يكفي أن يعرف القاطنون في مدينة 6 أكتوبر أنك من سكان مشروع بيت العيلة " ليسألوك ضابط شرطة.. أستاذ جامعة .. مستشار أم محام.. فهذه الفئات نظريا هي التي يقطن معظمها هذا المشروع الذي خصصته وزارة الإسكان للنقابات والهيئات الحكومية دون الجمهور العادي واشترطت أن يكون الزوج والزوجة من الحاصلين علي المؤهلات العليا، في محاولة منها للحفاظ علي المستوي الإجتماعي للمشروع وتحقيق روابط إجتماعية بين القاطنين به لن تتحقق إلا بتقارب مستوياتهم.. لكن عمليا لا هذه الفئات تقطن المشروع ولا الأهداف التي سعت لها وزارة الإسكان تحققت والسبب نشاط البيع والإيجار الذي يتم بصورة كبيرة داخل المشروع وبالمخالفة للعقد المبرم بين جهاز مدينة 6 أكتوبر والمستفيدين منه. فمجرد وصولك ارض المشروع تجد عددا كبيرا من سماسرة العقارات يتسابقون عليك ليعرضوا خدماتهم في بيع أو استئجار وحدة سكنية بالمشروع. خمس دقائق قطعت خلالها المسافة من مدخل المرحلة الأولي بالمشروع حتي مكتب إدارته، قابلت خلالها اربعة من السماسرة، ثلاثة منهم يسمون ب"السماسرة الطياري " وهم المتواجدون علي الأرصفة لالتقاط أي زبون، أما الرابع فهو يملك " سوبر ماركت " في نطاق المشروع ويتخذ من هذا النشاط ستارا للسمسرة في وحداته. سؤال صاحب السوبر ماركت أو السمسار إن صح القول، يشير إلي أن هناك خللا ما في تعامل المستفيدين من المشروع مع الوحدات السكنية، حتي صارت القاعدة هي التصرف في الوحدة لا السكن فيها. المهندس محمد وائل المدير الإداري للمشروع أقر بأن هذه هي القاعدة المعمول بها بين المستفيدين، مع أن شروط التعاقد تقول إن البيع أو الإيجار للوحدات السكنية لا يتم إلا بعد خمس سنوات من استلامها، وبموافقة جهاز المدينة. ورغم اعتراف المهندس وائل إلا انه يؤكد أن ما لديه من سلطات لا يجعله قادرا علي مواجهة هذه الظاهرة، لأن مهمته تقتصر عند تسليم الوحدة للمستفيد. ويقول المدير الإداري للمشروع: " للأسف فإن هذه الظاهرة أفقدته هدفه، وبعد أن كان مخصصا للعاملين بالهيئات الحكومية، يقطن بالكثير من وحداته عمال البناء التابعون للمشروعات السكنية المنتشرة بمدينة 6أكتوبر. وعن السبيل لعلاج هذه المشكلة، أكد المهندس وائل أن جهاز المدينة هو الجهة المنوط بها هذا الأمر، لكن المشكلة في سلبية القاطنين بالمشروع، والذين يتكاسلون عن الذهاب للجهاز لتوصيل شكواهم من وجود هؤلاء العمال. رئيس إتحاد ملاك المرحلة الثانية من المشروع علي مهدي أكد انه دائم الشكوي من عمليات البيع والإيجار للجهاز، لكن لم تحصل أي استجابة. ويبدي مهدي حزنه علي هذا المشروع وفكرته وهدفه، الذي أصبح مظهرا جذابا من الخارج، أما من الداخل فطالته يد الإهمال بسبب سلوكيات عمال البناء الذين استأجروا وحداته. ويأخذنا مهدي في جولة بين مساكن المرحلة الثانية التي طالتها يد الإهمال، فيشير إلي عمارة تصدع الصرف الصحي بها بسبب إلقاء العمال القاطنين بإحدي الوحدات السكنية للمخلفات في دورات المياه. وفي وحدة أخري اتخذ أحد العمال من السلك الحديدي الذي يحيط بالحديقة الموجودة بالمشروع مكانا لنشر البطاطين والملابس. وعلي باب وحدة سكنية أخري كان أحد العمال يجلس علي مدخل الباب يحتسي الشاي وبجواره كوم من القمامة.. ويشير مهدي لكل هذه المظاهر ويقول: " بالذمة دي سلوكيات محتاجة نرسل شكوي. ما أشار إليه مهدي من سلوكيات واضحة في النهار، أقل بكثير مما يحدث ليلا. ويحكي محمد أسامة كيف انه استيقظ ليلا علي مشاجرة في العمارة المقابلة لمسكنه وكان أطرافها 01 عمال يسكنون بإحدي الوحدات. أما خالد طلعت فيشتكي من سلوكيات بعض العمال ممن يستأجرون وحدات المشروع، المتمثلة في التحرش اللفظي بالفتيات. ويقول خالد: " كيف آمن علي بناتي وأنا بالعمل في ظل وجود هؤلاء العمال. وتشير فاطمة محمد إلي مظهر آخر من مظاهر اللامبالاة والمتمثلة في مباريات كرة القدم التي تقام ليلا بين العمال، وتتساءل: " كيف سينام أولادي في هذا المناخ ". أما ساكن آخر طلب عدم نشر اسمه فيشتكي من تحويل أحد مقاولي البناء المستأجرين لإحدي الوحدات المسكن إلي مخزن للأخشاب، ويبدي هذا الساكن قلقه من احتمال اشتعال النار بهذه الأخشاب لأي سبب من أسباب الإهمال. وتتفق فاطمة وخالد ومحمد علي أن الجهاز يعلم كل المخالفات لكنه لا يستطيع أن يحرك ساكنا، والسبب الذي يرونه هو أن المستفيدين الذين يستأجرون أو يبيعون وحداتهم ينتمي بعضهم للشرطة والقضاء وهما مصدر قوة لا يستطيع الجهاز مقاومتها. وأخرج أحدهم إحدي المجلات الإعلانية وأشار إلي إعلان عن بيع وحدة سكنية بالمشروع، وقال: " هل رأيت تحديا للقانون أكثر من ذلك ؟" . لم تصلنا شكوي المهندس محمد نبيه رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يرفض بدوره هذه الاتهامات، مؤكدا انه يقوم بجولات دائمة علي المشروع ولم يلحظ أي تجاوزات أو مخالفات حتي الان: ويقول نبيه: " بالإضافة لهذه الجولات، لم تصلني أي شكوي ". ويتساءل: " ما مصلحتنا في التستر علي أي مخالفة ". وعما ردده بعض السكان من أن الجهاز يخاف من الإضرار بالمستفيدين من المشروع لكون بعضهم ينتمي للقضاء والشرطة، أكد رئيس الجهاز: لا أحد فوق القانون مشيرا إلي انه في حالة ثبوت أي مخالفة سيتم تطبيق القانون علي مرتكبها أيا كانت صفته. ووفقا للإجراءات القانونية المتبعة في هذه الحالة، يقول رئيس الجهاز: ننذر في البداية صاحب الوحدة، فإن لم يستجب نقوم بسحبها منه.