تأتي ذكري أكتوبر وجيش مصر يخوض معركة «حق الشهداء» لتطهير سيناء من بقايا عصابات الإرهاب، وينتشر علي طول حدود مصر الغربية والجنوبية والشرقية لحماية الوطن في ظروف تشتعل فيها المنطقة ولا يترك الخطر شبرا من الأرض العربية دون أن يتهدده. ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي تتعرض فيها سيناء للخطر. قبل ثورة يناير وفي عز سطوة الفساد كان علي قائد الجيش أن يرتفع صوته صارخا في مجلس الوزراء بأن مصر لم تقدم آلاف الشهداء لتحرير سيناء، لكي يأتي بعد ذلك من يريدون بيعها بالتقسيط!! بعد الثورة وتولي الإخوان الحكم بدعم أمريكا ومباركتها، كان لابد أن يفتح الملف، ويتصور البعض أن بإمكانهم أن يتآمروا وينجحوا في تآمرهم. وكان زرع الإرهاب في سيناء العزيزة مقدمة لانتزاع جزء عزيز من أرض الوطن، وكأنهم لم يتعلموا من أكتوبر ان هذا هو المستحيل. ولم يكن 30 يونيو اسقاطا لحكم الإخوان فقط. ولا كان كشفا لأبعاد المؤامرة علي مصر والوطن العربي كله فحسب.. بل كان -قبل ذلك وبعده- فتحا لباب استعادة اللحظة الخالدة في تاريخ مصر والعرب.. لحظة العبور العظيم في 73 والتي لم تتوقف الحرب علينا طوال أربعين عاما لكي نمحوها من الذاكرة الوطنية، ولكي لا نتأكد علي الدوام بأننا أمة قادرة علي الانتصار إذا امتلكت أقل الإمكانيات، لأنها تعرف كيف تتوحد في ساعات الخطر، وكيف تبني وهي تقاتل، وكيف تستعين بالعلم فتتفوق، وتستعين بالله سبحانه وتعالي فينصرها. الملايين التي خرجت في 30 يونيو لتستعيد ثورتها وتسقط حكما كاد يأخذ مصر إلي القرون الوسطي، كانت تعرف أن المعركة ليست سهلة، وأنها تواجه إرهابا مهووسا بالحكم ومدعوما من قوي إقليمية عالمية. ومع ذلك خرجت الملايين في وحدة وطنية أعادت الروح التي انتصرت في أكتوبر. والجيش الوطني الذي لم يتأخر في دعم ارادة الشعب كان يعرف حجم التحديات، ولكنه كان يثق في النصر لانه يحارب معركة مصير كما كان الأمر في أكتوبر العظيم. والاشقاء العرب «وفي المقدمة الإمارات والسعودية» كانوا يعرفون وهم يساندوننا منذ اللحظة الأولي أن مصير المنطقة ومستقبل العرب يتقرران في هذه المعركة، وأنه بدون مصر فلا أمل في النصر علي المؤامرة التي كادت ان تكتمل أركانها. حققنا الكثير في هذه الفترة القصيرة، ومازال أمامنا الكثير لنحققه. وهنا علينا ان نعي جيدا درس أكتوبر العظيم. الوحدة الوطنية التي أنجزت 30 يونيو لا ينبغي مطلقا التفريط فيها. الحرب التي مازلنا نخوضها ضد الإرهاب ومن أجل التقدم تحتاج لجهد الجميع. الجبهة العربية التي تشاركنا المعركة ينبغي ان تقوي ويزداد تعاونها. سيناء التي استعدناها لاحضان الوطن في حرب أكتوبر، لابد ان نستكمل تطهيرها من بؤر الإرهاب و»حق الشهداء» سيأخذه جنودنا البواسل. وما حدث بعد حرب أكتوبر المجيدة حين انقض الأعداء من الداخل والخارج لاجهاض نتائج حربنا المنتصرة.. لا ينبغي مطلقا ان يتكرر. ثورتان وأربعون عاما من الحرب علي أكتوبر العظيم تكفي لكي نتعلم الدرس.. وقد تعلمنا. تحية لأرواح الشهداء، وتحية لمن يأخذون «حق الشهيد» وتحية لشعب لم يفقد يوما إيمانه بالنصر، ولجيش كان علي الدوام الدرع الحامي لمصر وللعرب. وكل أكتوبر ومصر علي طريق الخير والتقدم والانتصار.