أرض واحدة يتنازع عليها شعبان.. الفلسطينيون يعتبرونها أرض الأجداد وهو حق أصيل لهم وتاريخ لاخلاف عليه، وليس المجال هنا لسرده علي مدي 41 قرنا من الزمان.. ولكن اليهود أيضا يعتبرونها أرض الميعاد.. ومن هنا تولدت قضية العرب ومشكلة المشاكل العالمية مع الاعتراف بقيام دولة إسرائيل في 8491 وبعد قيام هذه الدولة من طرف واحد.. وهو الأمر الذي يحرمه إسرائيل وبمساندة أمريكية وأوروبية علي الفلسطينيين الآن، حتي لو كانت مجرد دولة علي الورق عضو بالأمم المتحدة ومحتلة في الواقع من إسرائيل. مشوار من الكفاح الفلسطيني المسلح.. والحروب العربية الإسرائيلية، ثم طريق الكفاح الدبلوماسي الذي وصل إلي طريق مسدود بعد فشل الجهود الأمريكية في الحفاظ علي مسيرة المفاوضات وبالحد الأدني من الالتزام الاسرائيلي بحسن النية في السلام بوقف عمليات الاستيطان في القدسالشرقية وأراضي الضفة الغربية.. ولوحت السلطة الفلسطينية بالعديد من الخيارات. الواحد تلو الآخر، والغريب إن كان من بين هذه الخيارات إقامة دولة فلسطينية اسرائيلية واحدة، يعيش فيها الفلسطينيون والاسرائيليون مندمجين، وليست دولتين تعيشان جنبا إلي جنب، فيبدو أن الجوار لن ينفع وأن الذوبان في بعضهما هو الحل.. وهو الاقتراح الذي عرضه قائد الثورة الليبية معمر القذافي منذ سنوات تحت عنوان دولة »إسراطين«.. ورغم ان الاقتراح لم يجد طريقا حتي للتفكير فيه أو مناقشته إلا أن العقيد القذافي لايزال مقتنعا به تماما ويري أنه لا حل نهائيا لمشكلة الشرق الأوسط إلا بتلاحم الفلسطينيين والاسرائيليين في دولة واحدة.. وما دون ذلك حتي لو تم التوصل إلي حل آخر ولو بإقامة الدولة الفلسطينية سيكون حلا مؤقتا ولابد ان ينشب الصراع مرة أخري.. استند القذافي في اقتراحه إلي آراء مؤرخين وسياسيين عرب ويهود، ما قبل اعلان دولة اسرائيل، وبعد ذلك. كما أعتمد علي أسس تاريخية وجغرافية.. وقدم القذافي عرضا وافيا لذلك في الكتاب الأبيض »اسراطين« يري أن الحل الوسط دولة واحدة، يشعر كل طرف أنه يعيش فوق كل الأرض المتنازع عليها وغير محروم من أي جزء منها مع العودة الكاملة لجميع اللاجئين الفلسطينيين للحياة في مدنهم وبيوتهم القديمة كما كانوا أو كما عاش أجدادهم. والطريف في الأمر ان كل المشروعات التي كانت مطروحة قبل عام 84 لاقامة دولة واحدة، كانت في إطار البحث عن حل لمشكلة اليهود الأقلية في شكل حكم ذاتي لهم أو مدن يعيشون فيها، مثلما هو الحال الآن مع الفلسطينيين، ومن بين هذه المشروعات والتي عرضها القذافي مشروع واكهوب المندوب السامي البريطاني في بداية الثلاثينيات ومشروع الكتاب الأبيض البريطاني عام 93 ومشروع اللورد مورسون. ودعوة الحاخام بنيامين لاقامة دولة ذات قوميتين وكذلك اقتراح مئير عميت أحد قادة منظمة »الهاجانا« بقيام دولة فيدرالية القدس عاصمتها.. ومنها أيضا أطروحة الصهيونية الألمانية في مؤتمر 1291 ومن المشاريع العربية التي تبنت هذا الاقتراح الملك عبدالله ونوري السعيد عام 24 . ويري العقيد القذافي في النهاية أن الحل الجذري للمشكلة الآن إقامة دولة واحدة للفلسطينيين واليهود أسماها إسراطين يتحرك فيها الفلسطيني والاسرائيلي كيفما شاء.. وليسمي كل طرف اسم مدنها كيفما يريد.. من يعلم؟!