ديلما روسيف ما أن طوت البرازيل مؤقتاً صفحة الرئيسة المعزولة ديلما روسيف، حتي دخلت البلاد في جدل حول امرأة أخري هي مارسيلا زوجة الرئيس الحالي ميشيل تامر اللبناني الأصل، والذي تولي إدارة البلاد خلفاً لروسيف المتهمة بالفساد، وفضلاً عن الجمال الصارخ المثير للجدل لمارسيلا فإن البعض في بلاد السامبا يتساءل بخبث عمن يدفع ثمن رحلاتها وتسوقها في ميلانو وباريس، وعما إذا كانت امرأة مبذرة مثلها يمكنها أن تشعر بمعاناة عامة الشعب. ويبدو أن أزمات البرازيل باتت متجسدة في نسائها، فقبل انعقاد مجلس الشيوخ البرازيلي بأربع وعشرين ساعة، قامت ديلما روسيف بتنظيف مكتبها الرئاسي وجمعت كتبها وصورها ومتعلقاتها استعداداً للرحيل.. كانت تعلم أن اللعبة انتهت ولم يعد هناك مجال للمناورة، وأن لجوءها للمحكمة الدستورية العليا لن ينصفها، وكان توقعها في محله تماماً حيث أبلغها رئيس مجلس الشيوخ فيسينتينو ألفيس بقرار الأغلبية القاضي بالمضي قدماً في إجراءات إبعادها عن منصبها بعد ثبوت تلاعبها في الموازنة العامة للبلاد، وبناء عليه فإنه يتوجب علي روسيف أن تصطحب مستشارها ومعلمها الرئيس السابق لولا دي سيلفا (2003-2010) وأن يغادرا القصر الرئاسي «بلانالتو»، بعدما تسببت في حالة من الفوضي والمظاهرات الحاشدة التي قسمت البلاد بين معارضة طالبت برحيلها وموالاة تمسكت ببقائها. قرار مجلس الشيوخ أجبر روسيف علي تسليم سلطاتها لنائبها ميشيل تامر، المحسوب علي حزب الحركة الديموقراطية، لمدة 180 يوماً انتظاراً للقرار النهائي للهيئة البرلمانية العليا، وسيكون مسموحاً لروسيف خلال هذه المدة البقاء في قصر «ألفارادو» الرئاسي، مع تقليص مرتبها للنصف (ما يعادل 3900 يورو)، لتجهيز دفاعها عن نفسها بمساعدة محاميها، وإذا جاء قرار مجلس الشيوخ في النهاية ليدينها بأغلبية الثلثين فستواجه تهمة ارتكاب «جريمة وهي في موقع المسئولية»، وسيستمر نائبها ميشيل تامر في منصب الرئيس حتي الانتخابات المقبلة عام 2018، ما يعني أن زوجته مارسيلا وتحركاتها ستظل محط أنظار الجميع طيلة هذه المدة. حالة من الحزن سيطرت علي النواب الموالين للحكومة بعد التصويت علي إبعاد روسيف عن منصبها، لا سيما في أوساط النواب المحسوبين علي حزب العمال الحاكم PT، والذين لم تكن أصواتهم لتغير من الأمر شيئا، وكان أقصي ما يسعون إليه هو ألا تُجبر روسيف علي التنحي بفارق مُذل من الأصوات، وقال جورج فيانا النائب عن حزب العمال: « يبدو أن بلدنا في طريقه لدفع ثمن حماقة كبري»، بل وحتي روبرتو ميكياو النائب عن حزب الحركة الوطنية (حزب القائم بأعمال الرئاسة ميشيل تامر)، أبدي تخوفه من « برامج نيوليبرالية قد تدفع البرازيل لمصير مشابه لليونان والبرتغال»، في إشارة إلي بيع وخصخصة القطاع العام وفتح الطريق لتشريد الآلاف من العمال.المؤيدون لعزل روسيف أبدوا ندماً من نوع آخر، علي غرار كريستوفام بوراك النائب عن الحزب الشعبي الاشتراكي PPS الذي قال لصحيفة لوموند الفرنسية: « تلك لحظة لم أكن أتمني أن أعيشها.. لقد عاصرت الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس البلاد عام 1964، وسُجنت دفاعاً عنه، واليوم أنا مستعد لدخول السجن مرة أخري كي تستمر إجراءات عزل روسيف ولكي تتوقف أكاذيب السلطة وعجرفتها»، وتابع بوراك: « إذا كانت روسيف تصف ما حدث ضدها بالانقلاب العسكري فإنها نفس المرأة التي أيدت عزل الرئيس الأسبق فرناندو كولور (اليوم نائب في مجلس الشيوخ) بنفس الإجراءات التي اتبعها المجلس»، ولا يخفي بوراك تشاؤمه مما هو قادم ويؤكد أن ما جري ليس له سوي معني واحد هو «انقضاء عهد حزب العمال وتراجع السياسات الاشتراكية، والقفز إلي المجهول من خلال السياسات الليبرالية التي سيقرها ميشيل تامر». حتي المتظاهرون في الشوارع المؤيدون لرحيل ديلما روسيف، لم يبد عليهم حماس النصر، إذ تقول آنا لوسيا ربة منزل (53 عاماً) : «الأزمة عميقة ولن يكون هناك تحسن فوري»، وأوضحت علي وقع أغنية تقول: « لقد سقطت ديلما بالفعل»، أن البلاد «خرجت من حالة الفوضي، ولكن علي الحكومة القادمة أن تقضي علي الفساد وإلا فسوف ننزل الشارع مرة أخري». إجبار ديلما روسيف علي التنحي يعني انتهاء 13 عاماً حكم خلالها العمال بلاد السامبا، وتراجعت البطالة ونسب الفقر خلال تلك الفترة بالفعل، ويبدو الكابوس المنتظر متمثلاً في تخلي الحكومة الليبرالية المقبلة عن خلق الوظائف في القطاع العام، وطبقاً لصحيفة O Globo البرازيلية فإن مصير 10000 وظيفة كانت حكومة روسيف علي وشك الإعلان عنها، بات معلقاً لأجل غير مسمي.