراق الرسمية، أبرزها شهادة مختومة »‬بختم النسر» أوختم المستشفي التابع له السيدة، ودون تقديم الشهادة المذكورة يمتنع موظفوالهيئة عن صرفها،وتقديم الاوراق الي المجالس الطبية المتخصصة للحصول علي قرار علاج علي نفقة الدولة بسعر الحقنة مؤكدا انه لا يتم البيع للجمهور بمقابل مادي رغم احتياج الكثيرون لها في أسرع وقت؛ اوالاتصال باحدي الصيدليات التي من الممكن ان تجدها ب 2000 جنيه للحقنة رغم ان الدولة حددت سعرها في آخر ارتفاع للأدوية الي 720جنيها. حزن وحسرة علي الوجوه ومنها ايضا أحمد محمد الذي جاء من سنهور بمحافظة الفيوم ووقف والعرق يتصبب من جبينه في يوم شتاء دافئ ليؤكد لنا بانه تجاوز ال30 يوما وهو ينهي اجراءت وتحاليل للحصول علي الحقنة وانه بالفعل حصل علي قرار علاج علي نفقة الدولة ويكمل »‬ لكن للأسف فوجئت بأنني لن استلمه علي الرغم من أنه موعد استلامها وجئت من الفيوم من اجل الحقنة ونطالب الرئيس في توفيرها لنا بسعر رخيص فهي تباع في السوق السوداء ب2000جنيه ومش مضمونة.. وفي مشهد متوتر هو الآخر جلست سيدة شاحبة اللون تحمل طفلها ويجلس زوجها بجوارها والحسرة علي وجهيهما .. اقتربنا منها فاكدت »‬رافضة ذكر اسمها» بان اخر يوم لاخذ الحقنة هو اليوم ولم تستطع عمل الاوراق المطلوبة كلها لأنها انجبت مبكرا عن موعدها وقرار العلاج علي نفقة الدولة الخاص بها لم يصدر بعد وصيدلية المصل واللقاح رفضت اعطاءها الدواء واكتفت باعطائها رقم تليفون لاحدي الصيدليات الخاصة والتي تبيع الحقنة بسعر باهظ علاوة علي انها غير مضمونة وطالبت بعلوصوتها »‬ انجدونا ياحكومة»، ليغادرا المكان وملامح الحزن واضحة عليهما .
المغامرة
وبعد محاولات عديده في رحلة لا نعلم نهايتها اكد احد افراد الأمن الموجود بالهيئة العامة للمصل واللقاح »‬فاكسيرا» بان »‬حقنة ال ار اتش» موجودة في احدي الصيدليات القريبة من الهيئة وقام بوصف المكان ، وبالفعل توجهنا الي »‬صيدلية ... »‬ بحي المهندسين والتي تبعد امتارا قليلة عن المكان الوحيد الذي توجد به الحقن ، تحدثنا الي الدكتور الموجود ولكنه اكد بان سعر الحقنة الأصلية ب2000 جنيها مؤكدا بانها ليست موجودة في اي مكان وانه الوحيد الذي يبيعها في المنطقة لأنها اصلية اما باقي الحقن الموجودة بالصيدليات فهي بالفعل رخيصة الثمن ولكنها »‬ مضروبة» ، ومن ثم قام »‬الصيدلي» باعطائنا رقم هاتف وقال :» اتصل بالرقم ده اسمه الدكتور »‬ت» وهو هيبعتلك الحقنة ، فشكرناه وغادرنا الصيدلية والأسئلة تدور باذهاننا هل هذا الرقم سيعطي لنا »‬حقنة ال ار اتش» اصلية ام مضروبة ؟هل هذا الشخص بالفعل صيدلي كما أخبرونا أم انه تاجر مخدرات ربما قرر تغيير نشاطه طبقا لاحتياجات السوق ؟ وهل اصحاب الصيدليات متورطون في هذه التجارة الحرام أم انهم مجرد وسطاء يحاولون مساعدة المرضي ؟
اتصلنا بالرقم الذي حصلنا عليه من الصيدلي وكانت المكالمة كالتالي :» الوصباح الخير يادكتور .. ليرد ايوه مين .. فاجبته مسرعا انا اخذت الرقم من صيدلية »‬....» وقال اتصل بحضرتك واكد لي انك معاك »‬حقنة rh»» .. فاجاب ايوه يافندم ب2000 جنيه والحق بسرعة عشان مفيش غير حقنتين.. اتفقنا في اليوم الثاني علي شراء الحقنة وتم تحديد »‬موعد الإستلام والتسلم »‬ وكان امام مستشفي الشرطة بحي العجوزة »‬حسب رغبته.
تحركنا بالفعل الي المكان المتفق عليه يتملكنا بعض الخوف فالاسلوب والطريقة التي تحدث الينا بها وطريقة البيع اشبه بطرق تجارة المخدرات منها الي الحصول علي دواء في الطريق من مقر الجريدة في وسط البلد الي مكان التسليم والتسلم بالعجوزة روحنا نرتب كيف سنوثق ماسيحدث بكل الطرق وندرس اي الامكان ستكون مناسبة لاختباء المصور حتي يتمكن من التوثيق مع الاخذ في الاعتبار عدة امور كانت محور حديثنا ايضا وهي مجموعة من الافتراضات والتصورات هل سيتم التسليم والتسلم بالفعل بجوار مستشفي الشرطة ؟أم ان هناك احتمالات لقيامهم بتغيير الخطة وتغيير المكان وطريقة التسليم؟ كل هذه الامور كانت حاضرة ورتبنا امورنا علي ان ننزل من السيارة في مكان بعيد وان يتبعنا السائق ومعه المصور بالسيارة تحسبا لوجود »‬ناضورجية» خاصة ان هذا الشخص سألنا عن ما نرتديه من ملابس في المكالمة السابقة حتي يتمكنوا من التعرف علينا
»‬.. تحدثنا الي الدكتور »‬ت »‬ بعد وصولنا الي المكان وبعد ان اخذ زميلنا المصور مكانا مناسبا لتسجيل هذه اللحظات وقلنا له اننا في المكان المتفق عليه والفلوس جاهزة .. فقام بالتأكيد علينا مرة اخري بسؤالنا عن الملابس التي نرتديها لكي يتعرف علي حد تعبيره علينا ونقوم باخذ الحقنة وتسليمه الأموال .. وبالفعل حضر شاب عشريني »‬ضعيف البنية» وقام باعطائنا الحقنة دون خوف واتصل الدكتور»..» ليخبره :» »‬ كل شئ تمام» .. اخذنا الحقنة بعد رحله معاناة شاقة وشعرنا بالأمهات والأزواج في معاناتهم من اجل الحصول علي ال» rh» بعدها قمنا بتتبع هذا الشخص حتي وصل الي مقر الصيدلية ذاتها في احد الشوارع القريبة من المصل واللقاح واكتشفنا انه عامل الدليفري لذات الصيدلية لنتوجه بعدها الي احد الاطباء الذي أخبرنا بأن الحقنة سليمة بالفعل وانها من نفس النوع الذي يباع في المصل واللقاح.
أخيرا حصلنا علي الحقنة التي تعتبر هدفا لالاف من المرضي وبمعاينتها وجدناها فعلا »‬سليمة» وانها انتاج 2015 وصالحة لمدة 3 سنوات وتم استيرادها عن طريق الشركات الخاصة في شهر أكتوبر 2016 وهنا مخالفة أخري اذ ان قرار رفع اسعار الادوية الاخير يتم تطبيقه علي الادوية الجديدة وان الادوية التي تم انتاجها في تواريخ سابقة للقرار الذي صدر في 12 يناير 2017 لابد من بيعها بالسعر القديم اي 420 جنيها ولكن تم طمس السعر القديم وكتابة السعر الجديد عليها وهو720 جنيها وهونفس الامر الذي تقوم به المصل واللقاح نفسها التي تبيع الحقنة بالسعر الجديد رغم انه تم استيرادها في وقت سابق للقرار بشهور
قمنا بعدها بتتبع الشخص الذي سلمنا الحقنة لنجده في النهاية أجد العاملين في صيدلية »‬....» التي قام الصيدلي الموجود بها باعطائنا الرقم الذي حصلنا منه علي الرقم
لكن القصة لم تنته فقد اخبرنا هذا الصيدلي بأن هناك حقنا رخيصة تباع في الصيدليات المجاورة لكنها من النوع المغشوش وليس لها اي فاعلية وبالتالي فأن الخطورة الحقيقية ليست في الحصول علي حقنة سليمة بسعر غال عن طريق السوق السوداء حتي لوتم العثور عليها بهذه الصعوبة وحتي لوكان ذلك مخالفا ويستوجب العقاب لكن الخطورة الحقيقية في هذه الحقن المغشوشة التي لم نصل اليها بعد.
»‬حقنة كولومبيا»
وفي احدي الصيدليات المجاورة ايضا لهيئة المصل تقدمنا بسؤال »‬صيدلي» فأكد بان الحقنة مصنعة في سويسرا وهي اصلية الصنع مثلما تباع في هيئة المصل واللقاح» .. فسالناه هل هناك انواع اخري رخيصة .. فأكد بأن هناك »‬صيدلية ....» تبيع الحقنة دون »‬سرنجة» عكس الأصلية التي تحتوي علي المادة الفعالة بالسرنجة ..وتباع بسعر 700جنيها للعبوة ، ذهبنا الي الصدلية المزعومة وقابلنا »‬صيدلي شاب» وسالناه :» هل يوجد حقنة rh ب700 جنيه؟ .. فاجاب بلهفة :» ايوه يافندم موجودة .. فسالته :» هل لها اي اضرار ؟ وما الفارق بينها وبين الحقنة ذات سعر ال 2000 جنيه .. فاجاب بثقة »‬ الإثنين واحد» الفرق بس ان الحقنة دي »‬امبول» دون سرنجة وهي كولمبية الصنع ولكنها نفس المادة الفعالة .. فرجعنا مرة اخري الي الصيدلية الأولي ولا حظنا وجود عامل الدليفري الذي قام بتوصيل الحقنة الأولي لنا .. فتفاجأ بوجودنا داخل الصيدلية ممسكين بالحقنة الأصلية .. فسألنا :» خير ياباشا ؟» .. فاجبناه :»عايز ارجع الحقنة عشان لاقيتها ب700 جنيه بره».. فأجاب »‬مسرعا :»براحتك ياباشا ثواني بس الدكتور هييجي يديلك فلوسك بس معلومة ليك الحقنة التانية اللي اشترتها دي مضروبة .. فاجبناه والحزن يملأ وجوههنا:» انا في احتياج لاي مبالغ مالية لأن زوجتي علي وش ولاده» .. فاشار بابتسامة صفراء :» بس افتكر اني قولتلك مضروبة وخاف علي مراتك احسن».. فتعجبت من طريقته الواثقة بان الحقنة »‬ام 700» مضروبة ، فاكدت له بان الصيدلي الأخر اكد لي بانها مستوردة »‬كولومبيية» الصنع وليس هناك فرق عن الحقنة التي تباع ب2000جنيه والأخري التي تباع ب700 جنيها سوي »‬السرنجة» لنجد صاحب الصيدلية قد وصل بالفعل وقام باخذ الحقنة وقام بوضعها في الثلاجة واعطانا »‬اموالنا ال2000 جنيه »‬ وعلامات الاستهزاء بمصيرنا تملأ وجهه ليقول :» ياباشا براحتك روح اشتري المضروبة ربنا يسترها عليك» ويكمل انا كنت ببيع الحقن الكولومبي ب400 جنيه وكان أحد الاشخاص يقوم بأحضارها لنا مقابل 40 جنيه للحقنة وكان يؤكد لنا انها مهربة ومستوردة من الخارج لكني تأكدت بعد ذلك انها مغشوشة وقمت باعطائها لزوجتي لكن للاسف حدث لها اجهاض في الشهر السابع وقام الطبيب باعطائها حقنة اصلية بعد الاجهاض وبعد ان تأكدت بنفسي وتعرضت لهذا الموقف امتنعت تماما عن بيعها .
»‬صدمة !»
خرجنا من الصيدلية الأولي لنذهب الي الأخري المجاورة لها »‬علي بعد امتار قليلة» والتي تبيع »‬حقنة ال rh ب 700 جنيه فقط .. دخلنا الي الصيدلي مرة اخري وسألناه سؤال اخير هل بها اي مشكلة تؤثر علي صحة »‬زوجتي» فقال :» لايوجد بها مشاكل ومش متأكد اسأل الدكتور ؟ .. فقمنا بتصويرها وبالفعل اشتريناها ومن ثم قام باعطاء »‬كيس ثلج» لحفظها ولم يقم باعطائنا اي فاتورة .. خرجنا من الصيدلية الثانية وعلامات التعجب علي وجوهنا ويكأنها تقول :» حرام والله اللي بيحصل فينا» .. توجهنا بسرعة الي الهيئة العامة للمصل واللقاح ، تقدمنا الي بوابة الأمن لنؤكد له باننا اشترينا هذه الحقنة ونريد التأكد منها .. ليؤكد لنا »‬حارس الأمن قائلا:» دي مضروبة انت كمان اشتريتها؟؟ في اشارة الي كثرة المترددين للسؤال عن فاعلية هذه الحقنة المضروبة بعد شرائها خش للصيدلية جوه واسال الدكتور» وقام بوصف الطريق الينا بعدما تاكد من وقوعنا في ازمة ، وبالفعل تقدمنا الي »‬شباك فاكسيرا» الصيدلية الموجودة داخل الهيئة العامة للمصل واللقاح وهي الجهة الوحيدة التي تبيع هذه الحقنة .. وفور سؤالنا لعامل الشباك »‬ تبدلت الوان وجهه وقام بالرجوع خطوتين الي الوراء وقام بسؤال الدكتور في المكتب الخلفي .. ليؤكد له من الوهلة الأولي حينما وقعت عيناه علي الحقنة قائلا :» دي الكولومبي المضروبة ملهاش لازمة روح رجعها بسرعة» ، فاجبته بحزن :» ده احنا دوخنا عقبال اما لاقيناها وبعدين دي ب700 جنيه اعمل ايه ؟.. »‬اجاب الدكتور» ...» :» دي ملهاش لازمة ومجهولة المصدر »‬مايه ساقعة »‬ لومراتك خدتها اكنها مخدتش حاجة ارجع للصيدلية ورجعها ممكن يبقي في مصيبة دي ولا كولومبي ولا حاجة »‬ .. خرجنا الي الشارع والسؤال الوحيد الذي يدور في اذهاننا »‬ ماهي اعداد السيدات اللاتي سياخذون هذه الحقنة »‬مجهولة المصدر» .. وكم جنينا سيولد في وطننا مشوها .. وكم سيدة ستصاب بالنزيف في حملها الثاني وتتوقف عن الإنجاب؟»» ..كلها اسئلة اكدت لنا بان السيدات المصريات علي وشك مصيبة تهدد الالاف منهن »‬.
»‬كعب داير»
كان كل ما يشغلنا في هذه الاثناء معرفة محتوي هذه الحقنة هل هي فعلا بلا فاعلية ؟ ام أن الامر اكثر خطورة باحتوائها علي اشياء ضارة قد تسبب مزيدا من الاضرار للسيدات بعد الحقن بها وهنا بدأنا رحلة أخري للبحث عن مكان لتحليل محتوي هذه الحقنة اللعينة فتوجهنا الي مقر التحاليل المركزية التابع لوزارة الصحة الذين اكدوا انهم غير متخصصين بمثل هذا النوع من التحاليل لكنهم وجهونا الي ادارة الصيدلة التي تتبعها هيئة تسمي الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية التي من الممكن ان تجري هذا النوع من التحاليل وبالفعل توجهنا في اليوم التالي الي هذه الهيئة حيث فاجأتنا سيدة تعمل هناك »‬رفضت ذكر اسمها» وعندما شاهدت الحقنة »‬قالت هي دي مضروبة ؟ »‬..انا ابني لسه شاريها من اسبوعين وقام باعطائها لزوجته فطلبنا منها اجراء تحليل لمحتوي العينة فأجابت بسخرية تحليل ايه يا فندم ماعندناش الكلام ده بس ممكن حضراتكم تتوجهوا لادارة الصيدلة بوزارة الصحة وتحصلوا منهم علي خطاب رسمي موجه للهيئة خرجنا مسرعين الي الادارة في شارع المنيل وبعد معاناة وصلنا لمكتب المسئول الاعلامي الذي اكد ان الدكتورة رشا زيادة مساعدة الوزير لشئون الصيدلة مش فاضية لكن ممكن تروحوا للدكتور مصطفي السيد مدير ادارة التفتيش الصيدلي واصطحبنا أحد شباب الاطباء بالادارة الي مكتبه لكن يبدوانه هوالاخر كان »‬مش فاضي »‬ فطلب منا الانتظار في غرفة بها عدد من المفتشين من شباب الصيادلة العاملين في الادارة وما ان شاهدوا الحقنة حتي بدا عليهم علامات الاهتمام وانهالوا علينا بالاسئلة من اين حصلتم عليها؟ وبكام ؟ من صيدلية ولا مكان تاني ؟ وهل حصلتم علي فاتورة ؟ فقلنا لهم نحن علي استعداد لتقديم كل المعلومات لكن في البداية نريد ان نقوم بتحليل هذه الحقنة في المعامل الخاصة بالوزارة فكانت الاجابة دي حقنة مغشوشة وماعندناش امكانية التحليل لكن ممكن تكتبوا شكوي وتسيبوا الحقنة واحنا هنتصرف ، ثم قاموا باعطائنا منشورا مؤرخا من شهر 10 من العام الماضي يفيد بان هناك نقص في حقن ال rh وظهور حقن مضروبة مجهولة المصدر تباع باسعار عالية في الأسواق ، والان وبعد اكثر من شهر لاتزال هذه الحقن المغشوشة تباع في الخفاء وبعيدا عن اعين الرقابة والمصريات هن من يدفعن ثمن الإهمال، طرقنا الباب الأخير وهو»مصلحة الكيمياء» بالإسعاف لإجراء تحليل علي الحقنة واثبات اذا ماكانت الحقنة بها »‬rh »‬ ام لا .. تغيب عنا المسئول عن اجراء التحليل لاكثر من نصف ساعة ليعود الينا وعلامات الحسرة علي وجهه قائلا :» الإستاندر مش موجود عندنا للأسف ، صعب نحلل الحقنة» .. تيقنا في النهاية انه من الممكن ان تكون الحقنة المضروبة »‬الكولومبية» من السهل وجود بها »‬اي مصيبة» مثلما اكد بعض المسئولين في هيئة التفتيش والرقابة بادارة شئون الصيدلة.. اوانها بلا فاعلية او»بصريح العبارة : زي الماية الساقعة لا بتضر ولا بتنفع »‬ مثلما اكد احد الاطباء في هيئة المصل واللقاح رافضا البوح بشخصيته مما يؤكد باننا اصبحنا نعيش في عالم كالغابة البقاء فيه للأقوي ولاعزاء للمرضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.