مسئولية كبيرة تقع علي «كاهل» هذا البرلمان، حيث يتوقع الكثيرون منه ان يصلح ما افسده الدهر خلال السنوات الخمس الماضية باصدار تشريعات لاصلاح منظومتي التعليم والصحة، ودعم مناخ الاستثمار بالاضافة إلي تحقيق العدالة الاجتماعية. تلقي «النخبة» علي عائق مجلس النواب بآمال عريضة، وتنتظر منه ان يراجع التشريعات السابقة، قبل ان يصدر اخري جديدة تترجم فلسفة الحكم ومواد الدستور. في البداية يري الدكتور ممدوح حمزة المهندس الاستشاري انه ينبغي علي البرلمان تشجيع التعليم والصحة والانتاج، ويضيف ان حل مشاكل منظومة التعليم لا يمكن ان يتم بالطرق التقليدية، وعلي لجنة التعليم بمجلس الشعب ان تفكر خارج الصندوق وتضع التشريعات وتراقبها، اما بالنسبة لتشريعات الصحة فيجب ان تراعي امرين، الاول هو الا يكون في مصر مواطن يعجز عن العلاج ويموت لانه لا يمتلك 200 جنيه، الثاني انشاء مشروع قومي كبير يطلق عليه «الصحة اهم من العلاج» واذا طبقنا ذلك فسنعيش بدون امراض وفي بيئة نظيفة، اما الانتاج فلا يأتي الا بعمل ما يسمي ب «value chain» وذلك عن طريق تتابع الصناعات، فيجب ان تعمل الدولة علي تكامل صناعة معينة وليس الاعتماد علي الصناعات المتصلة. ويشدد السفير جمال بيومي علي ان وظيفة البرلمان طبقا للدستور هي الرقابة والتشريع فهذا لابد ان ينظر ويقر القوانين والتشريعات التي اصدرها رئيس الجمهورية قبل تشكيله، ويشير إلي ان التشريع فيما مضي كان يأتي جاهزا من الدولة ليوافق البرلمان عليه، لذلك يجب علي البرلمان ان يسن التشريعات وهذا دوره الدستوري، ويؤكد ان هناك مسائل كثيرة في العمل الاقتصادي والاستثماري لم يجب عنها التشريع المصري حتي الآن، وفي مقدمتها انه لم يتم تحديد كيفية الحصول علي اراض لاقامة مشروعات لان قانون الاستثمار الموحد لم يحسم هذه المسألة، بل تركها لمجلس الوزراء واضاف ان هناك قوانين تشل يد المسئول في ان يتحذ القرار ويجب اعادة النظر بها. ويري ان المشكلة الثانية التي يجب ان يواجهها البرلمان هي تسوية المنازعات، فالدولة لم تحدد حتي الآن هيئة لتسوية المنازعات ولم تمنح من يوكل اليه تسوية المنازعات حق اتخاذ قرار نهائي لا طعن عليه، ويجب سن قانون لفض المنازعات بصورة تحمس الذي يحكم فض المنازعة، وتشير إلي انه ليس متفائلا فيما يتعلق بهاتين المسألتين، اما بالنسبة للمسائل الداخلية فيشير السفير جمال بيومي إلي ان البرلمان ينبغي ان يساند الاتجاه نحو البعد الاجتماعي في السياسة الاقتصادية، وان تكون الاولوية لمن لا يأكل او لا يعمل ولمن لا يظله سقف. وتؤكد د. عزة هيكل عضو المجلس التخصصي لتنمية المجتمع ان اولويات البرلمان لابد ان تتمثل في اصدار قوانين صارمة لتطوير منظومة التعليم في مصر، مشيرا إلي ان لديها اقتراحات جادة لتطويرها والارتقاء بها، وانها ستطرحه في اجتماعات المجلس الاستشاري التابع لرئاسة الجمهورية قبل طرحه علي البرلمان، اما القضية الحيوية الثانية التي يجب ان يأخذها البرلمان في الحسبان فتتعلق بقضايا الاسرة ومحاكمها لتقليل فترة التقاضي في القضايا وتحقيق العدالة الناجزة بحيث لا تتجاوز مدة التقاضي ثلاثة اشهر، وان تصبح المرأة قاضية في محاكم الاسرة. ويري د. طارق فهمي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان اولويات البرلمان لابد ان تكون اقتصادية، بمعني ان تكون القوانين الاقتصادية في مقدمة اجندته، والهدف هو ترجمة فلسفة نظام الحكم، ومن ابرز القوانين الاقتصادية التي يجب ان يناقشها البرلمان في الجلسات الاولي قانون الاستثمار الذي يعرف ب «قانون الاستثمار الموحد» رقم «30» لسنة 2014، وما يتعلق به من نظام الشباك الواحد، بالاضافة إلي حزمة القوانين التي اصدرها الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، ومنها قانون الحد الاقصي والادني للاجور. ويشير العميد خالد عكاشة مدير المركز الطبي للدراسات الامنية إلي ان اهم خطوة يجب ان يقوم بها البرلمان هي تنقية التشريعات وتحديثها وتوحيدها، والقضاء علي التضارب في القوانين، وانهاء حالة فوضي التشريع واصدارقوانين مكملة لبعضها، واوضح اننا كنا نعاني من هذه الفوضي طيلة السنوات الماضية مما تسبب في تعطيل اجراءات التقاضي، ويؤكد انه يجب ان تكون القوانين التي يصدرها البرلمان سلسة وبسيطة، لنساعد القضاء في اداء دوره بدلا من ان نتهمه بالبطء وعدم الحسم، فاذا قام البرلمان باصلاح النظام التشريعي وتقويمه والقضاء علي هذه الفوضي، فسيكون ذلك دفعة للأمام ويتم تصحيح الاوضاع الاجتماعية والسياسية والامنية.