من الناس من تطلعاتهم في حدود قدراتهم الحقيقية وإمكاناتهم وإستعدادهم الفطري، هؤلاء حظوظهم كبيرة في تحقيق تطلعاتهم في أمان.. ومن الناس من تطلعاته أكبر بكثير من قدراته وإمكاناته وإستعداده، هذا الإنسان حظه قليل في تحقيق تطلعاته.. وأغلب الظن انه سيصاب بصدمة حينما يكتشف بعد فترة انه بعيد جدا عن الهدف الذي تطلع إليه.. هذه الصدمة قد يتقبلها، ويسعي إلي هدف أقرب إلي التحقيق مما خطط له سابقا.. وإما تكون الصدمة أكبر من احتماله، فتؤدي به إلي تصرفات قد تكون طائشة أو غير مسئولة.. ومن الناس من ليس له تطلعات علي الإطلاق، فهو راض بما قسم له، وهو يؤدي عمله أومهنته أو حرفته بإتقان وبضمير..وينام مستريح البال، لا يؤرقه شيء، وهو يؤدي ما عليه تجاه الله، وتجاه نفسه وعائلته، وتجاه الناس، والآخرة في بؤرة إهتمامه، ويعمل لها ما استطاع من الباقيات الصالحات.. من الفروض والنوافل، وتقديم العون المادي أو المعنوي لمن يعرفهم من أصحاب الحاجات.. وهكذا. أما من كانت له تطلعات وفي حدود قدراته، فهو يعرف طريقه جيدا، ويسعي سعيا حثيثا للإرتقاء بنفسه، وتحقيق طموحاته، وبالعمل الجاد والصبر علي المشاق والمعوقات التي تصادفه في طريقه للوصول إلي هدفه، وهو دءوب لايكل ولايمل، ولايتراخي ولا ييأس.. كل هذا جميل.. وأجمل منه انه في سعيه لتحقيق طموحاته الدنيوية، ولاينسي آخرته، ولايهملها أو يهمشها في زحمة مشاغله، لأنه يعلم أو المفروض أن يعلم أن ما سيحققه لدنياه، ان اقتصر عليه، فيكون قد كسب دنياه وخسر آخرته.. اي انه أغني دنياه وأفقر آخرته، التي إن لم يكن قد كسب من الحسنات ما يثقل موازينه يوم القيامة، فلن يغني ما تحقق له في دنياه عنه شيئا، وستكون خسارته فادحة وثقيلة ومأساوية.. اذ ستكون النار مصيره ومثواه.. وكثير من الناس للأسف الشديد لايراعون ذلك في سعيهم لإثبات ذواتهم في الدنيا وأن يكونوا فيها شيئا مذكورا.. أما الذين يتطلعون إلي أهداف أكبر من قدراته، أي أكبر مما يطيقون تحقيقه، فعندما يتبينون كم هم بعيدين عن الهدف الذي تطلعوا إليه،فهم إما يصيبهم الإحباط، ويتوارون عن العيون والانظار، وإما يلجأون إلي مغامرات رديئة،وقد تكون خارجة عن المشروعية، ربما بتحريض وإيعاز من أصدقاء أو معارف يزينونها لهم، وعندما يصلون إلي نهاياتها المحترمة، يكونون قد إنتهوا وكتبوا علي انفسهم الخسران في الدنيا والآخرة.. فالأهداف نختارها بعناية وبعد تدقيق، وفي حدود قدراتنا وإمكانياتنا،ونسعي لتحقيقها بعزم وسعي حثيث، علي الاننسي آخرتنا التي إليها معادنا وفيها مصيرنا الأبدي، فنكون قد ربحنا في دنيانا، وفزنا في آخرتنا، وذلك هو الفوز العظيم..