كانت الطقوس في رمضان كعادتها في كل البيوت المصرية لمه وإفطار ومسلسلات إذاعية أبدع والدي في كتابتها ومثلها فؤاد المهندس وشويكار ولهم العديد من الأعمال الناجحة ومنها المسلسل الإذاعي الشهير انت اللي قتلت بابايا والتي قام والدي بعد ذلك بتحويلها إلي فيلم سينمائي قام ببطولته نفس الأبطال ومسلسل خميس وجمعة وو و...من منا كان لايسمع المسلسلات الإذاعية المصاحبة لمدفع الإفطار ؟!! ( أحلي أيام).. ونظراً لأن والدي وأنا كنا نعيش مع أسرة كونها والدي من أصدقائه وبعض دراويشه في شقة الدقي فقد كان هناك شخص من هؤلاء الرفقاء لا يظهر علي مدار العام ولكنه راكور ثابت طوال شهر رمضان من كل عام قبل المدفع بساعة يحضر بجلبابه الأبيض الأستاذ يحيي سليط : كان يعمل مديراً للمسرح العائم بالمنيل وكان والدي يرسلني إليه في أيام الأجازات الدراسية، من المؤكد ليتخلص من رزالتي ومن الازعاج المستمر الذي أسببه له في المنزل، وقد كنت أنطلق هناك في حدائق هذا المسرح وكواليسه وأنا في العاشرة من عمري وأمارس كل أنواع القهر علي من هم في سني أو أصغر بسبب قدومي في حماية المدير بذات نفسه..وحضرت علي هذا المسرح مسرحيات عديدة من إنتاج القطاع العام وبالأخص إنتاج المسرح الكوميدي، ومن هذه العروض أتذكر مسرحية قسمتي لفؤاد المهندس وهي مأخوذة عن رواية للثنائي العظيم نجيب الريحاني وبديع خيري ولم يُقدر لها أن تُصور ڤيديو حتي نراها مثلها مثل أعمال متعددة وعظيمة كتب لها النسيان بسبب الإهمال في تصويرها وحرُمت الأجيال الجديدة من أعمال مهمة وجميلة في تاريخنا المسرحي الحديث.. ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن عملا مسرحيا بقيمة سيدتي الجميلة كاد أن يتم إلغاء تصويره لولا قرار من إدارة المسرح التابعة لمسرح التليفزيون عندما أبلغهم المنتج الكبير سمير خفاجة بعدم رغبة فؤاد وشويكار في تصوير العرض علي مسرح سيد درويش بالإسكندرية بحجة ضيق خشبة المسرح وإرجاء الأمر لتصويرها علي مسرح الحرية بالقاهرة في الموسم الجديد، رد عليهم المسئولون وعلي رأسهم وقتها المخرج الراحل سعد أردش باستحالة التأجيل بسبب إرسال معدات التصوير إلي الإسكندرية بالفعل ومن غير المعقول عودتهم بدون تصوير العرض وتم بالفعل التصوير كأمر واقع وبدون رغبة حقيقية لفؤاد وشويكار!!.. كان عم يحيي سليط رجلا ضخما أصلع الرأس ملامحه لاتظهر بسبب نظارته السميكة له هيبة كان يتلذذ والدي يومياً في استفزازه قبل مدفع الإفطار وينجح يومياً في ذلك مع انسياق غريب لعم يحيي سليط وراء هذه الاستفزازات المتكررة.. شهادة لله كان والدي بأقل مجهود ينجح في إخراجه عن شعوره. أعتقد أن والدي استعان بلقب عائلته (سليط) واستخدمه في روايات عديدة ومنها شخصية جاد الحق جاد الله البوجري سليط في مسرحية انها حقاً عائلة محترمة وقد كان والدي بارعاً في التقاط الأسماء الغريبة مثل بعضشي في سيدتي الجميلة وهو ترجمة عبقرية للاسم الأصلي الموجود بالرواية العالمية لبرنارد شو «دون ليتيل « حوله والدي بعبقريته المصرية الشوارعية إلي (بعض شيء )أو (بعضشي).. ومن الأسماء المميزة أيضاً التي التقطها والدي وعلقت مع الجمهور اسم (حيرم) في مسلسل عيون وهو الدور الذي تألق فيه الكوميديان الراحل يونس شلبي وقد وجدت اسم حيرم في الإنديكس القديم الخاص بأرقام تليفونات أصدقاء والدي من الواضح إنه شخص كان يعرفه. كان ليحيي سليط قصة طريفة يحكيها والدي في وجوده فقد كانا في مكان نائٍ ومهجور لا اتذكر سبب وجودهما فيه وأراد عم يحيي سليط أن يقضي حاجته فوجد والدي عشة مهجورة أو مكانا مهدما فشار عليه أن يدخله ليتم مهمته، دخل عم يحيي سليط ووجد جردلا مليئا بماء وكأنه وجد ضالته جلس عليه وبدأ في قضاء حاجته، ومع شعوره بالراحة والأمان للجردل وللمكان، أخرج عم يحيي علبة السجائر وأشعل سيجاره وازداد انجعاصاً وجلس يتأمل المكان مدندناً بمزاج عالٍ أغنية لكوكب الشرق وفور انتهائه وبعد أنا اتخذ قراره بالنهوض والرحيل رمي سيجارته في الجردل فهبت فجأه شعلة من النار حرقته وحرقت مؤخرته فقد كان يجلس علي جردل ممتلئ بالجاز وهرول والدي إليه بعدما انقلبت دندنته إلي صويت واستغاثة ( إلحقني يا بهجت) وساعده مشكوراً في إطفاء الحريق وأعتقد كان يكفي والدي أن يذكره بهذه الحادثة وبأنه أنقذ (........ ) من الحريق لتكون السبب الأدعي لاستفزازه طوال حياته وليس فقط في شهر رمضان. الله يرحمهم هما الاتنين..زمانهم هايصين سلامو عليكو