سودانىون جنوبىون ىحملون لافته وىرددون هتافات مؤىدة للانفصال خارج مطار جوبا »صورة من أ. ب« مع بدء العد التنازلي للاستفتاء علي مصير جنوب السودان تتواري شيئا فشيئا اللغة الانشائية التي يستخدمها المتعاطفون مع الوحدة ويختفي الحديث عن الاستعداد للفداء بالروح والدم والموت النبيل من أجل وحدة تراب الوطن.. وتساوي كثير من الشماليين مع الجنوبيين في القناعة بأن الانفصال قادم لا محالة وأن كل الجهود التي بذلت لترغيب الجنوبيين في الوحدة كانت كالحرث في الماء أو مثل قبض الريح. يتولد هذا الانطباع عند الزائر للوهلة الأولي ويتعمق تدريجيا كلما استمع الي أحاديث حتي البسطاء والعاديين في الشوارع. لكن استحضار الوضع الجديد القادم يمتزج دائما بالاحساس بالمرارة والشعور بأن السودان مستهدف تتداعي عليه القوي الاجنبية الراغبة في تمزيق أوصاله. وفي محاولة للتعامل مع الوضع المنتظر بدا الناس في الشمال يتلمسون ايجابيات للانفصال إذا قرر الجنوبيون ذلك. وقال الدكتور ياسر محجوب رئيس تحرير صحيفة الرائد وهي صحيفة حزب المؤتمر الوطني الحاكم والمتحدثة باسمه ان كل الطرق تؤدي للانفصال طوعا أو كراهية من خلال الاستفتاء أو حتي بدونه. وأوضح ان الخيار في الاستفتاء لن يكون بين الانفصال أو الوحدة ولكن بين الانفصال أو الحرب لانه اذا اختار المواطن الجنوبي الوحدة فلن يسعد هذا زعماء الجنوب وسيشعلونها حربا أشد شراسة من كل الحروب السابقة. وأضاف ان المشهد العالمي ايضا يشجع هذا الاتجاه مشيرا بشكل خاص الي موقف الولاياتالمتحدة التي لا تخفي رغبتها في ان تري سودانين بدلا من سودان واحد علي خريطة افريقيا. ووصف واشنطن بانها تمارس دور المشجع للزعماء الانفصاليين في الجنوب. وأضاف ان الحروب المريرة التي خاضها السودان علي مدار أكثر من خمسين عاما اوصلت القيادة السياسية الي قناعة بأنه يتعين دفع أي ثمن مقابل السلام حتي لو كان ذلك الثمن هو الطلاق بين الشمال والجنوب وانقسام البلاد الي شطرين. وأضاف ان الانفصال حقيقة قائمة اصلا علي الارض منذ فترة طويلة وحتي في سنوات الحرب قبل توقيع اتفاقية السلام. ولخص وجهة نظره بالقول ان كل الطرق تؤدي الي الانفصال وان الانفصال مع حسن الجوار افضل من الوحدة مع الحرب. وقال ان اتفاقية السلام تضمنت الكثير من البنود الصعبة واشدها قسوة ومرارة هو بند تقرير المصير لكن الحكومة قبلتها من أجل وقف نزيف الدم المستمر منذ اكثر من خمسة عقود. وعلي ما يبدو ان الجميع تهيأوا في شمال السودان للانفصال فلا تساورهم الاوهام بشأن نتيجة الاستفتاء المزمع. وحتي البسطاء والناس العاديين في الشوارع التي اصبحت خالية الآن من كل الجنوبيين بعد سفرهم الي الجنوب. ويقول الطيب احمد عبده »73 عاما« وهو حاصل علي ماجستير في علم الاجتماع السياسي ان الروابط ضعيفة بين الشمال والجنوب ولم تنجح السنوات الطويلة الماضية في إذابة الجليد المتراكم خاصة في ظل الاختلاف في اللغة والدين والعادات والتقاليد. ويضيف ان اتفاقية السلام كانت تعطي الجنوب نسبة 001 في المائة من الحكم في الجنوب و72 في المائة من المناصب في الحكومة الوطنية وفي حكومات كل الولايات علي مستوي البلاد. وقال ان الجنوبيين كانوا يعيشون عالة علي الشمال ولم يستفد الشمال منهم بشيء قبل بدء تصدير البترول في عام 9991. ويقول أمير عطية الذي يعمل صحفيا في التليفزيون السوداني ان الانفصال افضل من البقاء في رق وعبودية اتفاقية السلام التي تمنح الجنوبيين ربع الوظائف في كل الوزارات والمصالح الحكومية حتي لو كانوا يفتقرون الي التعليم والخبرة اللازمة.