تصورت أن عنوان المسرحية يشير بسخرية إلي طبيعة الأحداث الجارية من الفساد والانفلات الأمني والبلطجة والنفاق وتغير المواقف وغيرها من أشياء تدهشنا هذه الأيام. وتفوق خيال صناع الكوميديا وتصورت أيضا أن المؤلف ربما أراد تحليل الضحك بشكل فلسفي باعتبار أن السخرية وليدة المرارة. وأنه لاشيء يضحك إلا إذا كان نابعا من مأساة تستحق البكاء المعني الوحيد الذي لم يخطر ببالي هو أن المسرحية تخلو فعلا من الضحك.. للأسف مافيش حاجة تضحك علي المسرح العائم! وعلي الرغم من وجود النجم الفنان جمال إسماعيل الذي اشتهر بأداء الأدوار التراجيدية والإنسانية فإنه في الأصل بدأ حياته بتقديم المسرحيات الكوميدية ولا ننسي دوره المميز في مسرحية سيدتي الجميلة في الستينيات مع الرائعين فؤاد المهندس وشويكار اخراج شيخ المخرجين المسرحيين حسن عبد السلام. جسد باقتدار دور حسب الله بعضشي شيخ منصر حارة حلال عليك والذي يقوم بإدارة مختلف الأنشطة المشبوهة من قتل وبلطجة وسرقة سيارات وهو والد النشالة( صدفة) بطلة المسرحية, ولا ننسي كذلك قيامه بدور الرجل المسطول علي الدوام في مسرحية سنة مع الشغل اللذيذ والذي شاركه بطولتها أبو بكر عزت وعدلي كاسب وليلي طاهر وإبراهيم سعفان. وقد لعب دور الرجل الذي يعثر علي أرض مزروعة بالخشخاش في الجزيرة المهجورة ويري بالتالي أن الحياة البدائية علي تلك الجزيرة أفضل من العودة للمدينة ومطاردات أجهزة الشرطة وأدوار أخري كثيرة لا يمكن أن تمحي من ذاكرة المسرح المصري كلها تتميز بحضور وخفة ظل وتمكن الفنان القدير جمال إسماعيل ويشاركه في بطولة العرض الجديد الفنان عهدي صادق الذي عرف بأدواره الكوميدية وشكل حجر الأساس في معظم مسرحيات سعيد صالح الاستعراضية.. كما تشارك في البطولة النجمة مونيا التي عرفها الجمهور من خلال دور الزوجة الرابعة في مسلسل الحاج متولي وهي في الأساس فنانة استعراضية ولها أكثر من تجربة في الغناء المنفرد اجتمع هؤلاء مع مجموعة كبيرة من نجوم المسرح الكوميدي ولكن مافيش حاجة تضحك والنص لكاتب مميز هو سعيد حجاج وله عدة تجارب ناجحة في السابق والاخراج لواحد من رواد المسرح الشعبي عبدالرحمن الشافعي الذي عرفنا بكنوز زكريا الحجاوي, وأبدع في مسرحة السير والحكايات الشعبية بالاضافة لعدة تجارب مختلفة في الاخراج المسرحي ولكن مع اجتماع كل هذه العناصر المبشرة مافيش حاجة تضحك النص يحكي عن فرقة مسرح متجول تروي للجمهور الجالس علي خشبة المسرح وامتداده في الصالة قصص ثلاثة سلاطين الأول قهر شعبه وسرقه بإسم المدنية والثاني استمر في الظلم والقهر والسرقة ولكن تحت ستار الدين والثالث سلطان تائه لا يجد شعبا يحكمه ويقابل رجلا حكيما قرر الهجرة مع ولده إلي أرض لا يجد فيها ظلما ولكنه لا يقبل كذلك أن يحكمه سلطان بغير قانون عادل مستمد من إرادة الناس الفكرة في حد ذاتها جيدة وقام جمال إسماعيل بدوري الراوي صاحب الفرقة المتجولة والرجل الحكيم وقام عهدي صادق بدور السلاطين الثلاثة وكأنما يريد المخرج أن يؤكد علي أن الفساد واحد مهما حاول التخفي أو ارتدي ملابس مختلفة السؤال هو لماذا اختفي الضحك في هذه المسرحية؟ في تصورنا هناك عدة أسباب أولها ترهل المسرحية بالشخوص الزائدة التي توجد طوال العرض ولا تؤدي دورا محوريا في الدراما فعلي سبيل المثال أعضاء فرقة المسرح المتجول داخل المسرحية تيمور مجدي عبد الحليم وصالح عادل طلبة وشوشو شهيرة كمال لسبب غير مفهوم لا يشاركون في حكايات السلاطين!! وإنما يظلون في أماكنهم للتعليق والتعقيب علي كل حدث وعلي كل مشهد بل أثناء المشهد نفسه. وهو مايشكل اهدار لطاقاتهم الكوميدية وهناك نوع ثان من المعقبين أو المحللين للأحداث هما أم علي عنبر وأم محمود رشا فؤاد ومشاهدهما مكررة ومساحة دوريهما لا تسمح لهما بإبراز الامكانات التمثيلية فضلا عن أنها تزيد في تعطيل الحدث الدرامي وهناك راو ثالث يعلق بالغناء هو الفنان الشعبي إسماعيل القليوبي وعلي الرغم من جمال صوته وتألقه فإنه تكرار لفكرة الرواة والمعلقين علي أحداث العرض شيء طبيعي أن يتوه المتفرج ويفقد متابعته للحدوتة البسيطة وبالتالي لا يجد موقفا دراميا ينتزع منه الضحك فإذا أضفنا لهذا أن شكل المسرح المتجول والمحبظاتية والمخلبصاتية والعرض داخل العرض قد قدم عشرات المرات ولم يعد في ذاته يثير الضحك أو الدهشة لاكتشفنا أسباب تراجع الضحك بقيت ملحوظة أخيرة مهمة هي ضرورة اختصار أو حذف مشاهد الاستظراف المخل مثل السؤال عن قصر الأمير طاز وهل هو طاز فعلا أم اسم آخر فلا يمكن أن يستدرج فنان بقيمة وقامة وتاريخ جمال إسماعيل لمثل هذا النوع من استجداء الضحك وفي النهاية مافيش حاجة تضحك!