هل هو نداء استغاثة أم زئير إيقاظ؟ الرئيس السيسي يضغط علي حروف كلمات يعنيها تماما: نحن أمة في خطر، تدافع عن نفسها، وتحمي نفسها، وتنهض لتستعيد مكانتها. في كل تجارب التاريخ، تنتفض الأمم للدفاع عن وجودها، واستمرارها، ومستقبل أجيالها، وحين تتهددها المخاطر، أو يقترب من حدودها الاعداء، أو يخترقها الخونة، فلا بديل سوي المواجهة، والتصدي بقوة وحسم لكل مصادر التهديد، بالطبع ليس دفعة واحدة، وإنما وفق رؤية تحدد الاولويات، وعلي أساسها تصاغ الخطط، التي تشير للعدو الرئيسي، والحلفاء الحقيقيين، ولا أقول الطبيعون، فثمة فارق هائل يفرضه واقع مرير. لا يكفي أن تستشعر القيادة الخطر، أو أن تتحمس الجماهير للنفير، فقد يستوي في ذلك أمم من البشر، مع ممالك الحشرات، لكن الفارق يكمن في درجة الوعي التي تترتب عليها قراءة دقيقة لملامح المشهد يتحدد في ضوئها مصادر الخطر، ومن ثم آليات المواجهة، وفق استراتيچية شاملة تتجاوز دفقات الحماس اللحظي إلي امتلاك عناصر القوة اللازمة لمواصلة حرب قد تطول. منطق اذهب أنت وربك فقاتلا، أو الاكتفاء بالجهاد بالقلب، أو رفع أكف الضراعة بالدعاء، كلها أمور تقود الأمم إلي الهلاك، فالخطر أكثر تعقيدا من كل ما سبق أن واجهناه علي مر التاريخ، من ثم فإن الوعي الجمعي بشروط وتكاليف المواجهة وحده الكفيل بأن تتجاوز الأمة لحظة الخطر الوجودي الذي يهدد الجميع دون استثناء. إنها لحظة تفرض علي كل مواطن مسئولية في تقرير مصير أمته، ولا خيار سوي استنفار الطاقة الكامنة باعماقنا لمواجهة الخطر بقدرة استثنائية علي الصمود في الفعل، ومواصلة الحركة في الاتجاه الصحيح.