الدستور ابوالقوانين.. وهو الحكم والفيصل في صحة وسلامة اي تشريع.. ولا يمكن ان يقوم نظام لا يستمد شرعيته من الدستور.. لهذا فإن اخطر ما تواجهه دولة أو شعب هو الفراغ الدستوري فما بالك لو حدث هذا في لحظة مصيرية تنتقل فيها السلطة من نظام إلي اخر أوبمعني ادق من رئيس لاخر.. النتيجة الطبيعية هي الفوضي وهذا للاسف مالا يدركه الشباب المعتصمون في ميدان التحرير الذين حققوا في 21 يوما ما عجزنا عن تحقيقه في 06 عاما تقريبا »منذ قيام ثورة يوليو 25« ولا أقول في ال 03 عاما التي تولي فيها الرئيس مبارك السلطة.. لكنهم الآن يتركون الفرصة لمن هب ودب يحاول سرقة ثورتهم والانقضاض علي المكاسب التي تحققت حتي وجدناهم خلال الايام الاخيرة يملون شروطهم لقبول الحوار مع نائب الرئيس عمر سليمان ويحاولون توجيه حركة الشباب بما يخدم مصالحهم. بمجرد ان استجاب الرئيس لمطالب الشباب المشروعة قفز الاخوان المسلمين والاحزاب حتي الصغيرة منها وبعض الشخصيات العامة.. كل يحاول ان يلعب دورا وان يكون في الصورة وفي قلب الحدث عند توزيع »كعكة« السلطة في النظام الجديد. تحركوا جميعا في اتجاه تعقيد الموقف اكثر بدفع الشباب للتمسك بموقفهم الرافض لفك الاعتصام قبل رحيل الرئيس لاستغلال احتلال ميدان التحرير بهذه الصورة وتوقف الحياة العامة واستمرار حظر التجول كورقة ضغط في الحوار مع نائب الرئيس. مصر في ازمة حقيقية لا يعلم مداها ولا كيف ستنتهي إلا الله وحده.. والطريق لحل الازمة بما يجنبنا شر الفراغ الدستوري والفوضي ويضمن الانتقال السلمي للسلطة يمر عبر ما اعلنه الرئيس مبارك في خطابه الاخير.. تأكيد واضح انه لن يترشح لفترة رئاسة جديدة ودعوة لمجلس الشعب لتعديل الدستور بما يوسع من فرص الترشح للرئاسة ويحدد مددها والتزام بتطبيق احكام القضاء فيما يتعلق بصحة عضوية نواب البرلمان وبما يضمن تصحيح اخطاء المهزلة التي شهدتها انتخابات مجلس الشعب الاخيرة.. بعدها يمكن اجراء الانتخابات الرئاسية القادمة بعد اقرار التعديلات الدستورية الجديدة. الشهور المتبقية من فترة الرئاسة الحالية تتجاوز سبعة اشهر وهي كافية لتنفيذ كل ما اعلنه الرئيس مبارك بصورة حضارية تجعلنا محل احترام العالم.. وربما تنسيه ما نقلته الفضائيات علي مدي 21 يوما حتي الآن من ميدان التحرير كانت فيها مصر »فرجة«.. هذا الحل يضمن ايضا خروجا آمنا ومشرفا من السلطة للرئيس مبارك الذي لا ينكر إلا جاحد ما قدمه لمصر علي مدي 06 عاما ضابطا في القوات الجوية وقائدا لها وكان صاحب الضربة الجوية الاولي في حرب اكتوبر التي اعادت لمصر كرامتها وارضها المحتلة.. ثم واصل عطاءه نائبا للرئيس ثم رئيسا للجمهورية حتي تم تحرير طابا لتنطلق مصر نحو التنمية. ما قدمه مبارك لمصر كثير جدا ولا يمكن ان نقابله بهذا الجحود وهذا الاصرار علي رحيله الآن من شباب لا يدرك خطورة ما يقدم عليه ولا يريد ان يستمع إلي صوت العقل. وسط هذه الازمة المتفاقمة خرجت اول امس تصريحات منسوبة لبعض اعضاء لجنة الحكماء الذين تطوعوا للبحث عن مخرج تقول ان الحل وشيك وانه يستند إلي المادة (931) من الدستور ويقوم علي مبدأ ان يبقي الرئيس مبارك حتي نهاية مدته لكن القرارات تكون لنائب الرئيس.. نص المادة يقول »لرئيس الجمهورية ان يعين نائبا له أو اكثر ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم«.. وهذا الحل كما فهمت من التصريحات التي تناقلتها الفضائيات يقضي ان يفوض الرئيس مبارك نائبه عمر سليمان في اتخاذ قرار حل مجلس الشعب أو الشوري وطلب تعديل الدستور.. اذا كان الاتجاه لحل هذه الازمة وفق هذه الصيغة فإنه يتعارض مع المادة (28) من الدستور التي تنص علي »اذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه.. ولا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو اقالة الحكومة. في هذه الحالة واقصد بها حالة المانع المؤقت كالسفر أو المرض فإن المشرع الدستوري حظر علي من ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو اقالة الحكومة لان هذه الاختصاصات الثلاثة لصيقة بشخص رئيس الجمهورية الذي انتخبه الشعب فاذا كان محظورا علي من ينوب عن رئيس الجمهورية ممارسة هذه الاختصاصات فمن باب اولي لا يملك الرئيس تفويض احد في ممارستها. لهذا.. فإن الحل الذي طرحه الرئيس مبارك هو فعلا انسب الحلول لضمان الانتقال السلمي للسلطة.