»بعد أن تم حرمان المصريين عن التعبير عن آرائهم ومطالبهم لفترة طويلة وبعد سنوات من كبت الحريات جاءت ثورة 52 يناير تصاحبها عدة ظواهر اجتماعية منها الانفلات والحدة في لغة الحوار وتعدد المطالب الفئوية والتشدد في تحقيق التغيير دفعة واحدة وفي أقصر وقت.. الخبراء في علوم اللغة والتنمية البشرية والاجتماعية يضعون الحلول للتعامل مع هذه الظواهر. في البداية يقول د. محمود جمعة اخصائي تنمية بشرية أنه ليس مستغرباً حالة الانفلات في الشارع المصري خاصة بعد قيام ثورة 52 يناير.. حالة انفلات في اللغة وفي المطالب الفئوية العاجلة.. للاسف الكل يظن ان الثورة لحظية أي تقوم الان ثم تنتهي.. وبالتالي يتصورون أن المطالب ان لم تتحقق الان فلن تتحقق فيما بعد. وأكد د. محمود جمعة علي أنه لابد أن تقوم حملات توعية للناس تخبرهم ببرامج التغيير وأوقات التغيير حتي يشعر أصحاب المطالب الفئوية ان هناك من يسمعهم... وأن هناك من يعمل علي تحقيق مطالبهم.... لكن ان تتم المطالب دفعة واحدة أو مرة واحدة. ومن الطبيعي ان يعني سقوط النظام الذي استأسد بجميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية وكل شئ. من الطبيعي ان نشعر ان هناك انفلاتا.. فلا ننزعج كثيراً لهذا الانفلات.. وأكد الدكتور محمود جمعة مرة ثانية علي أهمية تهيئة الرأي العام عن طريق وسائل الإعلام المختلفة بطبيعة التغيير وان نعطي فرصة للجميع حتي يتغيروا مع ما يتغير حولنا من معطيات في حياتنا. ويقول الدكتور عماد عبد اللطيف مدرس البلاغة وتحليل الخطاب بكلية الآداب جامعة القاهرة.. حينما افكر في لغة الحوار السياسي بين المصريين اثناء وبعد ثورة 52 يناير.. اتخيل صورة شخص ظل فمه مقيداً لزمن طويل وهو لا يستطيع ان يشكو أو يفضفض دون خوف أو قلق وفجأة ينفك القيد ويتاح له للمرة الأولي التعبير عن نفسه.. ومن الطبيعي أن تكون الكلمات الاولي التي ينطقها هذا الشخص بعد طول سكوت مبهمة أو حادة او بها بعض الانفلات.. ويضيف انه يمكن ان تتحول في بعض الحالات الي صراخ وعويل وهذا ما نجده في لغة بعض المظاهرات الاجتماعية التي غالبا ما يكون هدفها معالجة مشكلات متعددة. وأوضح أن صرخة المظلوم تكون محملة بمشاعر وانفعالات غامرة قد تخرج بها في بعض الأحيان عن حد المعقول.. واضاف ان اغلب هؤلاء المحتجين حرموا طويلا من التثقيف السياسي وبعضهم يمارس حق التعبير عن نفسه لأول مرة.. لذا فهو يحتاج بعض الوقت كي يهذب ممارساته وهذا سيحدث بالتأكيد في وقت قصير وفي الواقع فإنه من الواجب علينا جميعاً ان ننصت لكلام هؤلاء الصامتين وان نقدر لهم حرصهم علي الدفاع عن حقوقهم وأن نمد لهم العون كي يتمكنوا من التعبير عن انفسهم بأفضل طريقة ممكنة. ويؤكد الدكتور محمود عطية بكلية الآداب جامعة القاهرة أنه بقراءة التاريخ نجد انه من الطبيعي جداً بعد الثورات ان نلحظ ما لاحظناه الان من لغة نطلق عليها انها منفلتة وغير منضبطه لأننا تعودنا علي شكل واحد من التعبير وتعودنا ان نسمع ونكتم تعليقنا علي ما نسمعه. وأكد ضرورة استيعاب ما حدث ونضعه في مكانه الصحيح.. وبالتأكيد سوف تهدأ الأمور وتعود اشكال التعبير أو سرعان ما نتعود علي هذا الشكل من التعبير في صورته الجديدة. وتؤكد الدكتورة زينب شاهين استاذ علم الاجتماع وخبيرة الاسرة والمرأة بالجامعة الامريكية انه بعد احداث ثورة 52 يناير حدثت تغييرات جذرية وانكشف النقاب عن أوضاع أخذت الناس بالذهول والدهشة والسخط الذي عم الشعب المصري. تكشفت أمور الفساد وبالتالي كان أمام هذا السخط نوع من التعبير في كثير من الأحيان ألفاظ نابية وأحيانا اشكال اخري من التعبير.. التعبير بالألم مثل التعبيرات (نعامل بقسوة - اتبهدلنا) تعبير بالشعور بالالم والمهانة. وأكدت الدكتورة زينب شاهين علي ان الشارع المصري مليء بالغضب بسبب كثرة الضغوط التي تعرض لها واكتشاف حجم الفساد والظلم.. فأدي به إلي ظهور لغة مختلفة.. لغة منفلتة تعبر عما يجيش في النفوس. أن نعبر هذه المرحلة الانتقالية وأن يكون هناك اعلام واع يصل بالمواطنين الي الحل الامثل تدريجيا وأن يعي الناس ان المطالب لن تنفذ دفعة واحدة أو مرة واحدة وأنه لابد من العمل الجاد.