لسنوات طويلة قادمة لن يستطيع المصريون نسيان مشهد النقيب ضياء فتوح، وهو يبادر إلي تفكيك إحدي العبوات الناسفة محاولاً إنقاذ العديد من الأرواح التي كانت ستذهب ضحية هذا العمل التخريبي لكن يد القدر كانت اسرع من أصابع النقيب فتوح، لتنفجر العبوة الناسفة، ليقدم هذا البطل لروحه فداء عشرات الأرواح البريئة. هذه واحدة من العديد من البطولات اليومية لرجال الحماية المدنية، ربما قدر لها ان يشاهدها الناس لأنها تم تصويرها، لكن هناك في المقابل عشرات البطولات الأخري التي تجري في صمت، بعيداً عن الكاميرات، فرسانها رجال يواجهون الموت بشجاعة، ويترقبون ساعات الخطر ليسارعوا إلي أداء واجبهم في حماية المواطنين الأبرياء.. وبالأمس احتفلت مصر والعالم باليوم العالمي للحماية المدنية تحت شعار «الحماية المدنية والتكنولوجيا الحديثة للمعلومات»، وهو ما مثل مناسبة لاستعادة بطولات رجال الحماية المدنية الذين قدموا 95 شهيداً وأكثر من 132 مصاباً خلال الفترة الأخيرة في مواجهة قنابل الغدر الإرهابية. اليقظة والسرعة والشجاعة، هي السمات الأساسية التي يتحلي بها رجال الحماية المدنية طوال ساعات عملهم التي تمتد إلي 24 ساعة متواصلة في معظم الأحيان، الوقت لديهم يعني حياة الناس، كل لحظة قد تحمل خطراً عليهم أن يواجهوه بلا تردد، وكل ساعة قد تحمل مواقف صعبة يقفون في مواجهتها بكل شجاعة. ما بين اخماد الحرائق وإبطال مفعول القنابل والعبوات الناسفة، وإنقاذ أرواح المواطنين في المباني الآيلة للسقوط، تتنوع مهام رجال الحماية المدنية، وكل تلك المواقف لا تقل خطراً عن الاخري، وفي مواجهة هذه المواقف الخطرة تبرز البطولات، وتتجسد معاني التضحية، فعلي سبيل المثال استطاع احد رجال الحماية المدنية في المنوفية إنقاذ رضيعين من حريق هائل، وخلال محاولة الانقاذ سقط من الدور الرابع، وأصيب اصابة بالغة أدت إلي بتر إحدي ساقيه. وفي الأقصر قرر بطلان من رجال الحماية المدنية اقتحام النيران التي نشبت بأحد الفنادق لإنقاذ عشرات من السائحين، وقد دفع البطلان حياتهما ثمناً لإنقاذ ضيوف مصر. وفي سوهاج أنقذ أربعة من رجال الحماية المدنية قرية «شطورة» من كارثة محققة عندما أخمدوا حريقاً ضخماً بمخزن للوقود، واستشهد الرجال الأربعة. تضحيات كبيرة وكثيرة لا يمكن احصاؤها، وستظل متواصلة، وهو ما أكده اللواء محمد خالد يوسف مساعد وزير الداخلية للشرطة المتخصصة الذي شدد علي الشرطة في حالة استنفار واستعداد قصوي لمواجهة أي غدر.. وأضاف مساعد الوزير في كلمته خلال الاحتفال الذي اقيم بمقر الإدارة العامة للحماية المدنية بمدينة نصر بمناسبة اليوم العالمي للحماية المدنية ان الداخلية طورت الأجهزة والمعدات مع التدريب الجيد للقوات لمواجهة جميع الاخطار مشدداً علي أن هناك محاولات يائسة من الجماعات الارهابية للنيل من الوطن متجاهلين قوة الشعب وارادته في مواجهتهم والتصدي لهم، وقال: لن ننسي دور الشهداء الذين ضحوا من اجل الوطن ومستعدون لدحر الارهاب، وتم خلال الاحتفال تكريم أسر الشهداء تخليداً لذكراهم وبطولاتهم.