منذ أكثر من عشرة أيام وأنا لا أصدق ما أري.. هل هذا هو ابني الذي أنجبته.. الجالس دوماً أمام الكمبيوتر أو ماتشات الكورة أو افلام الاكشن الامريكية؟! هل هو الذي نوقظه من النوم (بالعافية) للذهاب لعمله؟ هل هو ابني الذي لا يكفيه مصروفه ودائماً يطلب المزيد. إنه هو الذي انتفض يبحث عن أي سلاح بدائي يدافع عني وعن أخته وعن أبيه إذا لزم الامر. أنه هو الذي واصل الليل بالنهار.. جاب شوارع وميدان منطقتنا السكنية الهادئة حتي لا يفكر احد من المخربين أو اللصوص دخولها أو حتي الاقتراب منها. إنه هو ومعه علي الاقل مائة شاب أو أقول مائة رجل عند مدخل كل شارع.. لم يرهبهم أبدا علمهم بأن اللصوص والمخربين يحملون أسلحة نارية وبنادق آليه، بينما أبنائي لا يحملون إلا عصايا أو سكاكين المطبخ. إنهم ابنائي الذين تصدوا بأنفسهم لبعض التجار الذين حاولوا استغلال ما يحدث لزيادة الاسعار وارغموهم علي البيع بالتسعيرة. إنهم ابنائي الذين طرقوا ابواب السيدات الوحيدات يسألونهن عن احتياجاتهن أثناء فترة حظر التجول.. هم ايضا الذين لم تنقطع اتصالاتهم التليفونية للاطمئنان علي كل أسرة. إنهم ابنائي وأبناء كل ام لم تر في ولدها الذي مازالت تطعمه في فمه أو تحثه علي فعل الخيرات أو تؤنبه لأنه سهران أمام الكمبيوتر أو التليفزيون أو مع التليفون. إنهم ابنائي الساهرون للصباح للحراسة ونحن في البيت نتمتع بالنوم والأمان. هم الذين لا يقلون وطنية وحباً لمصر عن هؤلاء المتظاهرين في ميدان التحرير.. ولا يقلون شجاعة عن أبناء القوات المسلحة الذين يحمون ارض الوطن.. فكل يعمل في موقع والكل علي اكتافه مسئولية.. وأبنائي باقون يحرسون في سبيل الله.. الآن شعرت أنني أنجبت مائة رجل وشعرت بالعزوة والامان. إلي أبنائي شباب الحي الذي اسكنه: كل أم تدعو لكم.. والله يبارك عملكم.. ومصر كلها فخورة بكم.. والعالم كله سيتعلم منكم كيف يكونون رجالاً.