تحدثت الدكتورة مني مكرم عبيد عن التفرقة بين المصريين علي أساس الدين والعقيدة، وهو ما نطالب معها بالتصدي له مادمنا نتوقع من مجلس الشعب الحالي أن يطرح قانون دور العبادات الموحد في هذه الدورة، ولا يؤجله كما فعل خلال العشرين عاما الماضية! قانون دور العبادة الواحد، الموحد، أصبحت الحاجة إليه في هذه الأيام أكثر إلحاحا مما كانت عليه قبل أن يندلع التوتر الطائفي كما اندلع وانتشر الآن. ربما يكون عدد المساجد والكنائس أكبر وأكثر من احتياجاتنا. أو ربما يري كثيرون أن مصر في حاجة إلي مستشفيات ومدارس ومصانع بعد أن اكتفت بمساجدها وكنائسها ومعابدها. لكن مجرد احساس طرف من الطرفين أن الدولة تدلل الأغلبية، ولا تضع العراقيل لمنع أو تأخير بناء أماكن عبادة جديدة، في الوقت الذي تعاني فيه الأقلية من صعوبة الحصول علي مثل هذه التصاريح، نتيجة تعنت »زيد« أو »عبيد« من السادة الوزراء المحافظين في تأجيل النظر في طلب التصاريح، والتفنن في ايجاد الأعذار التي تمنع الموافقة علي ترميم مكان عبادة متهالك، وتنسف مبررات هدمه وإقامة آخر مكانه! ولم تنس د. مني عبيد أن تشير إلي ما يأمل فيه المصريون المسيحيون من إعادة الاعتبار لديانتهم السماوية، بإحداث تعديلات وتغييرات عديدة في مناهج التعليم في مدارسنا.. بديلا عن الأكاذيب والمغالطات التي تسيء إلي المصريين غير المسلمين، من جهة، وإدخال معلومات جديدة من جهة أخري علي تلك المناهج بحيث يتعلم أطفالنا وتلاميذنا أهمية المواطنة، ومحبة الآخرين الذين نص الدستور والقوانين علي المساواة التامة بين المصريين في الحقوق والواجبات، ويجب ألا ينظر إلي طرف بنظرة مغايرة للطرف الآخر. هل هناك من يعترض، أو يطلب مهلة للبحث والفحص والتمحيص قبل الموافقة، علي ما طالبت به الدكتورة مني عبيد في حديثها مع صحيفة »لوفيجارو« الفرنسية؟! لا أظن. وفي الوقت نفسه لا أتصور ان المطالبة بتغيير المناهج الدراسية خاصة تلك التي تم حشرها ونجحت في تسميم عقول وقلوب صغارنا، وحولت بعضهم إلي متعصبين، متطرفين، يكرهون أكثر مما يحبون، ويعادون أضعاف من يصادقون. لا أعرف كم عدد المرات التي طرحنا وتحدثنا فيها عن كوارث مناهجنا التعليمية، وطالبنا أولي الأمر فيها بأن يعيدوا للعلم والتعليم أولويتهما العظمي في حياتنا، لعل وعسي ننجح في اللحاق بعد عمر متوسط أو طويل بالدول الصغيرة التي سبقتنا، وبالجامعات التي أنشئت منذ بضع سنوات وليس مثل كبري جامعاتنا التي احتفلنا في العام الماضي بمرور 001 سنة علي إنشائها، وكانت أبرز المنارات التعليمية والتثقيفية في منطقتنا الأوسطية! كلام معاد. وقد تراه مملا.. لكن لا بأس بالحرص علي ترديده بالأمس واليوم وغدا. فالكلام هو ما نملكه، أما التنفيذ فمسئولية من يملك أدواته وقدراته. أعجبني ان الدكتورة مني عبيد لم تكتف بالحديث عن المعوقات التي يعاني الأقباط من استمرارها، وإنما وجهت في حديثها المنشور نصيحة رائعة لنفسها ولغيرها قائلة: »البعض يتصور أن أقباط مصر يضيعون وقتا طويلا في ابداء الشكوي، في الوقت الذي يتحتم عليهم مضاعفة مشاركتهم الايجابية في حياتنا السياسية والحزبية.. رغم كل تلك المعوقات«. ضربت د. مني مثالا بنفسها عندما قررت ترشيح نفسها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وقتها سمعت الكثير من »نصائح« حاول أصحابها اقناعها بالعدول عن ذلك خاصة أن دائرتها الانتخابية في شمال القاهرة تعتبر معقلا انتخابيا لجماعة الاخوان المسلمين. ورفضت د. مني عبيد النصيحة، وخاضت أيام وليالي المعركة الانتخابية وسط ترحيب أبناء الدائرة وغالبيتهم من المسلمين، ولم يحدث أن شعرت أو أحست أن وجودها، أو ترشحها، غير مرغوب فيه. فسرت د. مني أسباب المشاعر الطيبة التي قوبلت بها خلال جولاتها وزياراتها قائلة بأنها تعود إلي اسمها الذي ساعدها كثيرا، حيث يحظي باحترام الجانبين: المسلمين والمسيحيين، وهو ما يثبت أن ما يقال ويتردد ليس صحيحا، أو صائبا.. أحيانا. وعن نظرتها إلي مستقبل أقباط مصر، قالت د. مني أن كثيرا من الشباب يشعرون بالرغبة في الهجرة، خاصة في هذه الأيام الصعبة التي يتصاعد فيها التوتر الطائفي الخطير. لكنها أي د. مني مكرم عبيد تريد أن تعتقد بأنه في امكاننا التصدي لهذا كله من خلال النظام السياسي الديمقراطي، والأكثر انفتاحا وشفافية.. حيث يطبق القانون علي الجميع. اختتمت د. مني عبيد حديثها قائلة: »إن مصر تحتاج إلي العودة إلي المبدأ المؤسسي لحزب الوفد، والقائل: الدين لله والوطن للجميع«. شكرا للدكتورة مني مع أطيب تمنياتي لها ولجميع الاخوة المصريين الأقباط بعيد ميلاد سيدنا عيسي عليه السلام.