من الظلم الحكم علي عمل درامي من خلال مشهد أو حلقة فالتقييم لابد ان يعتمد علي متابعة متأنية لجميع أحداثه.. وهذا ماحدث مع «حارة اليهود» التي تابعت حلقاته من الألف إلي الياء.. والعمل رغم أنه يؤرخ لفترة تاريخية في عمر مصر لكنه لا يمكن اعتباره بمثابة وثيقة لا تقبل الشك أو الطعن في مصداقيتها، لانها امتزجت بخيال المؤلف د.مدحت العدل وأفكاره وآرائه ومعتقداته والتي لا شك انعكست علي الأحداث واستنطقها حوار علي لسان فريق العمل.. ولكنه كعمل درامي فقد سجل اسمه في قائمة الأعمال المتميزة في تاريخ الدراما المصرية ك «ليالي الحلمية – الشهد والدموع – أم كلثوم – الهجان» وغيرها من الأعمال التي مازالت محفورة في الأذهان.. ورغم انه لم يسلم من آفة المط والتطويل الا ان جاذبية أحداثه وسخونتها أجبرت المشاهد علي المتابعة بشغف للتعرف علي المشهد المصري في ذلك الوقت الذي لم يكن يعرف غير روح التسامح والمودة بين المسلم والمسيحي واليهودي بلا تفرقة.. وعالم الفتوات والاتاوات إلي جانب صالات الرقص والعوالم وهي أحداث جاءت علي خلفية قصة الحب التي جمعت بين فتاة يهودية «ليلي هارون» وضابط مسلم في الجيش المصري «علي».. وهي خيوط ثرية استطاع المؤلف ان ينسج منها دراما متجانسة تجمع بين الواقع والخيال إلي درجة كبيرة ولكنه اغفل في النهاية مصير زينات والعسال وابنته ابتهال.. واقتربت الأحداث الأخيرة من رومانسية فيلم «النهر الخالد» وإن جاء فراق الحبيبين بلا موت ولكن من خلال رسالة استرجع «علي» كلماتها بينما «ليلي» علي ظهر سفينة في عرض البحر !!.. فريق العمل كان أكثر من رائع الكل شارك في عزف سيمفونية من الأداء الرائع.. ولكن تبقي «منة شلبي» رمانة الميزان فقد كانت صاحبة أداء منفرد ومتفرد من حيث المشاعر والأحاسيس التي أطلقتها من خلال شخصية ليلي هارون اليهودية المصرية التي رفعنا لها القبعة في النهاية.