تأتي قضية تشغيل الشباب علي رأس أولويات واهتمامات التنمية البشرية. كخلق فرص العمل، واستيعاب الطاقات الشبابية، وهي تمثل صمام السلم والأمان المجتمعي، ولاسيما في مصر، حيث يشكل الشباب الغالبية العظمي من سكان مصر، فوفقا لما جاء في التقرير النهائي للمسح والشباب فإن عدد الشباب في مصر (18-35 سنة) يمثل نسبة 35% من إجمالي عدد السكان؛ ويرتفع إلي 69% إذا ما أضفنا إليهم شريحة النشء (6- أقل من 18 سنة). ولأن الشباب في مصر يمثل ثلثي مجموع السكان فهو العنصر الفعال والحاسم في قضايا التنمية، فالتنمية لابد أن تبدأ من الشباب؛ لأنه يملك الطاقة والقدرة علي العطاء وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان تمكين جيل الشباب؛ لكي يصبحوا من أصحاب الأعمال الناجحين، من خلال التدريب والتوجيه، وتحويلهم من طالبي وظائف إلي موفري وظائف، ومساعدتهم علي تحقيق الكسب المادي، وخلق فرص عمل. ومن هنا تأتي أهمية مبادرة مشروعك التي تبنتها وزارة التنمية المحلية بالتعاون مع البنوك المصرية، في دعم ثقافة العمل الحر، والتي تختلف كليا عن العمل الوظيفي الذي يدور في أطر وقوالب جامدة؛ وريادة الأعمال في أبسط معانيها وأكثرها شيوعًا هي عبارة عن خلق منظومة اقتصادية مبدعة من خلال تجميع وتخصيص المشروعات. وتشمل أهمية الريادة ثلاثة محاور أولها: الإبداع عن طريق ابتكار أفكار المشروعات، وثانيها: خلق عدد من المشروعات الجديدة، وثالثها: خلق فرص عمل. ويبقي السؤال مطروحًا... كيف نخلق فرص العمل؟ إن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر هي الحل الأمثل في هذا المضمار، وهي الأصل في تطور الاقتصاد القومي، من خلال تطورها نوعيًا ومن ثم، تحولها إلي مشروعات متوسطة ثم إلي مشروعات عملاقة. وتأتي أهمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من عدة جوانب: أنها تعتمد علي العمالة الكثيفة، ومن ثم، فهي أحد أهم مصادر استيعاب الطاقة التشغيلية للشباب. أنها تسهم في توزيع الدخل بصورة أكثر عدالة، ومن ثم، فهي تسهم -ولو نسبيًا- في تحقيق العدالة المجتمعية. أنها توفر فرص عمل وبأجور معقولة للفئات المهمَّشة في المجتمع كالأسر الفقيرة والنساء، وكل ذلك بتمويل محدود. وفي هذا الإطار، تشير الخبرات والتجارب الدولية إلي أن أهم المشكلات التي كانت ولا تزال تواجه المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في كل أنحاء العالم تتمثل في نوعين من المشكلات: أولهما: المشكلات المرتبطة بالتمويل، وتوفير المخصصات المالية للبدء في المشروع الصغير وهو ما توفرة هذه المبادرة. أما النوع الثاني من المشكلات فهي المشكلات غير التمويلية والمتعلقة بالنواحي الفنية والمهنية والقدرة علي التخطيط الاستراتيجي والمالي، والفني للشروع في تنفيذ تلك المشروعات. ومن هنا يأتي دور الجامعات في إنشاء وحدة متخصصة هي «وحدة تنمية المهارات وريادية الأعمال»، يُناط بهذه الوحدة العمل باستمرار علي تنظيم حزم من الدورات والبرامج التدريبية، التي ترتقي بمهارات وخبرات الطلاب علي الصعيد العملي- التطبيقي، وكذا علي الصعيد الشخصي، من خلال تقديم مجموعة من البرامج الخاصة بريادة الأعمال والابتكار لكي يكونوا مؤهلين لمواجهة متطلبات سوق العمل بكل تحدياته. وهذا ما فعلته كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بإنشاء «وحدة لتنمية المهارات وريادية الأعمال». فالشباب عليه أن يكتشف نفسه وقدراته.. فكل شاب لديه مفتاح سحري.. فليبحث عنه، وليجده، ولينطلق إلي قمم النجاح. فلابد من نشر ثقافة العمل الحر، وتغيير ثقافة الشباب من البحث عن الوظيفة وانتظارها إلي خلق الوظيفة لنفسه وللأخرين. فأي توازن اقتصادي واجتماعي لن يتحقق إلا من خلال الاهتمام بالفرد. فالفرد هو غاية أي عملية تنموية حقيقية، ولذلك كانت التنمية البشرية واحدة من محاور التنمية المستدامة والشاملة التي تصبو مختلف المجتمعات إليها.