«فاقد الشئ لا يعطيه».. هذا هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة التي تملأ العالم صخبا وضجيجا بدعوي «الدفاع عن حقوق الإنسان» ودأبت علي استخدامه كشعار للتدخل في شؤون الدول الأخري رغم أنها أول من يدهس هذا الشعار تحت الأقدام وترتكب المجازر تلو الأخري سواء في العراق وقبلها في أفغانستان. ولم يكن تقرير الكونجرس الأمريكي الذي كشف عن وحشية التعذيب الذي مارسته المخابرات الأمريكية في استجواب المشتبه بهم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 إلا تأكيدا علي ازدواجية المعايير لدي الدولة الأكبر في العالمالتي دائما ما تتباهي بحماية الحقوق ونصرة المظلوم وفي الحقيقة ما هي إلا «أكذوبة» صدرتها الولاياتالمتحدة للخارج لتحقيق أهداف التوسع وفرض الوصاية السياسية علي دول العالم.. فبأي وجه سيخرج الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد تقرير الكونجرس الموجع أمام العدسات وهو يرتدي بزته الأنيقة وربطة عنقه المنسقة ليهاجم هذا وينتقد ذاك بدعوي انتهاك حقوق الإنسان وقد استخدم محققوه أساليب تعذيب غير مسبوقة في استجواب المعتقلين الذين انتهكت كرامتهم وضربت بحقوقهم الإنسانية عرض الحائط فتم تجويعهم وحرمانهم من النوم لأيام طويلة وصعقهم بالكهرباء وإهمالهم صحيا وتعذيبهم جنسيا ومنعهم من قضاء حاجتهم وغيرها من الأساليب الوحشية. لن يشفع لأوباما الاعتذار والتعهد بعدم تكرار ذلك بعد الآن لكنه مطالب بتفعيل مبدأ المحاسبة لمن تورط في تلك الفضيحة وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق جورج بوش الذي كانت فترة حكمه هي الأسوأ علي بلاده. كما آن الأوان لدول العالم لاسيما العربية منها والتي ينحدر منها معظم المعتقلين أن تدرك أنه حان الوقت للولايات المتحدة أن تدفع ثمن انتهاكاتها المستمرة لكافة المواثيق الدولية والقوانين الإنسانية. كذلك آن الأوان للمنظمات الحقوقية الدولية التي تتشدق هي الأخري بالدفاع عن حقوق الإنسان أن تتخذ مواقف جادة ضد واشنطن تجاه ما ظهر.. وما خفي كان أعظم.