ما يحدث علي الأرض العربية منذ بدء العام ليس له مثيل في ربع قرن ... بدأ العام بزلزال مدو بحادث إرهابي كنيسة القديسين بمصر استهدف أبرياء في صلاتهم ، واغتال مصريين مسيحيين ومسلمين، وأصاب قلوب 80 مليون مصري ... وثار الشعب الحكيم في تلاحم وطني فريد وبدأ عيد الميلاد في 6 و 7 يناير 2011 كعيد للوطنية المصرية في وحدتها وقوتها وصلابتها ... وبحكمة الشعب المصري المسالم الوسطي ثار لإصلاح البيت الواحد بالعقل والحكمة والوحدة الوطنية ونبذ الإرهاب... واتساءل كيف ستكون مصر السلام والتقدم بعد حادث كنيسة القديسين الإرهابي ؟ ... وفي 9 يناير وعلي أرض السودان الشقيق كان الموعد التاريخي مع الاستفتاء علي تقسيم السودان وهو تاريخ - في نظري - فاصل لانهيار فكر ورؤية ومبادئ وروح الوحدة بين أبناء العرب بل هو بداية لمزيد من الانقسامات والتقسيمات علي الأرض العربية - 9 يناير هو تاريخ فشل ساسة السودان في أربعين عاما من الديماجوجيه والدكتاتورية والقهر للشعب السوداني عامة ولشعب الجنوب خاصة ... مبروك لشعب جنوب السودان العربي الأفريقي حريته ... جريمة قرن - لحكام السودان - من الإهمال والتفرقة والتعصب والتدخل والسياسات العقيمة... واتساءل كيف ستكون مصر بعد انقسام السودان ؟ وما هي التغييرات السياسية والاقتصادية الواجبة لحماية الأمن القومي والمائي المصري ؟ ... وفي 14 يناير سقط نظام زين العابدين بن علي بعد حكم وسيطرة امتدت 23 عاما كان نموذجا بوليسيا تنمويا انطلق بتونس لتصبح من أفضل الدول العربية في التقدم الاقتصادي والاجتماعي من جهة ومن جهة أخري من الدول المتميزة في الفساد والرشوة ... فتحقق لتونس أفضل تعليم في المنطقة العربية ، وقضاء كامل علي الأمية ، ورعاية صحية مميزة ومتميزة وأكبر قاعدة للصناعات الصغيرة وأكبر تكامل مع الأسواق الأوروبية وازدهار ونماء منشود ... ولكن تناسي زين العابدين بن علي بركان الغضب المتزايد لجموع الشعب لكبت الحريات ، والفساد ، ولسيطرة عائلته علي جزء هام من ثروات البلاد ، ولانهيار القدوة والفرصة والحلم والعدل بين أبناء الشعب الواحد ... وأخيرا لانهيار الكرامة حين صفعت امرأة من ميليشيات بن علي الحكومية والفكرية شابا يبيع خضارا يوميا ليرعي والدته وأباه منعه رجل شرطة واستولي علي ما يملكه ... كانت شرارة الثورة التونسية هي إنسان عربي بسيط باحث عن الأمل في حياة كريمة عادلة ليس له علاقة بالسياسة ولكن يكدح من أجل لقمة عيش كريمة لأهله وله حرم منها بسياسات أغفلت العدل والعدالة والطهارة والتكافؤ والحق في الحياة ... سقط بن علي في 23 يوما بعد 23 عاما في السلطة ... وسقطت تونس الخضراء في مفترق طريق بين ثورة شعب وبين فوضي الغوغائية ؟ أري علي الساحة التونسية رموزا للانتهازية والفوضي والتسلط أكثر مما أري قادة الإصلاح والتقدم والنماء والاستقرار ودولة القانون ... تري أي اتجاه سيسلكه شعب تونس المتعلم المثقف الحكيم ... وأي إطار سياسي سيحكمه هل هي دولة القانون أم هي مجتمع آخر للفوضي والانتهازية والتفتت ... بل والإرهاب ؟ ... ويتساءل المصريون أين هم من تونس ؟ وإذا كان هناك تشابه في جذور المشاكل التي يشعر بها الفقراء والطبقة الوسطي من غلاء وفرصة عمل وعدالة وتكافؤ وفجوات تنمية ومشاهدات لنماذج فاسدة ومستفزة ... فأي طريق يسلكه الشعب المصري الراشد الحكيم ... طريق الإصلاح والنماء والسلام الاجتماعي ؟ أم طريق الفوضي والإثارة والإرهاب والانتهازية ... إذا أضفنا لذلك أحداث لبنان والعراق وفلسطين وما يجري في الجزائر والاردن واليمن والتي تثير تساؤلا هاما حول مستقبل المجتمع العربي بين الحكمة والرشد والاصلاح والديمقراطية والنماء وبين التقسيم والفوضي والانتهازية والديكتاتورية والإرهاب ... أما المشهد العربي الثالث ... فهو الانهيار اللبناني ... وفي هذه المرة تدق طبول حرب أهلية جديدة وتقسيم لبنان ... كارثة جديدة علي أرض العرب تدفعها مصالح خارجية لدول وداخلية لقيادات جمعتهم الفرقة والمال والتسلط والنفوذ يشغلون لبنان عن تقدمه ونمائه من اجل مصالح سياسية ومادية وعشائرية ... واتساءل ما هي الآثار الناجمة والقادمة عن سيناريوهات الحرب الأهلية وتقسيم لبنان علي العرب وعلي مصر ؟ ... أما المشهد العربي الرابع ... فهو ما يحدث في العراق وهو مطابق تماما بدرجة كبيرة ما توقعناه قبل غزو العراق بقيادة بوش الظافر ... ما حدث ويحدث هي أخطر جريمة في حق البشرية تمت منذ هتلر والحرب العالمية الثانية ... أين مصر من العراق الجديد ؟ ... وأين مصر من توابع العراق ؟ أما فلسطين فسامحهم الله وسامح قادتهم وفاسديهم علي ضياع 60 عاما من الفرص الضائعة وتحويلها إلي معقل للإرهاب ونموذج للثراء والتجارة بالكفاح الوطني الفلسطيني وبالشعب المطحون ... ويتساءل المصريون متي سنضع كمصر مصلحتنا قبل عاطفتنا ؟ ... وأخيرا ما يحدث في الجزائر والأردن واليمن جزء هام منه ألم ومعاناة للمواطن العربي وانفجار نفسي لتراكمات من الكبت السياسي والاقتصادي والاجتماعي ... وجزء آخر منه لدعاة الفوضي والإرهاب ... وما بين مفهوم الثورة الحكيمة وما بين الفوضي والانتهازية الجديد ... أري مفترق الطريق العربي ... وللحديث بقية .