أحمد صلاح يقضى يوم إجازته فى بيع البالونات داخل حديقة الحيوان يقول شاعرنا الراحل الجميل صلاح جاهين في واحدة من رباعياته التي لحنها الموسيقار الراحل سيد مكاوي وغناها المطرب علي الحجار: ولدي اليك بدل البالون 100 بالون. انفخ وطرقع فيهم علي كل لون. عساك تشوف مصير الرجال. المنفوخين في السترة والبنطلون. تجده في اكثر الاماكن المليئة بالأسر والاطفال في ايام الاجازات ومناسبات الاعياد, يحمل مجموعة كبيرة من البالونات بمختلف الالوان تلتف فوق ظهره وكتفيه, ينفخ في البالونات الملونة ثم يجدلها بحرفية مع بعضها ويلف حولها بالون دائري بحجم رؤوس الاطفال لكي يضعوها علي رؤوسهم كقبعات, زحام شديد من حوله من الاباء والابناء الصغار كل منهم يطلب منه ان يصنع له توليفة من البالونات ذات الالوان المبهجة, انتظرت حتي يخف الزحام من حوله كي استطيع الحديث معه وكلما بدأنا في الحوار يأتي من الاطفال مايقطع حديثنا. انه أحمد صلاح الذي اقترب علي العقد الثالث من عمره, حاصل علي دبلوم صنايع ميكانيكا تركيبات من قسم هندسة سيارات, يعمل في واحدة من الشركات الخاصة المتخصصة في هذا المجال, متزوج ولدية ولدان لم يلتحقا بعد بالمدرسة, يتميز بالرضا والقناعة بما يحصل عليه من راتب في الشركة التي يعمل بها لكن «الحياة غالية والاسعار نار ومتطلبات اي بيت لا تنتهي» علي حسب قوله, لذلك يذهب أحمد كل يوم خميس بعد العمل إلي منطقة الفجالة لشراء البلالين بسعر الجملة, ومن ثم يستغل يوم اجازته من العمل ويأتي كل يوم جمعة إلي حديقة الحيوان بالجيزة ويحمل معه مجموعة من البالونات التي يكون قد اعدها في صباح نفس اليوم, يعلقها علي كتفيه لبيعها للاطفال الذين يجبرون آباءهم علي شرائها للاستمتاع بها اثناء زيارة الحديقة ومعه مجموعة اخري من البالونات التي يقوم بنفخها وجدلها مع بعضها البعض حسب الالوان التي يطلبها كل طفل, فهذه المهنة التي يمارسها كل يوم جمعة وفي مناسبات الاعياد تشكل له مصدر دخل اضافي يعاونه في متطلبات أسرته, وتحقق له هامش ربح معقول, حيث انه يبيع البالون الواحد بجنيه, اما الثلاث بالونات المجدولة يبيعها بثلاثه جنيهات, ومع قرب انتهاء موعد الزيارة لحديقة الحيوان يضطر إلي ان يتنازل في سعر البالونات المنفوخة إلي النصف حتي لا يعود بها إلي المنزل بسبب صعوبة ركوب اي وسيلة مواصلات وصعوبة تخزينها وبقائها للجمعة التالية. احمد اخذ فكرة نفخ وجدل البلالين بطريقة فنية من شقيقه الاكبر «سائق تاكسي» سبقه في مهنة بيع البلالين, وقد تعلم منه حرفية جدل ثلاث بالونات او اربعة مع بعضها, بالاضافة إلي انه يشعر بسعادة كبيرة عندما يلتف الاطفال من حوله ويري الفرحة والابتسامة علي وجوههم وهم يتسلمون منه البالونات التي اختاروا ألوانها بنفسهم, احمد طموحه بسيط يتلخص في ان يسود الامان كافة شوارع مصر, لان الامان يعني الاستقرار, ويعني مزيدا من فرص العمل, ويعني اقبال مزيد من الناس علي حديقة الحيوان في يوم الاجازة التي يبيع فيها ما ينفخه من بلالين, وقال انه سعيد في حياته متمنيا ان يعم الله الامن والامان والسلام علي مصر, واكد انه حزين لما يجري للشباب ممن هم في نفس عمره الذين تضطرهم ظروف انعدام فرص العمل للسفر إلي الخارج وتتعرض حياتهم لخطر الارهابيين مع انهم تركوا أسرهم وبلدهم من أجل لقمة العيش .