الباعة : تجار وسطاء يجبروننا علي رفع الأسعار .. وإحنا والزبائن ضحايا تجار العبور : 5% هامش ربحنا منذ سنوات طويلة ..ومدير السوق : جشع غير مبرر في أسواق التجزئة تجاوزت الساعة التاسعة صباحاً، امتلأت خلالها الأسواق بالباعة لمختلف أنواع الخضراوات والفاكهة، تعالت الأصوات في صخب في محاولة لجذب المارة الذين تنقلت عيونهم بين السلع المعروضة في حسرة لا تدري كيف ستتمكن من الاستقرار علي عدد منها بما يتناسب مع قوت يومهم في ظل أسعار ارتفعت بشكل مفاجئ خلال فترة بسيطة... هذا باختصار هو المشهد المتكرر يومياً في معظم الأسواق المصرية، فبالرغم من ان معظمها أسواق شعبية تخدم المواطن البسيط إلا أن أسعارها لا تدل علي ذلك، فزيادة الأسعار بها جعلت المواطن يتجول لساعات ولا يخرج إلا بأنصاف الكيلو جرامات من الخضراوات لتوفير وجبة بسيطة لأولاده، ومن هنا بدأت »الأخبار» في جولة استمرت لعدة أيام لمحاولة رصد أسباب هذا الارتفاع المبالغ به، فبدأنا الجولة بسوق العبور وتجارها مروراً بكبار تجارالأسواق وصولاً للباعة لنجد أن المنتجات تصل إلي المواطن البسيط بعد ان تنال زيادة تصل إلي 100% وأحيانا 300% عن أسعارها بسوق الجملة. من سوق العبور بمحافظة القليوبية بدأنا جولتنا مابين عنابر الخضراوات والفاكهة التي بلغت 24 عنبراً، قضي بها تجار الجملة أكثر من 20 عاماً عقب نقلهم من سوق روض الفرج، فتوجهنا للحاج حميدو رشدي، من أقدم وأكبر تجار الخضراوات بالسوق، والذي أوضح لنا أن زيادة أسعار الخضراوات بسوق العبور طبيعية وطفيفة بالرغم من أن ذلك لا يتماشي مع زيادة تكاليف الزراعة. 5% عمولة ويشير الحاج حميدو إلي أن التجار بسوق العبور إما أصحاب أراضٍ زراعية وبالتالي فإنهم يتعاملون بمحاصيلهم، أو انهم يقومون بالتعاون مع الفلاحين لشراء إنتاجية الأرض مسبقاً قبل البدء في الزراعة، مشيراً إلي أن غالبية تجار العبور من النوع الثاني ومن هنا يقوم التاجر بدفع ثمن الخضراوات قبل زراعتها بعد الاتفاق علي ثمن الطن الواحد من كل منتج، ويكمل الحاج حميدو حديثه قائلاً: »هامش ربحنا يبلغ 5% تقريبا، فما يتم دفعه للفلاح مسبقاً نقوم بتحصيله خلال الموسم بزيادة ربح بسيطة علي المبلغ الأصلي، وهذه النسبة ثابته منذ عدة سنوات بالرغم من رفع الفلاح لثمن الطن بعد أن ارتفعت تكاليف الزراعة». أما ياسر إبراهيم، تاجر بسوق العبور، فأشار لنا إلي انه حتي لا يتم رفع أسعار الخضراوات بالسوق اتجه التجار إلي طرق عديدة لمحاولة تخفيض التكاليف، فتم الاستغناء عن عدد كبير من العمال لدي كل تاجر، وأضاف إبراهيم أنهم ايضا اتجهوا لتخفيض كمية المحاصيل المنزرعة خلال العام. أرخص الأسعار وخلال جولتنا بسوق العبور، توجهنا لمدير الجهاز التنفيذي لسوق العبور، اللواء محمد شرف، والذي أكد لنا أنه يتم إعداد قائمة بأسعار كافة الخضراوات والفاكهة يومياً إلا أنه أشار إلي أن لكل سلعة بالسوق وقت ذروة يكون البيع فيه بالمزادات بنظام »العداية » أو »الشروة» وحينها تصل السلعة إلي أرخص سعر لها ويكون أقل مما يتم تسجيله أيضا بالقائمة الاسترشادية التي يتم إعدادها يومياً، موضحا أن الخضراوات تبدأ وقت ذروتها من 12 ظهراً إلي 5 العصر، أما الفاكهة فتبدأ ذروتها من الخامسة فجراً وحتي التاسعة صباحاً. أما عن أسعار الخضراوات والفاكهة بسوق العبور فمن خلال جولتنا بين التجار وبعد مطالعة عدة قوائم استرشادية رصدنا أسعار عدد من الخضراوات والفاكهة، فيتراوح سعر كيلو الطماطم من 150 قرشا إلي 3 جنيهات،والبطاطس 170 قرشا إلي 340 قرشاً، أما كيلو البصل فيتراوح ما بين 3 إلي 6 جنيهات، والكوسة ما بين 3 إلي 4 جنيهات، أما الفلفل الألوان فوصل ل 10 جنيهات، بينما سجل الباذنجان 4 جنيهات، والبسلة 450 قرشا، كما سجلت البطاطا في المتوسط جنيهين والبنجر 3 جنيهات للكيلو، والجزر 125 قرشا. أما الفاكهة فيتراوح سعر كيلو البرتقال من 2 إلي 3 جنيهات،والليمون الحلو ب5 جنيهات، كما سجل التفاح اللبناني والسوري 11 جنيها للكيلو، وسجلت الجوافة 3 جنيهات. جشع غير مبرر وأكد لنا مدير الجهاز التنفيذي للسوق، أن الأسعار بأسواق التجزئة مرتفعة بشكل مبالغ فيه مما يعكس جشعا غير مبرر من قبل التجار علي الرغم من أن التكاليف التي يتطلبها نقل الخضراوات والفاكهة من العبور إلي الأسواق لا تتماشي مع هذه الزيادة الكبيرة، وأضاف أن كل ما يفرض علي التاجر هو ميزان الخروج فيتم تحصيل 350 قرشاً علي كل طن بجانب دفع نحو 200 جنيه للسيارة التي تحمل مقدار طن ونصف، ومن هنا فإذا حسبنا الزيادة علي كل كيلو سنجدها لا تصل إلي 25 قرشاً، أي أن الزيادة بالخارج غبر مبررة فالتفاح علي سبيل المثال يباع بالعبور بنحو 11 جنيها ونجده بالخارج ب 25 جنيهاً. ومن العبور انتقلنا إلي سوق »السيما» بالكيت كات، وسوق »المزلقان»ببولاق الدكرور باعتبارهما من أكثر الأسواق الشعبية رواجاً ورصدت »الأخبار» ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الخضراوات حتي وصلت الزيادة في بعض الأصناف إلي ما يتراوح بين100% - 300%عن أسعارها بسوق الجملة بالعبور، وعن القائمة الاسترشادية التي أعلنتها وزارة التموين منذ عدة أيام، فوصل كيلو الجزر إلي أربعة جنيهات أي بزيادة تصل إلي 300% عن سوق العبور، و100% عن القائمة الاسترشادية والتي حددت سعر الكيلو ما بين جنيه و2 جنيه، كما وصل سعر كيلو الطماطم إلي 5 جنيهات بدلاً من 125 قرشاً بالقائمة الاسترشادية،بينما بلغ سعر الباذنجان 8 جنيهات بدلا من 4 جنيهات، وسجلت الكوسة 7 جنيهات بالرغم من إعلان القائمة الاسترشادية لسعر يتراوح بين 350 قرشاً و5 جنيهات للكيلو، أما الفلفل الألوان فبلغ 21 جنيهاً بدلاً من 14 جنيها. ومن جانبه أكد لنا وائل أحمد، بائع خضراوات،أن الأسعار هذا الموسم ارتفعت بشكل كبير في كافة الأسواق، وأن الأسعار الاسترشادية ما هي إلا حبر علي ورق، موضحا أن بعض الأصناف سجلت أسعاراً لم تصل لها من قبل مثل البصل الذي وصل إلي 8 جنيهات لأول مرة منذ سنوات طويلة بالرغم من توافره بسوق العبور ب 3 جنيهات، ووضعت وزارة التموين سعرا له يتراوح مابين 350 قرشاً إلي 650 قرشاً، كما وصلت البطاطس إلي 5 جنيهات بدلاً من 2 و3 جنيهات بالقائمة، وقفز الليمون إلي 15 جنيهاً بدلاً من 8 و12 جنيها كسعر محدد بالقائمة الاسترشادية. جنون الفاكهة ولم تسلم الفاكهة من الزيادة غير المتوقعة عن أسعار الجملة فارتفع التفاح السوري واللبناني إلي 20 جنيها مقابل 11 و13 جنيها للكيلو بسوق العبور، كما وصل كيلو الموز إلي 7 و8 جنيهات بالرغم من إعلانه بالقائمة الإسترشادية ب4 جنيهات. وقد أدت الزيادة الكبيرة في الأسعار إلي إخفاء الباعة لافتات الأسعار المرتفعة خوفاً من هروب الزبائن والاكتفاء بوضع لافتات الأسعار المنخفضة علي الخضراوات غير الطازجة لجذب الزبون ثم مفاجأته بالأسعار الحقيقية عقب توقفه للشراء. فيعرض البائع لافتة تحمل جنيهين ونصفا للبطاطس وما إن يصل الزبون حتي يجدها ثمن البطاطس الصغيرة »السلق» في الوقت الذي يبلغه البائع أن سعر البطاطس التحمير والصينية يبلغ 6 و7 جنيهات، وتكرر هذا المشهد في عرض الطماطم فيعلن التاجر لافتة تحمل جنيهين وما إن يقترب الزبون فيجدها ثمن الطماطم »الكسر أو الصلصلة» بينما يصل سعر الطماطم »السليمة أو السلطة» خمسة جنيهات. ومن جانب آخر عمد بعض الباعة إلي إخفاء التسعيرة نهائياً والاكتفاء بأسلوب تبادل الحديث مع الزبون لمحاولة جذبه للشراء. وفي محاولة لمعرفة أسباب ارتفاع اسعار الخضراوات والفاكهة إلي هذا الحد عن تكلفتها في سوق العبور أكد لنا معظم الباعة أن كلمة السر هي »الوسطاء» الذين يوفرون لهم الخضراوات والفاكهة بأسعار تزيد عن أسعار الجملة، موضحين أنه مع زيادة عدد الوسطاء ترتفع الزيادة المفروضة علي الكيلو. هامش ربح تشير الحاجة »أم محمد»، بائعة خضراوات في سوق السيما منذ 27 عاما، أنها اعتادت منذ سنوات الشراء من تجارمعروفين بامبابة فيوفرون لها كافة أصناف الخضراوات يوميا، لتقوم ببيعها بعد إضافة هامش ربح ليغطي ما تنفقه من تكاليف خاصة بعد ارتفاع سعر الأكياس والذي ارتفع خلال فترة قصيرة من 12 جنيها للكيلو إلي 30 جنيها. أما يحيي بسيوني، 33 عاما، بائع خضراوات، فيشير إلي أنه يشتري الخضراوات من التجار الكبار في السوق إلا أنهم يضعون شروطا واضحة وهي عدم بيع الخضراوات بأسعار تقل عما يعرضونه بالأسواق، موضحاً أنه علي سبيل المثال يحصل علي الجزر من التاجر ب 250 قرشا بدلا من 125 قرشا بالجملة، إلا أنه لا يستطيع بيعه بأقل من 4 جنيهات نظراً إلي ان التاجر نفسه يضعها ب 3 جنيهات ونصف. أكثر من وسيط أما نعيمة عبد القادر والتي تخصصت في بيع الفلفل الألوان والخيار في السوق فأكدت أنها لا تستطيع الذهاب لسوق العبور نظرا لعدم توافر الإمكانيات التي تسمح لها التعامل بالأطنان مما يضطرها في نهاية الأمر إلي الشراء من الوسيط الثاني الذي يشتري من تاجر السوق والذي بدوره يشتري من تجار العبور، ومن هنا ترتفع أسعار الخضراوات بشكل كبير لديها موضحة أن صغار الباعة مثلهم مثل الزبون ضحايا لمنظومة كبيرة يستغل فيها التجار حاجة الأهالي.