رفضت المعارضة الليبية امس اي تفاوض مع نظام الزعيم معمر القذافي مطالبة برحيله ومتعهدة بعدم ملاحقته قانونيا في هذه الحالة. جاء ذلك في الوقت الذي تدخل فيه معارك ليبيا الدامية اسبوعها الرابع لتتحول المواجهات العسكرية بين معارضي القذافي وكتائب مواليه له إلي حرب أهلية راح ضحيتها عدد كبير من القتلي. واعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفي عبد الجليل امس ان المجلس رفض عرض تفاوض من القذافي قبل ان يتنحي. واضاف ان المجلس لن يلاحق القذافي قضائياً اذا تنحي وغادر البلاد. واوضح ان القذافي لم يرسل مبعوثا عنه شخصيا لكن محامين في طرابلس عرضوا القيام بوساطة لبدء مفاوضات. وبعد ساعات قليلة, نفي النظام الليبي بشكل قطعي ان يكون تقدم بعرض تفاوض مع الثوار. وقبل ذلك اكد المتحدث باسم المجلس مصطفي غرياني ان المجلس تلقي اتصالا من ممثل للقذافي عرض فيه التفاوض بشأن رحيل الزعيم الليبي مشددا علي ان المجلس لن يتفاوض مع شخص اراق الدم الليبي ومازال يفعل وانه لايثق بالقذافي وليس لديه ما يجعله يثق به اليوم.وكانت وسائل إعلامية عربية قد ذكرت إن القذافي يسعي للتوصل إلي اتفاق يسمح له بالتنحي بضمانات معينة تشمل سلامته الشخصية وسلامة عائلته وتعهدا بالا يقدموا الي المحاكمة.وذكرت قناة الجزيرة ان مصادر من المجلس ابلغت مراسلها في بنغازي ان العرض مرفوض لانه يعادل خروجا "مشرفا" للقذافي و"تنازلا عن حقوق ضحايا جرائم الحرب وجرائم بحق الانسانية". وقال مصدر قريب من المجلس الوطني الانتقالي ان الصيغة التي اقترحها الجانب الاخر تتضمن تسليم القذافي السلطة الي رئيس مؤتمر الشعب العام (البرلمان) ومغادرة البلاد ومعه مبلغ معين من المال. كما نقلت القناة تقارير عن وساطة اجنبية لتأمين خروج القذافي. ومن جانبه, قال الساعدي نجل القذافي في مقابلة مع قناة العربية ان والده لا يمكنه التنحي كما يطالب المعارضون لان ذلك سيؤدي الي حرب أهلية. واضاف إن والده لم يزج بجيشه في معركة كاملة ضد المتمردين الي الان ليدخره لحماية ليبيا من هجوم أجنبي وانه اذا فعل ذلك فقد تندلع حرب أهلية. وحمل الساعدي شقيقه سيف الاسلام بعض المسئولية عن الاضطرابات التي تشهدها البلاد وقال ان سيف الاسلام قد سعي لعمل اصلاحات قبل الاضطرابات لكنه اخفق في معالجة مشكلات الليبيين العاديين. واشار الساعدي الي أن الجيش الليبي تدخل حتي الان لحماية "الاماكن الحيوية" فقط والي أن القوات المسلحة الكبيرة مرهونة بكلمة من القائد. وأوحي انتقاد الساعدي لشقيقه سيف الاسلام بوجود خلافات داخل عائلة القذافي مع استمرار الاضطرابات. وفي سياق متصل, أكد شاهد عيان من العاصمة طرابلس ما رددته مصادر ليبية عن أن أصوات الأعيرة النارية التي سمعها سكان طرابلس قبل يومين من داخل معقل القذافي الحصين في ثكنة باب العزيزية ترجع إلي خلاف حاد اندلع بشكل مفاجئ بين أبناء القذافي. ووفقا لمصادر ليبية، فقد اندلع شجار بين أبناء القذافي الذين انقسموا علي أنفسهم بين مؤيد ومعارض لاستمرار النظام الليبي في قمع الثوار الذين يطالبون القذافي بالتخلي عن الحكم. وأوضحت المصادر أنه في حين أيد الساعدي وسيف الإسلام والمعتصم وخميس خطة القذافي لإخماد الثورة الشعبية ضده بكل الوسائل العسكرية المتاحة عارضها أبناؤه الآخرون عائشة وهنيبعل ومحمد. ومن جهة اخري, تجددت المعارك في مدينة الزاوية قرب طرابلس في وقت تواصلت فيه الاشتباكات في عدة مدن شرقيّ البلاد بينها راس لانوف. وذكرت وسائل اعلام ليبية ان الزاوية تشهد معارك ضارية واطلاق نار بالدبابات. ووصفت مجموعات من المعارضة الوضع هناك بالكارثي متهمين قوات القذافي بتدمير المدينة. وأفادت تقارير ان المعارضة سيطرت علي مدينة "زنتان" التي تبعد 120 كيلو مترا جنوب غربي طرابلس مع بقاء قوات القذافي منتشرة حولها. وفي راس لانوف التي تكتسي أهمية إستراتيجية باعتبارها ميناء يحوي مصفاة نفطية, شنت قوات القذافي اربع ضربات جوية علي الاقل علي مناطق داخل وحول المدينة اصابت احداها منطقة سكنية. من جانب آخر، ذكرت صحيفة "ليبيا اليوم" المعارضة نقلاً عن مصادر من داخل قاعدة "امعيتيقة" أنباء تفيد بأن قوات القذافي تستعد لزرع الألغام حول منطقة سرت وكذلك مصفاة الزاوية. وكانت القوات الموالية للقذافي قد تقدمت باتجاه بلدة رأس لانوف التي يسيطر عليها الثوار كما قصف مدينة الزاوية من جميع الاتجاهات. وفي خطوة غير مسبوقة لا تخلو من رمزية، رفعت أول سفينة نفطية علم الاستقلال في ليبيا، وهي سفينة مالطية تعرف باسم "سارف". وأوضح نقيب العمال في شركة الخليج العربي الليبية ناظم درميش أنه تم إنزال علم الموالين للقذافي المرفوع فوق السفينة واستبداله بعلم الاستقلال الليبي مشيراً إلي أن حمولة الناقلة تصل إلي 600 ألف برميل. وذكرت صحيفة جلف نيوز ان شرق ليبيا الذي يسيطر عليه الثوار يواجه خطر نفاد البنزين في غضون اسبوع بعد توقف مصافي التكرير في المنطقة. وقال شبان افارقة من الفارين الي تونس ان جنودا موالين للقذافي يعتقلون المهاجرين الافارقة السود لاجبارهم علي قتال المعارضة. واعتبر خبير ليبي ان حربا اهلية تدور حاليا وان ايا من الطرفين لا يتراجع لذلك فان الاحتمال الكبير بان تكون حرب استنزاف طويلة.