كلنا أصابنا الخوف الذي اقترب من حد الرعب من حالات البلطجة التي تسبب فيها الانفلات الأمني بعد انسحاب الشرطة من الشارع عقب ثورة الشباب. الهاربون من السجون وهم بالآلاف زادوا هذا الشعور خاصة مع حالة الهلع التي أصابت الكثيرين وهم يسمعون عن بطش البلطجية ببعض الأحياء وفرض سطوتهم وإجرامهم خاصة مع حجم وكمية السلاح التي وصلت إلي ايديهم وسرقت من السجون والأقسام التي تم اقتحامها وحرقها من المنفلتين الذين حاولوا استغلال الثورة وانشغال الشباب بها، وفعلوا ما فعلوا. الأمر وصل إلي حد الخطورة الداهمة خاصة مع تأخر عودة رجال الأمن لسبب أو لآخر لدرجة ان أغلبنا آثر عدم ترك منزله أو المخاطرة بالنزول إلي الشارع الذي رأينا فيه لأول مرة السيوف والخناجر والسنج بجانب الأسلحة النارية بمختلف أشكالها وعياراتها ووصل الحد إلي سقوط قتلي ضحايا لتلك الأعمال التي يجرمها القانون. وقد لا يخفي علينا جميعا أن عمليات البلطجة والانفلات الأمني كانت حتي قبل قيام ثورة الشباب يوم 52 يناير الماضي تسيطر علي أماكن كثيرة وصارت في بعضها كظاهرة تعبنا من آثارها وفشلنا في الأعم الأغلب في مواجهتها.. رأيناها في بلطجة بعض سائقي الميكروباص وسائقي النقل علي الطرق ومافيا الأراضي وبلطجة الانتخابات، ونكون صرحاء لو قلنا اننا تركنا لهم الحبل علي الغارب فصارت أفعالهم تزداد شراسة وعنفا وإجراما مع كل غمضة عين أو سكوت عما يفعلون تأييدا ممن أرادوا لنا ان نخاف.. ووصل الحد إلي الاعتداء علي رموز العدالة وقصورها. لقد شعر الناس في بعض الأوقات ان البلطجة هي الأصل والأمان هو الاستثناء وهو ما تجسد مع الأسف في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. كانت الصورة قبل 52 يناير تؤكد اننا نعيش عصر اللاأمان علي أنفسنا وعلي أموالنا وكانت كل الشواهد تقول اننا قادمون إلي مجهول يتسبب فيه هذا الانفلات الكبير. ولاننا لم نتوقع هذا الانسحاب المفاجئ للشرطة فقد عشنا أياما ندعو الله ان تنتهي بلا عودة وان تنحسر معها البلطجة إلي غير رجعة.. ولم تبدأ تخرج من دائرتها إلا بعد ان بدأ الجيش يفرض بقوة يده ليردع البلطجة والمنفلتين الذين روعوا الآمنيين. محاكمات فورية وأحكام سريعة وقوية نافذة بلا استئناف ولا نقض ولا ضياع للوقت وصلت إلي حد السجن المشدد لكل من سولت له نفسه العبث بأمن الوطن وتهديد ابنائه، وللحقيقة، طمأنت هذه الأحكام و المحاكمات السريعة التي باشرها المجلس العسكري بنفسه وأعلنها علي الجميع في مختلف وسائل الاعلام المسموع والمقروء والمرئي، كل الناس والأهل ووأدت أي تفكير أو محاولة يقدم عليها أي منحرف لتروعينا بعدما أظهر له الجيش العين الحمراء. ما فعله الجيش هو ما نحتاج إليه مستقبلا إذا أردنا ان نقضي علي كل أنواع البلطجة بأي صورة من الصور وان نمحوها من حياتنا بعد أن سيطرت عليها لسنوات. إذا واجهنا بشجاعة وإذا لم نتأخر في الردع واذا قدمنا المنفلت لمحاكمات فورية وعلنية وبأحكام لا تقبل الطعن عليها شريطة ان يكون الاتهام صحيحا سوف نوقف كل ظواهر البلطجة التي هددت وتهدد مجتمعنا. علينا ان نبحث عن طرق جديدة تفرض الأمان وتحقق العدالة بيننا جميعا، علينا ان نلفظ السلبية في مواجهة الظواهر التي تهدد كيان المجتمع وإذا كانت القوانين لا تحقق لنا هذا الأمان فعلينا ان نغيرها.