كنت كنت أود أن أكتب عن زيارة الرئيس لروسيا ونتائجها الطيبة، وكنت أود أن أكتب عن «ضربة المعلم» التي حققها الرئيس السيسي بإنقاذ أشقاء إثيوبيين من مصير الذبح في ليبيا، وحرصه علي استقبال الناجين بنفسه، ورد الفعل العظيم لذلك في إثيوبيا شعبا وقيادة! لكنني - للأسف- وجدتني مضطرا الي أن أكتب متسائلا: هل يتجاهل الرئيس كوارث الإعلام التي تتصاعد بصورة بالغة الخطورة؟ ومبدئيا- وحتي أقطع الطريق علي المزايدين وكذا المتربصون سأقول- بالفم المليان- ليس المقصود بتساؤلي هذا أنني أدعو - لا سمح الله- أن يتدخل الرئيس في الإعلام بالتوجيه المباشر وغير المباشر كما كان يحدث في سابق السنين والأيام- كذلك ليس تساؤلي هذا بهدف خلق مادة للمتربصين الذين بدأوا فعلا حملاتهم المسمومة ضد الرجل وبالتالي ضد ثورتي يناير ويونيو! هدفي إذن هو الدعوة لإنقاذ الإعلام وإخراجه من مستنقع التخبط والفوضي والانفلات وهذا ما اعترف به أغلب الإعلاميين والمثقفين والسياسيين حتي ان صحيفة كبيرة أصدرت ملفا بعنوان "مولد يا ميديا» وكاتبا كبيرا وصف الإعلام في هذه الأيام بأنه- لا مؤاخذة- مقرف! هذا في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني أن هذا «المقرف» يملك أخطر عناصر التأثير في الدول والجماهير فما بالك وهو يمرح الآن في «مولد» اقصد «مولد الميديا»؟! وقد يقول قائلا: تري هل توجد فعلا وسيلة لإنقاذ هذا الإعلام المريض؟ وهل هذه الوسيلة الموضوعية المجردة توجد فعلا في يد الرئيس؟! وأقول أنا لهذا القائل: الوسيلة فعلا موجودة ، وهي فعلا في يد الرئيس، وقد سبق أن اشرت اليها في مقالات سابقة، وهي إصدار «قرار بقانون لقيام نقابة الإعلاميين» خاصة ان النقابة الحالية تحت التأسيس تنتظر فقط الإطار الدستوري، وهي تضم ما يقرب من ثمانية آلاف إعلامي. وقد سلمت بنفسي للرئاسة مشروع قانون النقابة الذي توافقت عليه الجماعة الإعلامية كما سلمت نسخة منه - بنفسي - لرئيس الوزراء الذي أمر بعرضه علي لجنة صياغة التشريعات التي انعقدت فعلا بمقرها في مجلس الشوري- وأقرت المشروع الذي قدمناه، ولم يتبق سوي عرضه علي الرئيس ليصدر قراره بقانون دون انتظار لمجلس النواب الذي ما زال أمامه شهور طوال وقوانين عديدة، في الوقت الذي يتزايد فيه انهيار الاعلام بآثارة المخيفة علي الشارع والأسرة وحتي علي الدين الحنيف!! وقد زاد من حيرتي وتساؤلي عن التأخر في إصدار القرار المنتظر ما نعلمه عن قلق الرئيس من حالة الاعلام، وما نعلمه عن قلق رئيس الوزراء من هذه الحالة الخطيرة وما نعلمه ايضا من حرص الرئيس علي تفعيل مواد الدستور التي تنص علي انشاء منظومة إعلامية جديدة لن تقوم لها قائمة الا اذا قامت نقابة الإعلاميين بدورها المحوري المتمثل في اصدار ميثاق الشرف الإعلامي. ومراجعة ومساءلة اعضائها من الإعلاميين في إعلام الدولة والإعلام الخاص.. يعني الأمور واضحة تماما والمؤكد أن موقف الرئيس ليس التجاهل التام لما أصاب الإعلام، إلا ان الصمت الحالي وعدم التحرك للإنقاذ بالوسيلة المتاحة هو الذي يثير القلق حتي اننا في اللجنة التأسيسية للنقابة نجحنا بصعوبة في اقناع الاف الإعلاميين بعدم الاحتجاج الذي قد يمتد للتظاهر، خاصة ان منهم من يعاني شخصيا سواء بخسارة حقوقه أو بفرض أجندة مريبة عليه! تري هل يطول انتظارنا مرة أخري فلا نتلقي ردا شافيا.. ولا نري ما يطمئنا ويطمئن مصر الثورة علي صدور القرار المنشود؟ دولة رئيس الوزراء: مشروع القانون في مكتبك.. يعني الكرة في ملعبك؟ سيادة الرئيس «القرار المنتظر في يدك» استقيلوا.. يرحمكم الله بمجرد إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية في بريطانيا، توالت استقالات رؤساء الأحزاب التي فشلت في حصد الأصوات اللازمة. وهذا يا حضرات- درس انجليزي بليغ لرؤساء أحزابنا الذين فشلوا فعلا حتي قبل الانتخابات القادمة، وذلك بصراعاتهم وأهوائهم وطموحاتهم الشخصية، إن هذا الدرس المحترم يقول لكم بالانجليزي والعربي.. استقيلوا يرحمكم الله.. لعل من يحل محل كل منكم يفهم معني العمل الحزبي الحقيقي.. ومعني الانتماء للوطن أولا.. وأخيرا!!