مجتمع المعلومات والمعرفة

قلادة النيل وسيدة الشاشة العربية

هل ستمنح مصر قلادة النيل لاسم سيدة الشاشة العربية ؟ قلادة النيل العظمي هي أرفع درجة تكريم مصرية، وتمنح للأشخاص الذين قدموا إسهاما مميزا يؤثر علي حياة المصريين، كما تمنح للمصريين فائقي التميز. وفاة فاتن حمامة أحدثت زلزالا للأمة العربية. بلغني الخبر من أحد الشخصيات العربية قبل أن نسمعه رسميا من الإعلام المصري... ثم تتابعت موجات العزاء وتوابع الحدث الجليل حتي كتابة هذه السطور. وفاة فاتن حمامة هي أحد أهم أحداث القرن لما جسدته ومثلته كسيدة وكفن وكأخلاق وكتميز. فاتن حمامة تستحق أن يطلق عليها بجدارة سيدة الشاشة العربية بل سيدة القرن العربية... إذا كانت أم كلثوم سيدة عصر فإن فاتن حمامة سيدة القرن... لا أعتقد أن هناك سيدة في مصر والعالم العربي دخلت قلوب المصريين والأمة العربية من محيطها إلي خليجها مثل فاتن حمامة. هي بحق نجمة القرن ساهمت في تمثيل وإنتاج أكثر من ثمانين فيلما وكانت رمزا للفن الرفيع عبر مسيرة حياتها بل كانت رمزا للبنت المصرية والشابة والسيدة والجدة المصرية عبر 83 عاما... حكايتها هي حكاية مصر التي نريدها، ابتسامتها هي ابتسامة مصر... تواضعها هو تواضع المصريات... بل صدقها وآرؤها هي انعكاس لصدق وآراء المرأة المصرية المحترمة... ولدت فاتن حمامة في 27 مايو 1931 وتوفيت في 17 يناير 2015. مثلت أول أفلامها «يوم سعيد» حين كان عمرها سبع سنوات مع محمد عبد الوهاب والذي أخرجه محمد كريم. وبعد أربع سنوات اختارها محمد كريم لتمثيل فيلم «رصاصة في القلب « مع محمد عبد الوهاب وبعد عامين مثلت فيلم دنيا. وفي عام 1946 التحقت بالمعهد العالي للسينما وبدأت مشوارها الفني بالعمل الرئيسي مع الفنان الكبير يوسف وهبي في ملاك الرحمة وكان عمرها 15 عاما. ثم قامت بتمثيل ثلاثة أفلام من عام 1949 وهي:» كرسي الاعتراف» و»اليتيمتين» و»ست البيت». وفي الخمسينيات بدأ العصر الذهبي للسينما المصرية وتصدرت فاتن حمامة الشاشة العربية بعشرات الأفلام ودخلت قلوب ملايين المصريين والعرب بالفن الرفيع والتمثيل المعبر وكانت بحق رمزا فريدا ومتميزا للفن والفنان... أعمال فاتن حمامة هي سجل عصر وحكاية مجتمع وحياة وطن منها : أبو زيد الهلالي، موعد مع الحياة، أيامنا الحلوة، سيدة القصر، نهر الحب، أريد حلا، إمبراطورية ميم، وصراع في الوادي، والأستاذة فاطمة وغيرها... وشاركت بالتليفزيون المصري بمسلسل ضمير أبله حكمت. يسجل لفاتن حمامة مواقف وريادة اجتماعية ومنها ما أدي إلي قانون الخلع بعد صراع بدأ مع فيلم أريد حلا، ودور المطلقة الأم في المجتمع بعد فيلم إمبراطورية ميم. ومن روائعها الفنية أيضا : دعاء الكروان، ولا تطفيء الشمس، وبين الأطلال، الحرام، وحكاية العمر كله، والخيط الرفيع، وشئ في حياتي وغيرها... ولما كانت وفاة فاتن حمامة صدمة للمصريين والعرب كانت جنازتها صدمة أكبر... كما ذكر لي احد الشخصيات العربية الكبيرة كنا نتمني أن نري وداعا يليق بسيدة العرب ويليق بمصر حكومة وشعبا... كنا نتمني وداعا يليق بسيدة القلوب العربية وإمبراطورة الشاشة ورمز للمرأة المصرية المحترمة النبيلة المهذبة. ذكر أيضا أن مصر هي احمد شوقي شعرا، ونجيب محفوظ كتابة، ومحمد عبد الوهاب موسيقي، وأم كلثوم غناء، وفاتن حمامة تمثيلا... وهم أعمدة لتاريخ مصر الحديث... ما قدمته فاتن حمامة للفن وللمرأة ولمصر يليق بتكريم حقيقي لاسمها تكريما يقوده السيد رئيس الجمهورية ويتم إعداده بالحكومة ووزارة الثقافة وقادة المسيرة الفنية والثقافية في مصر... فقدنا ونفقد رموزا لعصور هم مصر التي نعرفها ومصر التي نحلم بها ومصر التي نأمل أن تبقي في قيمها وعطائها وأخلاقها ونبلها وحبها وتواضعها... حياتنا كلها تبدأ وتنتهي ويبقي منها العمل الصالح... موجات الحب الصادق، وصفحات المقالات النابضة، وبرامج الفضائيات العربية، وصفحات التواصل الاجتماعي، وأحاديث الذكري الجميلة التي تتوالي منذ الوفاة كلها تمثل زلزال حب وموجات وفاء لفاتن حمامة لاسم دخل القلوب ومشاعر تملأ كل المصريين والعرب... عزاء من القلب للأستاذ الجليل الدكتور محمد عبد الوهاب ولأبنائها ولأهل مصر ولكل أسرة عربية... ويتساءل المصريون والعرب :هل يبادر الرئيس عبد الفتاح السيسي كما عود المصريين علي الوفاء والحق حتي الآن أن يبادر بمنح اسم الفنانة الكبيرة فاتن حمامة قلادة النيل العظمي أسوة بمنارات وطنية وأسماء جليلة مثل السيدة أم كلثوم والسادة محمد عبد الوهاب وطه حسين ونجيب محفوظ (الطبيب) ونجيب محفوظ (الكاتب) وغيرهم ؟