اخيراً اذكر اني لا أجد اي تقاطع بين (اسرائيل) وروسيا طالما ان حدود الكيان مع سوريا امنة ومضمونة بوجود نظام حافظت عليه روسيا انتهينا في مقال الأحد الماضي الي مسرح العمليات القائم الآن الذي بموجبه تأسس التحالف الدولي في سورياوالعراق وهو المستطيل الذي هو خط امتد من شمال بغداد ليشمل ديالي وجزءاً كبيراً من محافظة التاميم (كركوك) وضم صلاح الدين ونينوي بالكامل والانبار كلها والي جنوببغداد، وضمت اليه اجزاء سورياالشرقية بعد ظهور داعش، وامتدادا إلي مشارف اللاذقية بسوريا وحلب وحمص وادلب وريف حماة وكل المحافظاتالشرقيه من سوريا، بمايتجاوز 60% من اراضي سوريا، هذا المستطيل الذي كان ساحة لانتفاضة فصائل وطنية قبل التطور الخطير الذي تحول اليه الوضع عند دخول داعش، والذي هو امتداد للتنظيمات التكفيرية، حيث قام بتصفية معارضيه وانخرط في صراع معهم وادخل المنطقة في منعطف خطير، فشعاراته بتصفية (الشيعة) والتي بررت للمالكي والمراجع الشيعية اصدار الفتوي الكفائية وتشكيل الحشد الشيعي، مما ألحق ضررا كبيرا وخلط الاوراق وبرر لدعاة الطائفية فرصة ذهبية لنفث سمومهم وطرح تساؤلات مشروعة عن هوية ودوافع داعش التي اضرت بالمحافظات المنتفضة، بفعل داعش وبفعل التدمير الذي لحقها وهذا ماجري في سوريا قبلها. ان التحالف الدولي الذي يقوم بعملياته المستمرة لم يحسم المعركة بل اعلن قادته ان المعركة ستطول سنوات يجعلنا نستغرب من هذا الافتراض، لأن الحرب العالمية الثانية كانت فترتها ست سنوات واستغرق احتلال العراق اقل من شهر عندما زجت واشنطن وحلفاؤها بكل طاقاتهم العسكرية وقواتهم وبتكاليف اقل بكثير مما خصص لمحاربه الارهاب. اذن الامر يتعلق بمصالح دول تتفق او تتطابق، من هذا ننظر للتدخل الروسي، فواشنطن وحلفاؤها يريدون ان بجعلوا هذا المستطيل المشترك بين العراقوسوريا مصيدة للارهاب (كما يقولون) لأن كل الفصائل الارهابية ستستقطب في هذا المكان، مما يسهل تدمير الارهاب، والروس لهم مصالح في سوريا (القاعدة البحرية ومنع مد انبوب الغاز القطري إلي اوروبا عبر سوريا للحفاظ علي ان يبقي انبوب الغاز الروسي إلي اوروبا ورقة ضغط عليها اضافة للتحكم بالاحداث في منطقة حيوية ومهمة هي اقرب اليها استراتيجيا من واشنطن واوروبا، ولقاء مصالح مع ايران وجعل ساحة منازلة المقاتلين من روسيا والقوقاز والملتحقين بداعش او النصرة في الاراضي السورية بدلا من يعودوا إلي روسيا).. ولوكانت الاهداف مشتركه بين موسكووواشنطن لنجحوا في حل سياسي حقيقي، في ماسمي بمؤتمري جنيف 1 و2 بدلا من حل عسكري منذ سنوات عدة. ان المتضرر هو سكان هذا المستطيل فمنهج ايران والقائمين علي السلطة الفاسدة في العراقوسوريا هو إلحاق المزيد من الدمار وتغييب اي حل عقلاني سياسي يلوح بالافق بوجود مثل هاتين الحكومتين اللتين تنفذان اجندات ومصالح خارجية دون مراعاة لأي اعتبار وطني. الواقع القائم ولاسيما بعد دخول الروس جعل هذه المنطقة (مصهراً للسكان) جراء الفعاليات الارهابية واستخدام القوة الغاشمة وكل اساليب الابادة المحرمة دوليا، ودون وجود قرار دولي حاسم واقعي ينظر للامر بمنظار العدالة الانسانية والقانونية، والذي كان قد بدأته ايران ومليشياتها وحليفيها في سورياوالعراق فمهدوا للتحالف الدولي مما ادي إلي هجرة اكثر من 12 مليون سوري خارج سوريا، واكثر من ستة ملايين خارج وداخل العراق. ان المراقب يجد ان الروس حذرين في التغلغل في عمق سوريا، لان هدفهم الاساسي الحفاظ علي الكيان القائم للسلطة الحاكمة الذي انحسر إلي ريع سوريا في المنطقة من درعا والسويداء جنوبا إلي حمص وحلب واطراف حماة وامتداد للغرب، في الساحل الممتد من اللاذقية إلي حدود لبنان الشمالي، لكي لا ينجروا إلي مغطس تسعي واشنطن لجرهم اليه وليجعلو التحالف هو المسؤول عن بقيه المناطق التي يتواجد فيها تنظيم الدولة الاسلامية. ان تقادم الزمن سيفرض واقعاً قائماً علي الارض يفرض علي الاطراف الاخري مراعاته، ومن جانب اخر ان بوتن يواجه معارضة داخلية عالجها بقسوة قد لا يستطيع استمرار استخدام هذه القوة معها، ولذا فوجود عمل حربي خارجي سيبرر له محاسبة منافسيه ومعارضيه لاستخدام القوة ضدهم. لابد من الاشارة إلي مركز التنسيق الذي اصبح العراق مقرا له، ان النظام الذي نصب بقرار أميركي وكل ما يجري في العراق بعلم السفارة الأميركية، لذا ليس معقولا ألا يستخدم الممثل العراقي لاستقاء المعلومات الاستخبارية عن الخطط الروسية والاهداف التي تتحرك بموجبها من خلال هذا المركز. خلاصة القول ان الخطوة الروسية التي ارتكزت إلي مصالح استراتيجية واطماع تاريخية لا زالت في بداية الامر، وبالتالي هل ان واشنطن والغرب سيظلون يراقبون ويستنكرون لعمل يقع في قلب مصالحهم الاستراتيجية، فهل هو عجز، وهذا لا يصدق، ام تنسيق، وهذا ابعد؟ في تقديري المتواضع ان واشنطن واوربا لحد كبير تعد، او انها اعدت، خطة ما في اقل ما يلحق من ضرر بمصالحها. واخيراً اذكر اني لا أجد اي تقاطع بين (اسرائيل) وروسيا طالما ان حدود الكيان مع سوريا امنة ومضمونة بوجود نظام حافظت عليه روسيا من جهة، ومن جهة اخري فان سكان الارض المحتلة ان لم يكن ثلثهم فربعهم يهود روس احتفظوا بلغتهم الروسية ولهم اذاعات وقنوات تلفزيونية واحياء ومستعمرات روسية، كما تولي كثير منهم مواقع قيادية ومهمة في كل مرافق الدولة والمجتمع، وهؤلاء اقذر واقسي من استخدموا ضد الفلسطنيين وقمع انتفاضتهم، وهذه مسألة مهمة في فهم العلاقة الروسية الاسرائيلية التي اخذت منحي غير المنحي السابق في زمن الاتحاد السوفيتي وبعد هجرة اكثر من مليون روسي يهودي بعد عام 1991. كل ذلك مؤشر يجعل امامنا احتمالا لتفاهم روسي أمريكي اوروبي علي حساب العرب.