فاقت تصرفات تنظيم "داعش" وجرائمه الوحشية كل خيال وانتهكت ستر كل القيم الإنسانية والدينية، ما يستلزم القصاص من هذا التنظيم المتطرف ليس فقط بسبب وحشيته بل لردعه لإساءته للإسلام وتشويهه صورة الدين الحنيف. القضاء علي داعش اصبح ضرورة حتمية تستوجب تشكيل تحالف عسكري دولي لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي المتطرف في العراق وليبيا وسوريا. في نفس الوقت يجب تفعيل دورمجلس الأمن الدولي، فيما يخص حماية الأمن والسلم الدوليين واستخدام القوة المسلحة تحت مظلة الأممالمتحدة لدحر قوي الإرهاب. وذلك بعد ان أثبتت الايام ان الضربات الجوية وحدها لا تستطيع تخليص الدنيا من شرور داعش وفك اسر المناطق التي يسيطر عليها، فالهجوم البري اصبح لاغني عنه الا ان القوات المتوافرة الان لشن هذا الهجوم غير كافية. ومنذ ظهور "داعش" كقوة إقليمية كان من الواضح أن الولاياتالمتحدة ستواجهها بقوة جوية كبيرة. فهؤلاء المتشددون يمثلون تحدياً كبيراً لاستقرار المنطقة في العراق. وحتي بغير عمليات قطع الرقاب المستفزة للصحفيين الغربيين والقتل الجماعي للأقليات العرقية والطائفية وسوء معاملة النساء فقد أصبح من مصلحة الولاياتالمتحدة الاستراتيجية إلحاق الهزيمة ب«داعش»، وعندما أعلن أوباما بدء القصف الجوي في سبتمبر، ربما، لم تكن قيادة التنظيم نفسه تعرف أنها ستصمد أمام هذا القصف. الا ان امريكا سرعان ما اكتشفت ان القصف المتواصل منذ ذاك الحين فشل في ازاحة داعش من اي سنتيمتر من الاراضي التي يسيطر عليها. لكن مم ستكون القوات التي ستخوض الحرب البرية، المنطق يقول ان المصدر الوحيد لها يجب ان يخرج من الأطراف الإقليمية صاحبة المصلحة في دحر «داعش» وإلحاق الهزيمة به. لكن بعض هذه الاطراف – ولها كل الحق في هذا التفكير – لها حساباتها التي تخشي معها من التورط في هذه الحرب البرية التي لا يعلم مدي خسائرها البشرية الا الله. هزيمة داعش ممكنة ومع ذلك فقد ثبت من طرد تنظيم "داعش" من مدينة كوباني السورية أن هزيمة هذا التنظيم ممكنة. ويعطي الأمل في أن التحالف بين القوي المحاربة لداعش علي الأرض وبالتزامن مع الضربات الجوية، يمكن أن يحقق النتائج نفسها في مناطق أخري. لكن يجب أن يبقي المرء واقعيا في توقعاته أيضا. فلعل تنظيم "داعش" قد فقد بهزيمته في كوباني هالة انتصاراته، لكن خطره مازال قائما ولم ينته بعد. فكل هزيمة يتلقاها علي الأرض يزداد معها شراسة ووحشية وبالتالي سيزداد خطر انتقال ارهاب وجرائم هذا التنظيم إلي مناطق ومدن أخري.ولعل سيطرته علي مدينة البغدادي في الانبارمؤخرا تؤكد ذلك. ومع ذلك لا يزال الخبراء العسكريون يرون ان هناك فرصة كبيرة لالحاق الهزيمة ب"داعش" في مناطق عديدة بالعراقوسوريا. لكن الأمر الأهم حتي يتحقق ذلك هو ايجاد حل للمشاكل السياسية، التي تسببت في ظهور هذا التنظيم بهذه القوة: ففي العراق يجب ادماج السُنة بشكل أفضل في العملية السياسية فهزيمة داعش لن تتم الا بتوحد العراقيين ضدهم وازاحة الطائفية جانبا. وفي سوريا يجب الوصول لحل سياسي ينهي الحرب، دون مكافأة نظام الأسد الظالم. كما يجب أن يشمل الحل الأكراد أيضا، وايجاد تفاهمات مع تركيا التي ترفض ظهور دولة كردية في المنطقة، وهو المطلوب ايضا عند التعامل مع إيران التي لا يمكن القضاء علي ما سببته داعش من ازمات دونها. وقبل كل ذلك فان حلا لن يتحقق للازمة دون السعودية التي من المنتظر ان تلعب دورا قويا في استقرار المنطقة في المستقبل. ويري الكاتب والمحلل السياسي المقرب من الحكومة العراقية جاسم الموسوي، أنه لا يمكن للتنظيم أن يستمر باقيا في العراق حيث البيئة غير مواتية له، في ظل سلوكه الطائفي الأشد من نفس السلوك الذي اتهمت به الحكومة العراقية. من جهته، يري لاري كورب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق وكبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي أن الصراع بين الجيش العراقي وداعش سيستمر لمرحلة طويلة الأمد، لكن في نهاية المطاف سيتم تقويض التنظيم. تجفيف موارد التنظيم من جانب آخر بجب العمل علي تجفيف مصادر تمويل تلك التنظيمات المتطرفة تنفيذا لقرار مجلس الأمن الصادر قبل أيام. ويلزم القرار -الذي أعدته روسيا- الدول الأعضاء بالامتناع عن إبرام صفقات مباشرة أو غير مباشرة مع التنظيم أو من يتعامل معه، كما يطالبها بالإبلاغ عن الحالات التي يتم فيها ضبط شحنات نفط مهربة. ويشدد القرار إجراءات منع تهريب الآثار السورية والاتجار بها، كما يؤكد ضرورة تنفيذ قرار سابق من المجلس يحظر علي الدول دفع فديات مالية لتحرير الرهائن. وقد جاء قرار مجلس الأمن، وسط استعدادات لهجوم بري واسع ضد تنظيم داعش في العراق، وبعد يوم واحد من طلب الرئيس الأمريكي، بارك أوباما، من الكونغرس تفويضا مدته ثلاث سنوات لاستخدام القوة العسكرية للقضاء علي داعش في تغير علي ما يبدو لإستراتيجية إدارته في مكافحة الإرهاب.