«الأعلى للإعلام» يستدعي مسئولي صفحات خالد الغندور وأبو المعاطي ذكي وبدرية طلبة    التقديم من اليوم ولمدة شهر.. الإعلان عن وظائف شاغرة بوزارة السياحة والآثار    استعدادًا للعام الدراسي الجديد.. رئيس جامعة بني سويف يتفقد الحرم الجامعي    منال عوض: خطة شاملة للمحافظات للتعامل مع مخاطر الأمطار    منصات التواصل الاجتماعي تتحول إلى جسر جديد للترويج للسياحة المصرية    مع بدء الدراسة.. «السكة الحديد» تفتح باب الاشتراكات لطلاب المدارس والمعاهد    بالتعاون "مبادرة تمكين" تصل إلى محطاتها السادسة في قرية الدلجمون بكفر الزيات    موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025.. زيادات جديدة    بعد تطويرها.. محافظ المنيا يفتتح مدرسة الناصرية الابتدائية استعدادا للعام الدراسي الجديد    اقتحام محاكمة نتنياهو من قبل عائلات المحتجزين يربك الجلسة    البابا ليو الرابع عشر: الفلسطينيون في غزة يعيشون أوضاعًا لا يمكن قبولها    «العربي للدراسات»: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات    بعثة منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة تصل مالابو استعدادًا لمواجهة غينيا الاستوائية    تخصيص قطعة أرض بالقاهرة لشركة فلامنكو للصناعة وتجارة الأغذية    يامال يعود لبرشلونة أمام ريال سوسيداد بعد التعافي من الإصابة    تأجيل محاكمة ميدو في اتهامه بالتشهير بالحكم محمود البنا    تأجيل محاكمة طفل المرور وآخرين لاتهامهم بالاعتداء على شاب    «الإفتاء» تدرب قضاة شرعيين من ماليزيا بالتعاون مع المركز القومي للدراسات القضائية    أحمد داود وسلمي أبو ضيف في كواليس «إذما»    نائب وزير الصحة تبحث مع محافظ قنا تنفيذ الخطة العاجلة للسكان والتنمية    محافظ القليوبية: أى تقصير فى إزالة التعديات على الأرض الزراعية سيحال للنيابة    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    تأجيل أولى جلسات محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بالبحيرة لجلسة 15 أكتوبر    الريال ضد أولمبيك مارسيليا.. الملكي يحقق 200 فوز في دوري أبطال أوروبا    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    إنزاجي: ندرس ضم مهاجم جديد للهلال    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    تحرك الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية من معبر رفح البري إلى كرم أبوسالم لتسليمها للجانب الفلسطيني    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    تمديد عمل تيك توك في الولايات المتحدة حتى 16 ديسمبر    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من دفتر الأحوال
أحزان وأشجان عصرية .. ننتحر أم نعيش؟!
نشر في الأخبار يوم 02 - 12 - 2015

علي كثرة المؤرخين والرواة الذين تصدوا لمهمة تسجيل وتوثيق سيرة حياة الجنرال نابليون بونابرت الصاخبة ، فإن الكل تقريبا يكاد يجمع علي واقعتين بالتحديد تُنسبان لهذا القائد الفرنسي ذائع الصيت والمثير للجدل في آن ، والاثنتان لهما علاقة بحملته علي مصر .. أولاهما قولته الشهيرة التي أطلقها وهو يشق بسفنه عباب البحر في الطريق إلي غزو المحروسة: «نحن ذاهبون إلي أهم بلد في الدنيا» .. أظن أننا هذه الأيام بالذات في أمس الحاجة لكي نستحضر هذه العبارة النابليونية التي انحفرت في جسد التاريخ الإنساني ، ليس لكي نتباهي ونعيش في آثار ماضينا التليد وإنما لنغضب من أنفسنا ونقتنع بأن البؤس الشامل الذي نتردي في أوحاله ليس يليق بنا أبدا ، وأنه حريا بنا أن نتململ وننتفض من رقدتنا التي طالت جدا.
أما الواقعة الثانية فهي أن الجنرال نابليون الذي شغل الدنيا بغزواته حمل معه في الطريق من فرنسا إلي مصر رواية «أشجان (أو أحزان) الشاب فرتر» التي كتبها المفكر والمبدع الألماني الكبير يوهان ولفجانج جوته (1749 1832) في بواكير حياته وظل نادما عليها حتي مات ، لكنها بقيت مع رواية «فاوست» تحتلان مكانة بارزة ضمن أهم وأشهر أعماله الغزيرة ، وقد رسم جوته سيرته باقتدار وحكي كيف عاش حياته القصيرة حيرانا مكتئبا وغير قادر علي التوائم والانسجام مع المجتمع ، ما اضطره في النهاية إلي الانتحار وأن يضع حدا لمعاناته بيديه.
إذن «أشجان فرتر» برغم بساطة حكايتها (بمعايير الدراما الحالية) وربما بسبب هذه البساطة فقد بدت تحمل بين دفتيها نوعا من التبشير والتأسيس لاهتمامات واتجاهات أدبية تغوص أكثر وأعمق في مشكلات وإشكاليات بعضها قديم قدم انتظام البشر في مجتمعات ، لكن أغلبها تفاقم وتعقد وازداد حدة وثقلا مع اجتياح أنماط ونظم الحداثة حياة الناس ، يقف علي رأس قائمة هذه المشاكل ما يمكن أن نسمية «توعك» العلاقة بين الإنسان الفرد والعالم المحيط به ، وما يصاحبها من تعاسة وشعور شبه مزمن بالحزن وعدم الرضا عن النفس.
فما هي تلك الرواية البسيطة التي كتبها «جوته» وهو مازال في يفاعته العمرية والفكرية والأدبية؟ إنها باختصار مخل ، قصة شاب يدعي «فرتر» وقد رواها هذا الأخير بنفسه من خلال رسائل وخطابات دبجها لحبيبته ومع ذلك لم يرسلها لها أبدا.
تبدأ الحكاية حين يصل الشاب إلي مدينة صغيرة حيث يلتقي بالحسناء شارلوت ، وفورا يقع في غرامها ويهيم بها من دون أن يعرف أول الأمر أنها مخطوبة للفتي ألبير الذي يتميز بنزاهة مغلفة برزانة وهدوء يلامسان حدود الملل ، ما يجعله في نظر فرتر لايتمتع بصفات مميزة تؤهله للفوز بحب شارلوت ، ولكنه سرعان ما ينسج علاقة صداقة وطيدة مع غريمه ألبير الذي لايبدي (من فرط طيبته وسذاجته) أي اعتراض علي استمرار لقاءات فرتر بشارلوت حتي بعدما صارت هذه الأخيرة زوجته .. وهكذا يزداد توهج وتأجج شعور فرتر بحب زوجة صديقه بينما هو لا يستطيع البوح لأحد بهذا الشعور ، ولا حتي لشارلوت التي يظن أنها تبادله خفقان القلب بالعشق والهوي ، مع أن قراء الرواية يعرفون حقيقة أن الفتاة لا تأبه كثيرا ولا تكترث بهذا الحب الذي ربما كانت تعيشه بدرجة ما بيد أنها لاتكف عن مقاومته ومحاولة طرده من أعماقها ، أو في أحسن الأحوال تريده أن يبقي مجرد «حب سري» لاتعترف به ولا تريد في الوقت نفسه أن يموت كليا في قلب عاشقها.
هذه الحقيقة (الحب من طرف واحد) تتسرب رويدا رويدا وبطريقة مبهمة إلي صدر فرتر فتزداد تعاسته وكآبته ، وفي اللحظة التي يصل فيها إلي ذروة القنوط واليأس فإنه يغتنم آخر فرصة ويغمر محبوبته بأحضان وقبلات حارة علي أساس أنه مسافر ، ثم نكتشف نحن وهي ، انه كان يودعها هي والدنيا كلها الوداع الأخير ، إذ فجأة يطلق الرصاص علي نفسه من مسدس كانت شارلوت سهلت له اختلاسه من زوجها!!
و.. طبعا وأخيرا ، فإنه من قبيل «قلة الأدب» أن نحمل «الأدب» بما هو إبداع في الجمال والإمتاع ، أي دروس أو مواعظ ، ومع ذلك فإن نهاية رواية «أحزان فرتر» تبدو وكأنها تحرضنا علي أن لا نترك وجع حياتنا يتفاقم ويستفحل حتي يجرجرنا إلي الموت والانتحار .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.