بدون منشآت ضخمة وتجهيزات فخمة، يمكن ان يقوم هذا المركز في عمارة بسيطة مكونة من عشرة أدوار فقط، الدور الارضي للمكاتب الادارية، والثاني يضم قاعات الاجتماعات في حين توزع الادوار الثمانية الباقية علي السادة المبدعين: لكل واحد حجرة تحتوي علي ما يلزمه من اجهزة الكمبيوتر والفاكس والتليفون مع مكتبة متخصصة في مجاله يقوم هو باختيارها. من هو المبدع العلمي؟ هو الشخص الذي يمتلك موهبة قادرة علي اختراع افكارجديدة، او طرح مبادرات غير مسبوقة، او اكتشاف حلول مبتكرة لمشكلات مزمنة في مجتمعه. ومن المعلوم أن الابداع منحة من الله تعالي يختص بها بعض الافراد من مختلف شعوب العالم، ومن الواجب علي مجتمعاتهم ان يحافظوا عليهم، ويقدروا مكانتهم، ويتيحوا لهم كل ما يحتاجونه لكي يحققوا أفكارهم وينفذوا المشروعات التي يحلمون بها. وقديما كان هؤلاء المبدعون موضع شك واستنكار وهجوم من مجتمعاتهم الجاهلة او الغافلة، إلي ان تنبه العالم إلي أهمية دورهم في تطور البحث العلمي وتقدم الانسانية كلها فأصبح يكرمهم ويمنحهم اعلي الجوائز، ومنها جائزة نوبل الشهيرة في مجال العلوم بالذات. هل تخلو مصر من المبدعين في مجال العلوم؟ كلا بالتأكيد. والدليل علي ذلك مانسمع عنه عن كثرة اعداد براءات الاختراع التي يسجلها اصحابها في ادارة منزوية وملحقة بوزارة البحث العلمي الملحقة بوزارة التعليم العالي!! والملاحظ انه بعد تسجيل تلك البراءات لانسمع عن واحدة منها انها دخلت حيز التنفيذ. لماذا؟ لان الجو العام لايشجع البحث العلمي ولا التجارب العلمية ولا الافكار العلمية وهذا هو السبب الحقيقي وراء حالة الركود العلمي السائد حاليا والذي جعل الشعب المصري يتابع مظاهر التقدم في مختلف انحاء العالم ويظل ينظر بحسرة إلي عدم مساهمته فيه، صحيح ان هناك رغبة في التقدم العلمي وخاصة منذ حصول أحمد زويل علي جائزة نوبل، لكن هذه الرغبة تشبه رغبة المريض الراقد علي السرير وهو يتمني ان ينهض ويشارك في مباراة رياضية يمارسها الاصحاء والذين سبق لهم وقت طويل من الاعداد والتدريب! كان في المانيا منذ زمن طويل ومازال مركز للاختراعات يطلقون عليه بيت الابداع وهو الذي يقف وراءالتطور المستمر في الصناعة الالمانية التي تفوقت علي مثيلاتها في كل انحاء اوربا »ومن ابداعاته تلك السيارة الوحيدة في العالم التي تعمل بتبريد الهواء وليس الماء« وفي اليابان يوجد نفس المركز بل العديد منه. وقد شاهدت بنفسي في الصين اكاديمية العلوم الاجتماعية التي يصفونها هناك بأنها »عقل الصين« ولها فروع في كل المدن الصينية تضم شباب العلماء إلي جانب شيوخهم المخضرمين يبحثون معا ويقدمون الحلول مباشرة لمجلس الوزراء الذي يوزعها علي جهات الاختصاص للتنفيذ. ايها السادة: ان الصعود إلي درجة اعلي في السلم يتطلب قدرا من الارادة وسلامة الاعضاء والتمرين اللازم، وبدون ذلك فإن الشخص سوف يظل واقفا في مكانه، بينما يتجاوزه الاخرون.