.. وطلب »روبرت« من الآنسة »كوك« الجلوس فوق أحد الكراسي وسط الغرفة.. وقام بربط ذراعيها وساقيها بحبل من عنده.. وأغلق الباب بالمفتاح، واحتفظ به في جيبه. السبت: يقول الباحث الانجليزي »م. كيرو« في كتابه »قصص واقعية عن الأشباح« الذي صدر في لندن عام 8491، وأثار جدلا واسعا في معظم أنحاء أوروبا.. أنه كان في زيارة صديقه الرسام المعروف »روبرت. و. مكبث« ذات مساء تلبية لدعوة وجهتها له زوجته لتناول العشاء.. عندما فاجأه ذلك الصديق بأنه لا يؤمن بما يناقشه في أبحاثه حول قدرة بعض الأشخاص علي الوساطة، وتمكنهم من الاتصال بنفوس بعض الموتي، والتحدث معها، ورؤيتها متجسدة أحيانا.. وتحداه في أن يرشده إلي واحد، أو واحدة، من أولئك الوسطاء.. ويقول »كيرو« إنه لم يكن يتوقع هذا التحدي الصريح من جانب »روبرت« إلا أنه تمالك زمام نفسه، وطلب منه تحديد موعد يناسبه، ليقوم بإحضار أحد الوسطاء للقائه واختباره.. غير أن »روبرت« نظر إليه بخبث وقال: - ولماذا لا يكون ذلك الآن؟ فقال له: - حسنا.. سأذهب علي الفور لاستدعاء الآنسة »كوك«، فهي وسيطة معروفة، تساعد العالم الكبير »سير ويليام كروكس« في تجاربه، وسأعود بصحبتها بعد نصف ساعة علي أكثر تقدير.. وهنا ابتسم »روبرت« إبتسامة ماكرة.. وطلب من »كيرو« أن يكتب له عنوانها، ليذهب إليها بنفسه، ويدعوها لمشاركتهم العشاء.. ويمضي »كيرو« في رواية ما حدث فيقول: - كتبت له العنوان.. وذهب.. وبعد حوالي نصف الساعة، عاد وبرفقته الآنسة »كوك«.. وعندما اخبرتها بشك »روبرت« في مسألة الوساطة، وقدرة الوسطاء علي الاتصال بالموتي، أبدت استعدادها للقيام بالتجربة، مع قبولها بكل الشروط التي يطلبها »روبرت«.. وبالفعل، طلب روبرت من الآنسة »كوك«، الجلوس فوق أحد الكراسي وسط الغرفة.. وقام بربط ذراعيها، وساقيها، بحبل من عنده، وأغلق الباب بالمفتاح، واحتفظ به في جيبه!! وبينما كان يفعل كل ذلك، كانت الآنسة »كوك« تجلس علي الكرسي كقطة أليفة، وعلي شفتيها ابتسامة رقيقة.. وعندما توجه إلي مفتاح الإضاءة لإطفاء المصباح، طلبت منه أن يتركه مضيئا.. فتردد قليلا ثم سألها بسخرية: - في النور؟! فقالت بثقة، والابتسامة لاتزال علي شفتيها: - نعم في النور.. وأرجو أن تجلس أينما شئت، وأن تكف عن الحركة.. وأذعن.. وجلس صامتا علي كرسي مواجه لها.. أما أنا وزوجته فقد جلسنا علي كرسيين متجاورين علي يمينه.. وخيم علي الغرفة صمت كامل، استمر حوالي عشر دقائق.. استغرقت بعدها الآنسة »كوك« في غيبوبة حقيقية.. ولم تلبث المفاجأة أن وقعت، حين رأينا جميعا دخانا أبيض ينساب من نقطة في سقف الغرفة، ويتحول شيئا فشيئا إلي جسد آدمي.. فتاة ممشوقة القوام، ترتدي ثوبا دخانيا.. أخذت تقترب بخطوات بطيئة من روبرت، حتي صارت علي بعد خطوتين منه، وتوقفت، فسألتهاالآنسة »كوك«: - من أنت؟ فأجابت بإنجليزية متعثرة: - هو يتذكرني لاشك في ذلك.. ثم أضافت بعد لحظة صمت: - أنا راقصة جزائرية، تعرفت علي »روبرت« منذ سنتين في أحد فنادق الجزائر وطلب مني أن أزوره في غرفته في الصباح ليرسم لي صورة.. ومن سوء الحظ رآني عشيقي وأنا اتحدث مع هذا الانجليزي الغريب.. وبعد انتهاء السهرة، وذهابي مع عشيقي إلي بيته، وقعت بيننا مشادة، انتهت بطعنة سكين مزقت جدار قلبي.. ومت قبل أن أتمكن من تلبية دعوته.. وامتقع وجه »روبرت«.. بينما بدأ الجسد يتلاشي ببطء كما ظهر واختلطت معالمه، حتي أصبح دخانا سرعانا ما تبدد!! ويقول »كيرو«: - لم يكن في وسعي بعد ما حدث، سوي مساعدة الآنسة »كوك« علي الإفاقة من غيبوبتها، وفك الحبل الذي كان يربطها إلي الكرسي.. أما صديقي »روبرت«، فقد سيطر عليه الذهول.. ولم ينطق بكلمة، وعندما قامت السيدة زوجته بتجهيز العشاء، ودعتنا إلي المائدة، شاركنا »روبرت« غير أنه كان صامتا طيلة السهرة!! النفوس الساخطة! يقول الدكتور »باورز«، أستاذ الأمراض العصبية في »مينا بوليس« بالولايات المتحدةالأمريكية، في كتابه »ظواهر في حجرة تحضير الأرواح« إن نفوس الأشخاص الذين قتلوا، أو قاسوا ألوانا من التعذيب حتي الموت، تظل ساخطة لفترة طويلة، غير مصدقة، أنها غادرت الدنيا دون أن تحقق أهدافها، وتتعمد التعبير عن وجودها بعنف في الأماكن التي كانت مسرحا لمأساتها.. وفي بعض الأحيان تقذف الموجودين في المكان بقطع الحجارة، أو الأطباق، بل وبالمقاعد أيضا.. وفي عدد جريدة »الأهرام« الصادر يوم 71 أغسطس عام 0591، كتب الأستاذ أحمد الصاوي محمد، مقالا تحت عنوان »أشباح وأرواح إنجليزية« قال فيه: »لا.. إنها ليست من الأشباح والأرواح، التي قيل انها موجودة في بيت في حي شبرا، تقوم بتكسير الأطباق، وتحطيم الأثاث، وتشد السكان من شعورهم.. بل هي أشباح وأرواح إنجليزية، والظاهر أنها في كل مكان سواء!!« ويقول الأستاذ الصاوي: كانت عائلة »سيرجنت« المكونة من الزوج »فيكتور« والزوجة »بيتي«، والطفل »كريستوفر«، تعيش في غرفة ضيقة منذ ثلاث سنوات، حتي فتحت لهم - كما زعموا- طاقة في السماء، فانتقلوا إلي شقة حديثة مستقلة، سكنوا فيها منذ إبريل الماضي، وتصوروا أنهم انتقلوا إلي الجنة.. ولكنهم منذ أيام معدودة عادوا أدراجهم متقهقرين إلي غرفتهم الصغيرة الحقيرة، التي يطبخون فيها ويأكلون وينامون.. وكانت سعادتهم غامرة وهم يغادرون الشقة الجديدة إلي غير رجعة!! وقالت مسز »بيتي« إنها عادت إلي غرفتها القديمة لتعيش مطمئنة، بعيدا عن تلك الأيدي الخفية، التي تقبض علي زمارة رقبتها، وتمزق جواربها، وتلقي علي الأرض دهان شعرها.. أما الزوج »فيكتور«، فكان لا يؤمن بتلك الخرافات.. لكنه انحني أمام الخطر الداهم الذي هدد أسرته بالويل.. وقالت الزوجة »بيتي«: شعرت ذات ليلة، في حوالي الحادية عشرة، بشئ يقرع ظهر السرير فنبهت زوجي، ثم أحسست بشئ يلمس جبيني فارتعدت!! وبعد أسبوع كان الأمر أدهي وأمر.. فقد نشطت الأشباح للانتقام، بين الحادية عشرة والواحدة صباحا.. وشعرت ذات ليلة بأن هناك من يحاول خنقي.. وفي ليلة أخري كنت في الفراش، وإذا بمصباح صغير كان موضوعا بجانب السرير، قد ارتفع، وضربني في رأسي!! وقال الزوج: لقد ارتفع المصباح فعلا، وضرب رأس زوجتي، ثم مر من فوق فراشها، واستقر علي فراشي، فارتجفت رعبا.. وفي ليلة أخري كانت زوجتي »بيتي« جالسة في السرير، وإذا بشخص ما، باهت المعالم، يجذبها من كتفيها، ويشدها نحو النافذة بقوة.. وصرخت تطلب النجدة، فأسرعت وجذبتها من ساقيها، واستلزم ذلك مني قوة فوق طاقتي، وأحسست بأنني أنا نفسي مندفع معها نحو النافذة.. وإذا بالشخص الباهت، قد خارت قوته فجأة، لتسقط زوجتي علي الفراش، وهي منهارة. وقالت الزوجة »بيتي«: كان واضحا من جميع الحوادث أنني مقصودة بالقتل.. ولولا أن زوجي كان حاضرا لتمكن الشخص باهت المعالم من إلقائي من النافذة..«! انتهي مقال الأستاذ أحمد الصاوي محمد دون تعليق.. وكانت صحيفة »الديلي ميل« البريطانية قد نشرت تفاصيل هذه الواقعة قبل أن ينشرها الأستاذ الصاوي في »الأهرام« بيوم واحد.. وعلق عليها بعض العلماء بقولهم إن الزوجة »بيتي«، كانت تتمتع بالقدرة علي الوساطة، وإذا كان الشخص باهت المعالم، قد استخدم العنف في الاتصال بهذه السيدة، فمن المرجح أن هناك نفوسا أخري لأشخاص آخرين من الممكن أن تكون أكثر لطفا!! الطيار العاشق! طيار شاب، تعرف علي فتاة بشاطئ ميامي بالإسكندرية، في صيف 5591، تعمل مدرسة لغة فرنسية في إحدي المدارس الثانوية بمدينة دمنهور حيث تعيش أسرتها.. تقدم الطيار لخطبة الفتاة، ووافقت أسرتها، وتم الزواج بعد ثلاثة أشهر.. وعاش العروسان في شقتهما بإحدي عمارات شارع شبرا بالقاهرة.. وقبل بداية العام الدراسي الجديد، كانت كل إجراءات نقل العروس إلي القاهرة قد تمت، وانضمت إلي هيئة تدريس إحدي المدارس الثانوية بحي الظاهر.. لكن القدر كان شديد القسوة ولم يشأ ان تستمر سعادة العروسين المتحابين.. لقي العريس مصرعه، اثناء قيامه بتدريب أحد الطيارين الجدد.. انفجرت الطائرة واحترقت إثر اصطدامها بالأرض، واحترق هو وتلميذه في داخلها.. وبعد انتهاء ليالي العزاء والحداد، رفضت العروس العودة مع والديها إلي دمنهور.. وأصرت علي البقاء في القاهرة حتي نهاية العام الدراسي.. فوافق والدها علي مضض. وقبل مرور أربعين يوما علي الحادث، خلعت العروس الأرملة ثياب الحداد.. وبعد أسبوع امتنعت عن الذهاب إلي المدرسة.. وأغلقت باب الشقة من الداخل بالمفتاح، ولم تعد تفتحه لأحد!! بدأ الجيران يشعرون بالقلق.. دقوا بابها، فردت بأنها لا تريد أن تلتقي بأحد.. حاولوا عدة مرات اقناعها بالخروج من اعتكافها، ولكنها أبت، فأبلغوا أسرة زوجها، الذين حاولوا بدورهم إخراجها من هذا السجن الاختياري الذي وضعت نفسها فيه! كان الحوار يجري معها من خلف الباب المغلق، وكان ينتهي دائما بأن تتركهم يدقون الباب حتي ييأسوا.. وذهب والد الزوج إلي أسرتها في دمنهور.. وجاء معه والداها.. وفي مواجهة إصرارها علي عدم فتح الباب، جن جنون والدها، وضرب الباب بكتفه عدة مرات فانفتح.. ودخلوا!! وقفت الفتاة تنظر إليهم وهي ترتعد خوفا.. كانت ترتدي قميص نوم شفافا، وتحته لاشئ.. وبدت تفاصيل جسدها واضحة.. فتراجع والدها ووالد زوجها، واندفعت أمها نحوها لتستر جسدها بمفرش ترابيزة السفرة. وانهارت الشابة.. أصابتها هيستريا.. وراحت تصيح من خلف دموعها.. لقد حذرني من فتح الباب والنوافذ!! وصرخ الأب: - من الذي حذرك؟ فقالت بصوت متهدج: - زوجي.. إنه يزورني يوميا.. إنه يعشقني ويلبي كل مطالبي.. وأنا مازلت أحبه!! وسكتت الفتاة عن الكلام.. وانتفض جسدها بين ذراعي أمها الباكية.. وفارقت الحياة، وسط ذهول الجميع.. واندفع والدها المكلوم، كالثور الهائج، يفتش في كل مكان داخل الشقة فلم يعثر علي أحد.. فقط وجد ملابس الزوج العاشق ملقاة فوق السرير في غرفة النوم!! كان حادثا مروعا عجز أهل الحي والأقارب عن استيعابه.. ولم يخطر علي بال أحد أن العروس التعسة كان لديها القدرة علي الوساطة التي مكنتها من استقبال زوجها الميت.. واكتفوا بالقول أنه عفريت«!!