الفرصة الأخيرة لتسجيل رغبات المرحلة الأولى في تنسيق الجامعات 2025    7 كليات وتخصصات جديدة.. تفاصيل المصروفات والتقديم بجامعة بورسعيد الأهلية 2025-2026    11.5 طن.. تراجع مشتريات المصريين من الذهب 20% خلال 3 أشهر    التصديري للملابس: 25% زيادة في صادرات القطاع بالنصف الأول من 2025    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بغرب المنصورة: رضا المواطن الهدف الأسمى    أسعار اللحوم اليوم الخميس 31-7-2025 بأسواق محافظة البحيرة    الرئيس اللبناني يكشف أبرز بنود المذكرة التي حددتها بلاده لقطع الطريق على إسرائيل    لأول مرة.. وزير خارجية ألمانيا يتحدث عن إمكانية اعتراف بلاده بدولة فلسطين    لماذا لم يتسبب زلزال روسيا الهائل بأضرار أكبر؟    روسيا وسوريا تتفقان على إعادة النظر في الاتفاقات المبرمة بينهما    عمرو ناصر: المنافسة في هجوم الزمالك صعبة    إصابة 7 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق الفرافرة ديروط    صور الأقمار الصناعية تشير إلى تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق متفرقة    تهريب ومخالفات وأحكام.. جهود أمن المنافذ 24 ساعة    ننشر حركة تنقلات ضباط المباحث بمراكز مديرية أمن قنا    بحضور أشرف زكي وصبري فواز.. نجوم الفن يودّعون لطفي لبيب من كنيسة مارمرقس    الناقد محمود عبد الشكور يروي كيف أربك لطفي لبيب سفارة إسرائيل في القاهرة    غدا.. قصور الثقافة تطلق الموسم الخامس من مهرجان صيف بلدنا برأس البر ودمياط الجديدة    بروتوكول تعاون لإعداد كوادر مؤهلة بين «برج العرب التكنولوجية» ووكالة الفضاء المصرية    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    «الطفولة والأمومة» يعقد اجتماع اللجنة التيسيرية للمبادرة الوطنية لتمكين الفتيات «دوَي»    مصادرة 1760 علبة سجائر مجهولة المصدر وتحرير 133 محضرا بمخالفات متنوعة في الإسكندرية    حبس بائع خردة تعدى على ابنته بالضرب حتى الموت في الشرقية    مانشستر يونايتد يفوز على بورنموث برباعية    رد مثير من إمام عاشور بشأن أزمته مع الأهلي.. شوبير يكشف    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    استحداث عيادات متخصصة للأمراض الجلدية والكبد بمستشفيات جامعة القاهرة    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    مواعيد مباريات الخميس 31 يوليو 2025.. برشلونة ودربي لندني والسوبر البرتغالي    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    خالد جلال يرثي أخاه: رحل الناصح والراقي والمخلص ذو الهيبة.. والأب الذي لا يعوض    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    يعود بعد شهر.. تفاصيل مكالمة شوبير مع إمام عاشور    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    ذبحه وحزن عليه.. وفاة قاتل والده بالمنوفية بعد أيام من الجريمة    مجلس الآمناء بالجيزة: التعليم نجحت في حل مشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس    رئيس قطاع المبيعات ب SN Automotive: نخطط لإنشاء 25 نقطة بيع ومراكز خدمة ما بعد البيع    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    الكشف على 889 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بقرية الأمل بالبحيرة    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    حسين الجسمي يطرح "الحنين" و"في وقت قياسي"    انخفاض حاد في أرباح بي إم دبليو خلال النصف الأول من 2025    روسيا تعلن السيطرة على بلدة شازوف يار شرقي أوكرانيا    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    بعد الزلزال.. الحيتان تجنح ل شواطئ اليابان قبل وصول التسونامي (فيديو)    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    الانقسام العربي لن يفيد إلا إسرائيل    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحكيم و أهميته في النهوض بالدول وجلب الاستثمار


أولا: التحكيم ضرورة اقتصادية:
كلما تم استحضار التفسير الموسع لمصطلح التجارة الدولية الذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي والذي تبنته أيضا اتفاقيات أخري ذات الصلة بالتحكيم التجاري الدولي، وبعض التشريعات الوطنية، أدركنا وجود عقود تجارية دولية جديدة علي المعاملات الاقتصادية الدولية وعلي الفكر القانوني، ويرجع ذلك إلي التطور الحاصل في ميادين التكنولوجيا والاتصالات، وسهولة انتقال الرساميل عبر الدول والقارات.. وهذا الوضع الجديد أصبحت معه قوانين الدولة عاجزة عن مسايرته أولا لتجاوزه نطاق الدولة الواحدة ووجود عنصر أجنبي مما يثير مشاكل تنازع القوانين، ثانيا لكون الفاعلين علي الساحة الدولية في ميدان التجارة الدولية شركات عظمي، وتنتمي إلي دول صناعية كبري توفر لها الحماية، خاصة إذا كانت داخلة في علاقات اقتصادية مع الدول النامية. فالرغبة في فرض التحكيم لفض منازعات التجارة الدولية، مرده رغبة الأطراف القوية والمسيطرة علي حركة التجارة الدولية في تجاوز القوانين الوطنية التي يعتبرونها غير مؤهلة لتقديم الحلول الملائمة لطبيعة المنازعات التي تثيرها هذه العقود، وما يوضح استجابة الفكر القانوني، سواء علي مستوي التشريعات الوطنية أو الاتفاقية أو الفقه، لهذا المسلك هو إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية وتضمينها حلولا لبعض مشكلات العقود التجارية الدولية ومختلف المعاملات الاقتصادية الدولية منها 'اتفاقية فيينا لسنة 1980 بشأن البيع الدولي للبضائع' وتقرر مختلف المعاهدات الدولية أولوية القواعد الدولية الاتفاقية أو العرفية في تسوية المنازعات التي تثيرها عقود التجارة الدولية.[1] كما أن معظم التشريعات الوطنية تؤكد تسهيل خضوع معاملات التجارة الدولية لهذه القواعد الاتفاقية، كما أن الفقه ما فتئ يدلي بدلوه بمناقشة واقتراح الحلول لمعضلات كل ما يتصل بالتجارة الدولية وبالتحكيم الخاص بها.
إن واقع التجارة الدولية الذي يتسم باختراق الحدود فيما يسمي بالعولمة فرض أيضا قانونه الخاص به وقضاءه الخاص أيضا وهو التحكيم.
ثانيا: التحكيم والاستثمار
تتسابق الدول[2]، وخاصة النامية، علي تقديم، حوافز مختلفة لجلب رؤوس الأموال الأجنبية إلي أراضيها بقصد الاستثمار، وهذه الحوافز منها ما يتعلق بالإعفاءات الضريبية، ومنها ما يتعلق بتوسيع مجالات الاستثمار أو سن قوانين تحظر تأميم أو مصادرة المشاريع الاستثمارية[3]، إلي غير ذلك من الحوافز التي تعتبر ضمانات تخلق لدي المستثمر نوعا من الأمان والاطمئنان علي أمواله وتفتح له آفاق الربح، وهو حريص علي وجودها في الدولة المضيفة.[4] وهذا التهافت علي جلب الاستثمارات له ما يبرره في الواقع، بحيث أن كل بلد يسعي إلي التنمية وإلي تطوير المستوي الاقتصادي والاجتماعي للدولة وللشعب، لا بد وأن يسلك هذا الطريق، نظرا لعجز هذه البلدان البين لتحقيق التنمية، بالرغم من توفر الإمكانيات المادية الهائلة لدي بعضها 'الدول المنتجة للنفط مثلا' فالاستثمار لا ينقل فقط الرساميل المادية إلي الدول المستقبلة بل حتي الخبرات الفنية.
لكن في حالة حدوث نزاعات بين المستثمر والبلد المضيف فأي قانون يطبق وأي قضاء يفصل في النزاع؟
إن المستثمرين يفرضون علي الدول المضيفة إخضاع هذه المنازعات لقضاء التحكيم، وهذا الشرط ترضخ له الدول المضيفة مرغمة، بل وقد ترجمت ذلك العديد من الدول بانضمامها إلي الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الاستثمار خاصة 'اتفاقية واشنطن لعام 1965'، بالنسبة للاتفاقيات العربية البينية أذكر الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية المبرمة عام 1980، واتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول العربية المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول العربية الأخري '1974'.. [5] ووطنيا قامت العديد من الدول بإقرار اللجوء إلي التحكيم في تشريعاتها الوطنية المتعلقة بالاستثمار ومن هذا ما نصت عليه المادة 7 من قانون الاستثمار المصري لعام 1997 المتعلقة بطرق تسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار التي من الممكن أن تثور بين الحكومة المصرية والمستثمر الأجنبي وهي علي النحو التالي:
- الطريقة المتفق عليها بين المستثمر والحكومة المصرية.
- الطريقة المشار إليها في اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين دولة المستثمر والحكومة المصرية إن وجدت.
- حل المنازعات الاستثمارية عن طريق المركز الدولي لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار في واشنطن.
- حل النزاعات وفقا لقانون التحكيم المصري رقم 27 سنة 1994.
- حل النزاعات وفقا لتحكيم المركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة.
وبسن هذه الآليات يكون المشرع المصري قد أعطي لإرادة الأطراف حرية كبيرة في الاتفاق علي الطريقة التي تناسبهم لفض المنازعات الناجمة عن الاستثمار، مؤكدا علي كون التحكيم التجاري هو سمة العصر.
وكذالك الشأن بالنسبة للمشرع التونسي[6] الذي نص في المادة 67 من قانون تشجيع الاستثمارات علي مبدأ اللجوء إلي التحكيم لفض المنازعات، التي تطرأ بين المستثمر والدولة التونسية، سواء عن طريق الاتفاق علي اللجوء إلي التحكيم 'شرط التحكيم' أو تطبيقا للاتفاقيات الدولية أو الإقليمية أو الثنائية التي تبرمها أو تنظم إليها الجمهورية التونسية. ونفس المبدأ يقرره المشرع اللبناني[7]، وكذلك المشرع الجزائري[8] وأيضا السوري.[9]
وفيما يتعلق بالمغرب، وإدراكا من مسؤوليه بعلاقة التحكيم بالاستثمار، فقد وفر هذه الضمانة القانونية في عدة مجالات، علما بأن القانون المغربي، إلي حدود صدور القانوني رقم 05-08، كان لا يسمح للدولة وباقي الأشخاص العامة التابعة لها باللجوء إلي التحكيم. لكن وأمام ضرورة التنمية الاقتصادية التي فرضت علي المغرب الانفتاح علي الرساميل الأجنبية أو رد إستثناءات علي هذا الحظر ويبرز هذا في:
أ- التقنين البترولي لسنة 1958[10]، فالمادة 39 منه تنص علي جواز اللجوء إلي التحكيم في الاتفاقيات المبرمة بين الدولة المغربية، والأشخاص المعنوية الخاصة.
ب- قانون المالية لسنة 1982، الذي نص في المادة 144 علي إمكانية اللجوء إلي التحكيم بإقراره إدراج شرط التحكيم في العقود التي تبرمها الدولة مع المصارف الأجنبية.[11]
ج- الفصل 39 من ظهير 17 يناير 1983، المتعلق بالاستثمارات الصناعية، أقر أيضا جواز لجوء الدولة أو إحدي مؤسساتها العامة، إلي التحكيم.
د- المادة 17 من قانون الاستثمار رقم 95-18، الذي ينص علي إمكانية تضمين العقود شرط التحكيم.
وتجدر الإشارة إلي أن الدولة المغربية كانت دائما سباقة إلي المصادقة علي الاتفاقيات المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي ' كما سنري لاحقا' ولا تترد في قبول بند التحكيم في العقود التي تبرمها مع الشركات الأجنبية.
إن انخراط الدولة المغربية في سوق التحكيم التجاري الدولي، بالإضافة إلي باقي الحوافز التي وفرتها، تشكل مناخا سليما سيفتح أفاقا واسعة لجلب الاستثمارات الأجنبية، خاصة مع صدور قانون 05-08 الذي عدل قانون المسطرة المدنية 'الباب المتعلق بالتحكيم' والذي رفع الحظر عن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، وقرر جواز لجوئها إلي التحكيم.
إن التحكيم التجاري الدولي كما سلف وذكرت هو قضاء التجارة الدولية، فلا يكاد يخلو أي عقد من العقود الدولية ذات الصلة من شرط التحكيم، كوسيلة لفض المنازعات التي قد تنشب بمناسبة تنفيذها أو تفسيرها.. [12]، والمستثمر إنما بتفضيلة التحكيم يرغب في الحصول علي عدالة مختلفة عن تلك التي قد يوفرها له قضاء الدولة.
[1] - مثلا: المادة 9 من اتفاقية فيينا لسنة 1980 بشأن البيع الدولي للبضائع تقرر إن عادات وأعراف التجارة الدولية يجب تفضيلها وإعطاؤها الأولوية في التطبيق علي القواعد الأخري، سواء أكانت تلك القواعد تم تقريرها من خلال اتفاقية دولية أو عن طريق اللجوء إلي إحدي قواعد التنازع.
[2] - سأورد أمثلة من بعض قوانين الاستثمار بالدول العربية.
[3] - قانون ضمانات وحوافز الاستثمار في مصر رقم 8/1997.
[4] - للتوسع في هذا الموضوع راجع:
أ- عبد الله عبد الكريم عبد الله، الوكالة الدولية لضمان الاستثمار الأجنبية دراسة قانونية في اتفاقية إنشاء الوكالة لضمان الاستثمار مجلة الحقوق كلية الحقوق بجامعة بيروت العربية، العدد الثاني 2004، منشورات الحلبي، بيروت.
[5] - أنظر في شأن هذه الاتفاقيات في المبحث الثاني من هذا الفصل.
[6] - قانون تشجيع الاستثمارات رقم 120 لعام 1993.
[7] - المادة 18 من القانون رقم 360 المتعلق بتشجيع الاستثمار في لبنان.
[8] - المادة 17 من القانون رقم 301 لعام 2001.
[9] - المادة 26 من قانون تشجيع الاستثمار رقم 10 لعام 1991 والمعدل وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2000.
[10] - ظهير 21 يوليوز 1958 بمثابة قانون تنظيم البحث عن مناجم المحروقات السائلة واستغلالها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2389 في 08-08-1958
[11] - مثلا: العقد المبرم بين مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية والشركة الشريفة للبترول 'المغرب' وشركة الف ELF الفرنسية بتاريخ 6 غشت 1979 والعقد المبرم بين الدولة المغربية وشركة شال 'SHELL'.
[12] - الحسن الكاسم، الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية، والاتفاقية العربية للتحكيم التجاري' دفاتر المجلس الأعلي عدد 2 سنة 2000. ص 178.
النقيب العام لمستشاري التحكيم الدولي وخبراء الملكيه الفكرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.